• الرئيسية
  • أردوغان يبدأ رئاسته لتركيا بإثارة الجدل السياسي والدستوري حول خليفته في زعامة

أردوغان يبدأ رئاسته لتركيا بإثارة الجدل السياسي والدستوري حول خليفته في زعامة

  • 96
صورة أرشيفية

يبدو أن الرئيس التركي سيبدأ أولى فترات رئاسته للبلاد بالمزيد من الجدل السياسي ومخالفة الدستور، حسب وصف معارضيه.
"كلام ليس له وزن، وسيرى الجميع كيف أُصْدِر القرارات كرئيس للوزراء في الأسبوعين المقبلين".. بهذه الجملة عبر رئيس الوزراء التركي والرئيس المنتخب رجب طيب أردوغان، عن رفضه لتفسير العديد من الحقوقيين وخبراء الدستور بضرورة تنحيه عن رئاسة الوزراء وزعامة حزب "العدالة والتنمية"، فور الإعلان عن فوزه في الانتخابات الرئاسية، وبطلان أي قرار حكومي يُوقِّعه في هذه الفترة حتى تسلمه مهمات الرئاسة في 28 أغسطس.
وبادرت جمعية الحقوقيين الدستوريين التركية بإصدار بيان يحذر من مخالفة أردوغان الدستور التركي بإصراره على الاحتفاظ بمنصبَيْ زعامة حزب "العدالة والتنمية" ورئيس الوزراء بعد فوزه في انتخابات الرئاسة.
المثير أن من بين الموقعين على البيان، جاء الخبيران في القانون الدستوري إرغون أوزبودون، وأردوغان تيزيتش، اللذان كان أردوغان كلفهما سابقاً بصوغ مسودة دستور جديد لتركيا عام 2008، بعدما نوّه بخبرتهما وحيادهما.
وأعلن زعيم المعارضة ورئيس حزب "العشب الجمهوري" المعارض بتركيا، كمال كليجدار أوغلو، مقاطعة المشاركة في حفل أداء المرشح الرئاسي الفائز، رجب طيب أردوغان، اليمين الدستورية.
وأكد كليجدار أوغلو، أكد أن أعضاء حزبه البرلمانيين البالغ عددهم 130 عضواً، لن يدخلوا إلى قاعة البرلمان يوم 28 أغسطس الجاري، المقرر أن يشهد تنصيب الرئيس المنتخب، أردوغان، ليكون الرئيس الثاني عشر في تاريخ تركيا، خلفاً للرئيس الحالى، عبدالله جول، مشيراً إلى أن كافة أعضاء الحزب سيتجمعون خارج قاعة الاحتفال، وذلك اعتراضاً على سياسات أردوغان، وحزبه الحاكم خلال السنوات الماضية، وتورطه ونجله وعدد من أفراد حكومته في قضايا فساد مالي.
كما انتقدتْ وسائل إعلام معارضة إصرار أردوغان على فرض وصايته ومرشحه، وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، على الحزب رغم أن كل استطلاعات الرأي تشير إلى أن شعبية الرئيس المنتهية ولايته، عبدالله جول، أكبر بكثير داخل الحزب ولدى ناخبيه.
وتساءلت صحيفة "جمهورييت" المعارضة: "من يقول إن الرئاسة يجب أن تكون بيد الشعب وتحت إرادته، يرفض لحزبه أن يختار زعيماً بإرادته وإرادة الناخبين، ويفرض عليه إرادته ووصايته".
فيما فقدت صحيفة "حرييت"، أكبر صحيفة ليبرالية تركية، أهم كتّابها يلماز أوزديل، بعد تركه الكتابة فيها احتجاجاً على حجبها مقالاً انتقد فيه إصرار أردوغان على اختيار خليفته في الحزب. ومقالات أوزديل النارية تُعتبر الأكثر قراءة في تركيا، وكانت الصحيفة أقالت رئيس تحريرها أنيس بربر أوغلو قبل يومين من الانتخابات الرئاسية فيما اعتُبر في الأوساط الإعلامية بداية إذعان الصحيفة المشاكسة لعهد أردوغان الجديد.
خلافات من نوع آخر كادت تهدد استقرار كرسي أردوغان الجديد، لولا تدخل صديقه وشريكه السياسي عبد الله جول، فلم تكد تمضي ساعات على إعلان فوزه بالرئاسة، حتى دب الخلاف داخل حزب "العدالة والتنمية" الحاكم على تسمية خليفة أردوغان في الحزب ورئاسة الحكومة.
وفي خطوة وصفها حزب أردوغان بمحاولة للاصطياد في الماء العكر، تقدم حزب "الشعب الجمهوري" المعارض إلى المحكمة الدستورية بطلب لإلغاء المؤتمر العام الطارئ للحزب الحاكم، والذي سيُعقد في 27 الشهر الجاري أو تأجيله لاختيار زعيم جديد للحزب يكون رئيساً للوزراء في أول حكومة يعيّنها أردوغان كرئيس للجمهورية.
وأكد "الشعب الجمهوري" في طلبه أنه "يجب على أردوغان أن يبتعد تماماً عن عملية انتخاب خليفته في زعامة الحزب وفق الدستور والقواعد الديمقراطية، مطالبا بعقد المؤتمر بعد تنصيبه رئيساً للجمهورية واستقالته من الحزب، تماماً كما حدث مع الرئيسين سليمان ديميريل وتورجوت أوزال، بعد تركهما حزبيهما إثر الفوز بالرئاسة".
وأضاف الحزب أن "بقاء أردوغان على رأس الحزب أثناء اختيار خليفة له وفق عملية التوافق التي فرضها، سيفرض وصايته على حزب يتوجب عليه مغادرته".
إلا أن جول، فاجأ الجميع، مساء الثلاثاء الماضي، أن وزير الخارجية الحالي أحمد داود أوغلو سيخلف أردوغان في رئاسة الحزب ومن ثم الحكومة التركية.
وقال جول، للصحفيين في آخر اجتماع له في القصر الجمهوري، بحسب ما نقلت عنه قنوات التلفزة، إنه "بحسب ما فهمت فإن أحمد داود أوغلو سيكون رئيس الوزراء المقبل". مضيفا: "وعلينا جميعًا مساعدته في مهمته، أنا الذي أقنعته بدخول المعترك السياسي.. وسوف أدعمه".
وتولى داود أوغلو، حقيبة الخارجية منذ 2009 وتردد اسمه تكرارًا في الأيام الأخيرة في الكواليس السياسية في بأنقرة لخلافة أردوغان.
الخلاصة أن تركيا مقبلة على لحظة فارقة في تاريخها السياسي الحديث، حيث يسعى أردوغان فيما يبدو للقضاء على الموروث السياسي والثقافي المترسخ في المجتمع التركي منذ قرابة القرن؛ أي مع قيام الجمهورية الأتاتوركية العلمانية على أنقاض السلطنة العثمانية الإسلامية، وهو الأمر الذي يحاول استغلاله تنظيم "الإخوان" بنفس طريقتهم المعهودة؛ حتى أن الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس ما يسمى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، زاره في أنقرة بعد فوزه ليهنأه ولم ينس أن يؤازره بكلمات قال فيها: "إن الله وجبريل وملائكته يدعمون أردوغان"!
وهو ما يعيدنا إلى ذكريات اعتصام رابعة الإخواني الذي أكد فيه العديد من قادة الإخوان أنهم رأوا الرسول الأكرم وهو يقدم الرئيس المعزول محمد مرسي ليصلي به، كما رأى بعضهم سيدنا جبريل وهو يدعم مرسي حبيس أقفاص المحاكم المصرية الآن!