مدير نادي الأسير للفتح: "يوم الأسير" أيقونة النضال والمقاومة ضد غطرسة العدو

الاحتلال يحتجز جثامين الشهداء بزعم أنهم لم ينهوا فترة الاعتقال

  • 88
مدير نادي الأسير الفلسطيني عبدالله الزغاري

وافق الأحد الماضي يوم الأسير الفلسطيني، فالأسير يقضي أغلب حياته داخل المعتقل وخلف الجدران لعقود وسنوات وقد يظل في غياهب السجون حتى ملاقاة ربه.

فالأسرى في سجون الاحتلال، هي القضية الإنسانية الأكبر في التاريخ الفلسطيني، فهم أيقونات الحرية وأسرى الحرب، ويمثل هذا اليوم الموافق 17 أبريل من كل عام يومًا لشحذ الهمم وتسليط الضوء على قضيتهم العادلة، خاصة وأن الأسرى في سجون الاحتلال يتعرضون إلى جرائم ضد الإنسانية ما بين تعذيب جسدي أو قهر أو عزل انفرادي أو خلافه، وما يزيد الألم أن ظاهرة الاعتقالات أضحت ظاهرة وسلوكًا يحدث على مدار الساعة.

ولخطورة الأمر أجرينا حوارًا مع مدير نادي الأسير الفلسطيني عبدالله الزغاري لنتعرف سويًا على وضع الأسرى في سجون الاحتلال.


 بداية ما الممارسات التي يتعرض لها الأسير وكيف تتم عملية الأسر؟

يمارس الاحتلال سياسة الاعتقال بشكل يومي بحق المواطنين الفلسطينيين فلا يكاد يمر يوم دون أن تكون هناك عمليات اعتقال متواصلة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يقوم باقتحام المدن والقرى والمخيمات بأعداد كبيرة، حيث يقوم الجنود باقتحام المنازل بعد منتصف الليل وتفجير أبواب المنازل والدخول إلى غرف نوم المواطنين وترعيب الأطفال والنساء والاعتداء عليهم، وضرب القنابل المسيلة للدموع أحياناً وقنابل صوتية، وكل هذا يأتي في سياق العمل الإرهابي الذي يمارسه الاحتلال.


وكم يبلغ عدد المعتقلين في سجون الاحتلال؟

يوجد داخل سجون الاحتلال الآن ما يقارب 4400 أسير وأسيرة محتجزين في 24 سجنًا ومركزًا لتوقيف وتحقيق تابع لسلطات الاحتلال، من بين هؤلاء المعتقلين أسرى محكوم عليهم  بالسجن مدى الحياة، و 547 معتقل محكوم بالسجن المؤبد أو أكثر، وأكثرهم الأسير عبد الله البرغوثي المحكوم بالسجن 67 مؤبدًا ومضى على اعتقاله أكثر من 20 عاماً.

وهناك أسرى أمضوا أكثر من 30 عاما ًداخل السجون تقريباً 25 معتقلًا أمضوا أكثر من 30 عاماً وعلى رأسهم الأسيران كريم يونس وماهر يونس، أمضوا 39 عاماً وبقي لهم عام واحد حتى يتحرر ولم تشملهم لا صفقات ولا مفاوضات ولا اتفاقيات.


وماذا عن النساء في سجون الاحتلال؟

من بين المعتقلين ما يقارب 32 أسيرة فلسطينية، منهن معتقلات إدارياً، ومنهن محرومات بالسجن، أعلى حكم حالياً الأسيرة ميسون الجباري وهي محكومة بالسجن 15 عاماً، من هؤلاء الأسيرات هناك أمهات 11 أسيرة معتقلة ولديها أطفال اعتقلت ولا زالت رهن الاعتقال ولم يقم الاحتلال ولم يسمح لذوي هؤلاء الأسيرات في كثير من الأحيان بالزيارة بالمخالفة للقوانين الدولية واتفاقيات جنيف 3، 4.

 

وماذا عن الأطفال في سجون الاحتلال؟

لدى سجون الاحتلال نحو 16 طفلًا قاصرًا أقل من 18 سنة، منهم الأسرى الموقوفون والأسرى المحكومون ولعلنا نتذكر الأسير الطفل أحمد مناصرة الذي اعتقل وهو أقل من 16 عاماً وحصل على حكم بالسجن 15 عامًا، وكبر ولا زال رهن الاعتقال حتى الآن.

 


  إذا تحدثنا عن الاعتقال الإداري فماذا تقول؟

الاعتقال الإداري ملف مهم ويحتاج إلى متابعة قانونية، ويبلغ عددهم نحو 500 معتقل إدارياً.

ويعد هذا النوع من الاعتقال جريمة بحق الإنسانية وبحق الفلسطينيين أمام مرأى ومسمع من العالم، دون تهمة وحتى المحاكمات التي تعقد لهم تكون صورية ويتم إحضار القاضي والنيابة العسكرية والأسير والمحامي ولا يستطيع الأسير أو المحامي أن يطلع على أسباب الاعتقال، بذريعة السرية، بمعنى أن إسرائيل تحاكم هؤلاء المعتقلين على النوايا، فهي تعتقد أن هذا الشاب الفلسطيني ربما يفكر أن يقوم بأي عمل مقاوم للاحتلال، وبالتالي هي تعتقله.

 

ألا يمثل الاعتقال نوعًا من القسوة والهمجية بعد الهروب من جلبوع؟

الظروف الاعتقالية داخل السجون بعد عملية نفق الحرية في أسوأ أحوالها فعندما تمكن 6 من الأسرى انتزاع حريتهم في سجن جلبوع، كانت هذه صفعة قاسية لما يسمى منظومة الأمن الإسرائيلية خاصة وأن سجن جلبوع محصن تحصينا عسكريا متينًا استطاع هؤلاء الأسرى الستة أن يهربوا وأن يحرروا أنفسهم لستة أيام.

وكان مجرد الخروج من المعتقل ضربة قوية للأمن الإسرائيلي الأمر الذي جعل سلطات الاحتلال في السجون تأخذ سلسلة من الإجراءات العقابية والانتقامية، فتجسد مفهوم الانتقام بشكل واضح لدى منظومة الأمن في إدارة مصلحة السجون وبدأت في سلسلة من إجراءات القمع والتنكيل تمثلت في سياسة العزل الانفرادي لأشهر طويلة لعدد كبير من الأسرى ليس فقط الأسرى الستة الذين انتزعوا حريتهم، فبدأت الحرب والعدوان على كل الأسرى بمعنى أن الاحتلال اتخذ مزيدًا من الخطوات بعدم السماح للأسير الذي يعتبره يشكل خطرًا على منظومة الاحتلال حتى وإن كان داخل السجن فيمنع أن يبقى داخل سجن واحد لفترة تزيد عن 6 أشهر، فيتم نقله من سجن إلى سجن ومن قسم إلى قسم، وهذه إحدى الخطوات التي رفضها الأسرى، كما تم فرض غرامات مالية، ومحاكمات داخلية على أسرى مثل حرمانهم من زيارات الأهل، والحرمان من الذهاب إلى عيادة السجن وأبسط الحقوق الإنسانية، بالإضافة إلى سياسة التفتيش المتواصلة.

 

هناك إهمال طبي وتعذيب يتعرض له الأسرى وقد يودي بحياتهم؟

نعم هذا صحيح فقد استشهد نحو 227 معتقلاً فلسطينياً داخل سجون الاحتلال بداية من عام 1967 وحتى الآن، جزء كبير من هؤلاء المعتقلين استشهدوا نتيجة التعذيب ومنهم من استشهد نتيجة سياسة الإهمال الطبي، كالأسير كمال أبو وعر والأسير بسام السايح، وسامي أبو دياك، هؤلاء جميعاً أسرى أصيبوا بأمراض السرطان داخل سجون الاحتلال، ولم يتم تقديم العلاج اللازم لهم داخل السجون، ولا زالت سلطات الاحتلال تحتجز 8 جثامين للشهداء في ثلاجات داخل السجون بحجة أنهم لم ينهوا فترة اعتقالهم، هذه لم تحدث في كل العالم بل تحدث فقط لدى منظومة الاحتلال، الذي يعتبر نفسه دولة فوق القانون وتمارس كل سبل الإرهاب المنظم.

 

 وكيف تتم معاملة الأسرى المرضى في داخل السجون؟

الإنسان العادي الموجود خارج السجن، إذا شعر ببعض المرض يجد أهله وأبناءه، ولو زاد المرض يذهب للمستشفى، الأسرى الفلسطينيون داخل السجون يتعرضون إلى سلسلة متواصلة من سياسة الإهمال والقتل الطبي المقصودة والممنهجة والذي أدى إلى إصابة العشرات من الأسرى بأمراض مختلفة الآن ما يقارب 600 أسير مريض، منهم 14 أسيرًا مصابون بأمراض السرطان، وعلى رأسهم الأسير ناصر أبوحميد، وناصر شأنه شأن باقي الأسرى المرضى تعرض إلى سياسة الإهمال الطبي.


وماذا نعني بالإهمال الطبي داخل السجون؟

 أن الأسير الفلسطيني عندما يتألم في أي جزء من جسمه يقدم له حبة "أتامول" ولا يتم إجراء الفحوصات الدورية للأسرى، وطالبنا كثيرًا بإجراء الفحوصات الطبية الدورية للمعتقلين، لكن ما يتم مع الأسرى أنه يتم اكتشاف أمراض الضغط السكري السرطان، أمراض الرئة في وقت متأخر، يصعب معه العلاج، خاصة أمراض السرطان، حتى أن بعض الأسرى كان من المفروض إجراء بعض العمليات الجراحية لهم سواء استئصال الزائدة أو إزالة حصوة أو عمل قسطرة، يتم التأجيل وعدم إجراء العملية في الوقت المناسب الأمر الذي يفاقم الحالة الصحية للمعتقل الفلسطيني مما أدى إلى استشهاد عشرات من الأسرى داخل السجون.

 وحالياً قضية الأسير ناصر أبو حميد تتصدر الأحداث كونه تعرض لإهمال طبي ممنهج حيث كان يشتكي نحو قبل عام بأوجاع في صدره، وبعد ستة أشهر بعد أن تفاقمت حالته الصحية تم إخراجه لإجراء فحوصات طبية وعندما تتم إجراء الفحوصات تبين إصابته بمرض السرطان في الرئة، وعندما تم استئصال الورم، انتشر مرة أخرى بشكل سريع وقوي ولم يتلق الأسير العلاج الطبي اللازم وهو الآن يقبع في عيادة عسكرية لا يقدم له العلاج الطبي اللازم فأصبحت صحته متدهورة حتى أن الأطباء الإسرائيليين  الذين أشرفوا على حالته عبر تقرير طبي يؤكدون أنه مصاب بمرض السرطان من المرحلة الرابعة.

 

 نسمع عن إصابات تحدث للأسرى عند القبض عليهم فكيف تتم معاملتهم؟

هناك أسرى أطلق عليهم الرصاص قبل وأثناء الاعتقال وتم احتجازهم بمراكز التحقيق ولم يقدم لهم العلاج الطبي اللازم بمعنى أنه ربما تم تقديم إسعافات لهم بعد اعتقالهم، ولكن أعيدوا إلى السجن ولاقوا إهمالًا طبيًا متعمدًا.

أما عند نقل الأسرى ما بين السجن والمحكمة أو المستشفى فيتم من خلال سيارة عسكرية تسمى البوسطة، وهي عبارة عن صندوق حديدي مغلق من كل الاتجاهات، يتم وضع الأسرى داخله لساعات طويلة حتى المرضى منهم، يزداد مرضهم، وهذا أيضًا من أصعب ما يواجهه المعتقلون داخل السجون.

 

هل ينتظر الأسرى صفقة قريبة؟

الصفقة مرتبطة بالجهة التي تتحدث عن الموضوع، وهي الفصائل الفلسطينية في غزة، ونحن نأمل حقيقة أن تكون هناك بالفعل صفقة مشرفة تعيد الأمل للأسرى الفلسطينيين خاصة من ذوي الأحكام العالية عندنا 547 معتقل محكوم بالسجن مدى الحياة، هؤلاء من حقهم اليوم أن ينعموا بالحرية، من الظلم أن يظل هؤلاء الأسرى رهائن في يد منظومة الاحتلال الإسرائيلي التي هي بالفعل تستخدمهم كرهائن في ظل انعدام الأفق السياسي، فلا يوجد هناك أي أفق سياسي في الوقت الحالي، ولا توجد مفاوضات ولا يوجد أي تحركات جادة سواء على المستوى الدولي أو العربي من أجل وضع حلول ولو مؤقتة لبعض القضايا الجوهرية المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبالتالي طال أمد الاعتقال وأمد الاحتلال

 

 الأسرى والمصداقية الدولية والكيل بمكيالين؟

 في ظل الوضع الراهن من غياب كل بوادر الأمل أعتقد أن المصداقية الدولية على المحك الحقيقي وتحديدًا بعد الحرب الروسية الأوكرانية، بمعنى أن الشعب الفلسطيني منذ 75 وهو يعاني من هذا الاحتلال البغيض في الوقت الذي قامت روسيا باجتياج أوكرانيا فتحرك العالم أجمع وفي خلال أسبوع كانت هناك عقوبات مورست من قبل المنظومة الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ومجلس الأمن وبدأت بتنفيذ هذه العقوبات على روسيا، فلماذا هذه الازدواجية في المعايير في التعامل مع القضية الفلسطينية، فمئات القرارات الصادرة من مجلس الأمن الدولي أدانت سياسة الاحتلال القمعية، أما آن الأوان للمنظومة الدولية أن تُعيد النظر وإيجاد حل سياسي يُنهي احتلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس.