هل "روابي" بداية استراتيجية جديدة للحوثيين في مضيق باب المندب؟

  • 45

تقرير العدد الورقي

هل "روابي" بداية استراتيجية جديدة للحوثيين في مضيق باب المندب؟

السلوك الحوثي استنساخ لنشاط إيران في مضيق هرمز

عملية الخطف توجه النظر نحو الموانئ اليمنية الواقعة تحت سيطرة الميليشيات

ميناء الحديدة مدخل رئيسي لسلاح طهران

تقرير- شريف ربيع

لا يكف الحوثيون عن إثارة القلاقل هنا وهناك، ويبدو أن مضيق باب المندب التاريخي على موعد مع مرحلة جديدة يكون لها صدى كبير في ساحة الأمن المائي بالمنطقة، بعدما أقرت ميليشيا الحوثي المسلحة قرصنتها سفينة "روابي" الإماراتية في البحر الأحمر. 

وما يجعلنا ننظر تلك النظرة أن عمليات الحوثيين بدأت تأخذ طابعًا مختلفًا يعتمد على تكثيف عمليات القرصنة بعدما كانت تكتفي باستهدافها فقط عن طريق الزوارق المفخخة ومن ثَمَّ تعطيلها أو إصابتها بأضرار بالغة أو نسبية؛ وهو ما يفتح باب التساؤلات حول ما إذا كان هذا الحدث مجرد سلوك انتقامي أم استراتيجية جديدة يتبناها الحوثيون في التعامل مع الماء المجاور لمناطق سيطرتهم الغربية؟

نقلت وكالة الأنباء السعودية يوم الأحد الماضي عن العميد تركي المالكي، المتحدث باسم التحالف العربي، قوله: "السفينة كانت في طريقها إلى ميناء جازان السعودي قادمة من جزيرة سقطرى اليمنية، وكانت تحمل على متنها كامل المعدات الميدانية الخاصة بتشغيل المستشفى الميداني بالجزيرة بعد انتهاء مهمة إنشائه".

ومن جهتها، لم تنكر جماعة الحوثي التهمة، بل أكد يحيى سريع، القيادي في الجماعة التابعة لإيران ومتحدثها العسكري أيضًا، سيطرتهم على السفينة الإماراتية في البحر الأحمر بنجاح، لكنه خالف رواية التحالف التي قالت إنها سفينة شحن، وأكد أنها "سفينة إماراتية عسكرية تحمل معدات عسكرية" دخلت المياه اليمنية الإقليمية، لافتًا إلى أن جماعته ستنشر التفاصيل لاحقًا.

استنساخ لاستراتيجية إيران

وبخصوص تغيير الجماعة خططها واستراتيجيتها من استهداف السفن عبر الزوارق المفخخة والصواريخ الباليستية، يرى د. خالد محمد باطرفي، الأستاذ بجامعة الملك فيصل، والمؤلف والمحلل السياسي السعودي، أن التغيير ممكن أن يكون نتيجة لعدم توفر الأسلحة الكافية من صواريخ ومسيّرات وغيرها.

ونوه "باطرفي" في تصريحات صحفية، إلى وجود تشابه بين سيناريو اختطاف السفينة "روابي" وما قامت به إيران في مضيق هرمز عندما اختطفت سفنًا تجارية بعد تضييق الخناق عليها وفرض عقوبات من الولايات المتحدة الأمريكية، كحل أخير لها، فلم يكن لديها حلول أخرى لمواجهة أمريكا والمجتمع الدولي سوى ذلك.

وتابع: "هذا السلوك ليس جديدًا على الحوثي؛ إذ تم تنفيذه في السابق في مضيق باب المندب، وهو دليل على اليأس، حيث لم تعد لديهم خيارات أخرى".

ويرى باطرفي أن الحوثيين يحتاجون في الوقت الراهن إلى الرد على ضربات التحالف العربي خلال الفترة الأخيرة، خاصةً أنها كانت مختلفة عما سبقها، ومشابهة لضربات ميناء الحديدة قبل اتفاق ستوكهولم. قائلًا: "نشهد اليوم تقدمًا كبيرًا في ساحة المعارك في شبوة؛ وهو أمر أثار غضب الحوثي، فقرر الرد من خلال اختطاف سفينة إماراتية بهدف توجيه رسائل لدول التحالف، والمجتمع الدولي الذي لم يتدخل في الآونة الأخيرة كما فعل بعد معركة الحديدة، ومفاد الرسالة أن الجماعة رقم صعب، وأنها تستطيع تهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر".

واستطرد: المجتمع الدولي وصل لقناعة خلاصتها أن الحوثي لم يستجب لمبادرات السلام التي تُطرح باستمرار بين الحين والآخر في الفترة الأخيرة.

وأشار "باطرفي" إلى أن الموانئ الثلاثة اليمنية الواقعة على البحر الأحمر التي يسيطر عليها الحوثيون، تستخدم عسكريًا في تلغيم البحر الأحمر بالمتفجرات وتهريب السلاح والمخدرات، وتستغل كذلك في إطلاق الزوارق المفخخة التي تستهدف السفن في الممرات الملاحية للبحر الأحمر، وأن ما قام به الحوثيون اليوم يعد خطوة غير ذكية وسترتد عليه؛ لأنها ستضطر الدول إلى إرسال سفن عسكرية لحماية سفنها التجارية، ما يقلل من إمكانية التهريب للحوثي، وسيثبت للعالم أن هذه الميليشيا لا تحترم القوانين الدولية، ولا ترغب في السلام.

وختم حديثه قائلًا: عملية الخطف اليوم ستوجه النظر ناحية الموانئ اليمنية الواقعة تحت سيطرة الميليشيا الحوثية، وهي المفترض تحييدها واستخدام موانئ بديلة في جنوب البلاد تزود الشمال باحتياجاته.

تهديد الملاحة

يوافقه الرأي فواز كاسب العنزي، المحلل العسكري والاستراتيجي السعودي، حيث قال: "إن عملية الاختطاف التي قامت بها ميليشيا الحوثي مشابهة للسلوك الإيراني في مضيق هرمز، وجميعها تهدف إلى تهديد أمن الملاحة البحرية، وخصوصًا أن البحر الأحمر يُعد من أهم الممرات التجارية التي يتنقل من خلالها إمدادات الطاقة"، مؤكدًا أن عملية الاختطاف يستخدمها الحوثيون كورقة ضغط لتخفيف الضربات على مدينة شبوة اليمنية.

ويرى "كاسب" في تصريحات إعلامية أن العملية لن تمر على المجتمع الدولي هكذا مرور الكرام، بل سيكون لها رد فعل دولي حاسم وحازم تجاه تلك الجماعة، متوقعًا رفع الحصانة الدولية عن بعض المواقع في ميناء الحديدة القريب من باب المندب، مشيرًا إلى أن "ما قام به الحوثي أساء للأسرة الدولية التي قد تصل إلى قناعة أن سياسة الاحتواء والنفس الطويل لن تفيد معه".

وختم حديثه بـ: "لا بد من عزل ميناء الحديدة مؤقتًا لأنه يُعد مصدرًا رئيسًا وأساسيًّا لاستقبال السلاح، وكذلك الخبراء العسكريين الذين يسندون الجماعة". مضيفًا: كان هدف أولى الضربات العسكرية من قوات التحالف العربي تحرير مضيق باب المندب، وضمان استقرار الملاحة البحرية به؛ نظرًا لأهميته العالمية بصفته ممرًا تجاريًا، لا سيما أن سيطرة الحوثيين عليه سوف تؤدي إلى تعطيل مرور السفن التجارية خصوصًا تلك التي تنقل الطاقة؛ ما يهدد دول العالم كافة.

رسائل موجهة

هذا التغير في السلوك الأخير للميليشيا جاء عقب تكثيف قوات "التحالف العربي" بقيادة المملكة العربية السعودية ضرباته العسكرية في الآونة الأخيرة على مدينتي "شبوة" و "مأرب"؛ حيث ترى هذه الميليشيا أن الاختطاف آخر حل لديها من أجل لفت نظر المجتمع الدولي إلى قدرتها على تهديد الملاحة البحرية لو أرادت ذلك، مثلما فعلت إيران سابقًا.