الإعلام العبري: الجيش والشاباك لا يوصيان في هذه المرحلة بتصفية السنوار

  • 33
معاريف

كتب يوسي يهوشع في معاريف العبرية: 

مرت سنة منذ أحداث حارس الاسوار وموجة الارهاب الحالية يجب أن ترى كاستمرار مباشر لها. بل وكجزء من جولات القتال في العقود الاخيرة في عموم الساحات. العامل الخارجي القوي في 2021 – 2022 هو الدين، والتخوف المركزي في جهاز الامن هو من مثل هذا الاشتعال.

المخربان اللذان نفذا العملية في العاد عديما الانتماء التنظيمي. وفي التحقيق الجاري الان لم يتوفر دليل يمكنه ان يثير الاشتباه في تنفيذ العملية. أحد المخربين ترك وصية يُفهم منها بان السبب الذي جعله هو ورفيقه يخرجان الى العملية هو المس بالحرم وعلى هذا هما مستعدان لان يقتلا ويموتا.

في التحقيق مع المخربين في العملية في ارئيل واللذين قبض عليهما وهما على قيد الحياة، برزت صورة مشابهة جدا بموجبها دافعهما كان القدس اساسا. يتبين بان التحريض الذي اشعلته حماس نجح وهو أخطر بكثير. في الجيش يخشون من أن من شأنه أن يشعل حريقا اقليميا.

لهذه الحرب تحاول حماس أن تضم عرب اسرائيل، حاليا بلا نجاح، لكن يتبين من المادة الاستخبارية كم يحاول الايرانيون الانضمام الى الحدث ويشددون قبضتهم في اوساط عرب اسرائيل. ويتكفل بمهمة قطع الخلايا رئيس الشباك روني بار مثل احباط خلايا داعش التي انكشفت في العمليتين في بئر السبع وفي الخضيرة واللتين نفذهما عرب اسرائيليون من حورا وام الفحم. استنتاجات اخرى لمسؤولين في الجيش في اعقاب حارس الاسوار تتعلق بيحيى السنوار. في إطار استخلاص الدروس لدى زعيم حماس في غزة من حملة حارس الاسوار ازدادت شهية السنوار وهو يرى نفسه كزعيم الشعب الفلسطيني – "قليلا مثل عرفات" مثلما قيل في احدى المداولات – ولهذا فقد نثر جمله في الخطابات وذكر موعد وفاته. يستعد السنوار لليوم التالي لأبو مازن ويود أن يسيطر في الضفة بالتحكم من بعيد، من غزة. القدس يريد السنوار جدا أن يسخنها لكن ليس لدرجة أن تجبره على أن ينضم الى إطلاق النار والانضمام الى جولة. الوضع الذي يوجد فيه مريح له جدا: ان يقود التصعيد مع بوليصة تأمين. فممَ خاب ظنه إذن؟ من أنه لم ينجح في أن يجر عرب اسرائيل الى الداخل، مثلما قبل سنة.


الانشغال التكتيكي في العملية الرهيبة في العاد هام وصحيح، لكن مطلوب ايضا نظرة أوسع، بعيون مفتوحة، الى السياسة الاسرائيلية تجاه عموم الاعداء من الخارج ومن الداخل. علينا ان نفهم بانه إذا لم تتغير السياسة، فان الثمن الذي سندفعه سيكون باهظا وأليما. ما حصل منذ ايار العام الماضي، مع انتهاء الحملة كان تنفيذ السياسة الاسرائيلية التي يدفع فيها الجيش والشباك الى كل الحكومات الاخيرة، وكلها تبنتها، اي شراء الهدوء بكل ثمن تقريبا. في غزة استغل هذا السنوار لتعاظم القوى ولتحسين الوضع الاقتصادي مثلما اخذ في الحسبان، لكنه نفذ خطوة ذكية اخرى: اعمال تحريض على الارهاب في الضفة وفي القدس، نجحت وبنته كزعيم اقليمي، بالتوازي مع الحصانة التي تلقاها من اسرائيل. لأجل الحفاظ على الحصانة سيفعل كل شيء كي يحافظ على الهدوء من غزة، والا يعطي شرعية لإسرائيل لجباية ثمن في الساحة المريحة لها نسبيا.

 

عزل الساحات مستمر

ومع ذلك فان تقويمات الوضع التي جرت في الكريا لا تزال لا تبشر بسياسة اسرائيلية مختلفة تجاه موجة الارهاب هذه. فالجيش والشباك لم يوصيا بجباية ثمن آخر من حماس غزة، ووزير الدفاع بني غانتس، مثلما هو رئيس الوزراء نفتالي بينت، يواصلان تأييد سياسة عزل الساحات مثلما جرى في الاشهر الاخيرة.


وفي إطار موجة الارهاب أيضا تحدثت الساحة الاسرائيلية الامنية والسياسية عامة بصوت واحد وبموجبه يجب الحفاظ على الهدوء حتى بثمن احتواء الاحداث منعا لحدث متعدد الساحات واجتياز رمضان بسلام. السنوار، الذي يعرف جيدا السلوك الاسرائيلي ناور على نحو صحيح وحشر اسرائيل في فخ. بينت يعرف مثلا بان فتح جولة قتال من خلال تصفية السنوار معناه اسقاط فوري للحكومة. بالمقابل، يعرف بينت ايضا بان سجل نهاية كهذا كفيل بان يساوي بضعة مقاعد.


في كل حال فان قرارات كهذه لضربات بدء وتصفيات في غزة، مثلما في حملة الرصاص المصبوب أو بعد ذلك في عامود السحاب مع تصفية احمد الجعبري، تتخذ في خداع تام، وليس كما يجري الان. حين سمع أحد اصحاب القرار الاكبر المداولات حول تصفية السنوار تساءل: "لماذا ليس محمد ضيف؟ هو محدث ارهاب أكبر ورمز اوضح. الرجل الذي أشعل حارس الاسوار في مكالمة واحدة مسجلة. وبالتالي إذا كان لا بد من اخراج احد ما من المعادلة، فهو قبل الكل".

في قيادة الجيش يرفضون فكرة أن كل تصفية تولد ارهابيا اسوأ ويذكرون تصفيات ناجحة مثل بهاء ابو العطا، ولكنهم لا يؤيدون الخطوة في هذه المرحلة. وللدقة، ابتداء من اليوم الخامس لحملة حارس الاسوار قال مسؤولون في الجيش لرئيس الوزراء في حينه نتنياهو ان من ناحيتهم انهوا المهمة ويمكن التوقف. نتنياهو ضغط للمواصلة وطالب بجلب واحد من أحد الرأسين، إما السنوار أم ضيف. الجيش والشباك حاولا احباطهما مرات عديدة مع التركيز على ضيف ولكن بلا نجاح.

فما هو الرد الذي يقترحه الجيش إذن؟ الاول هو القاء "بطانية تبريد" على شعلة الحرب الدينية. صحيح أن هذه ليست من صلاحية الجيش، لكن القيادة السياسية يمكنها ويجب عليها أن تعمل في هذا الموضوع حتى بثمن دور أردني في ترتيبات الحجيج الى الحرم.

الخطوة الثانية هي مواصلة عزل الساحات بين غزة والضفة. فكرة عزل الساحات كما هو مهم أن نتذكر، لم تولد في هذه الحكومة بل لدى نتنياهو، الذي فضل سلطة فلسطينية ضعيفة وحماس صاحبة سيادة في غزة. اما الان فقد دخلنا الى عصر جديد حيث تثور بمساعدة الشبكات الاجتماعية حرب دينية تتفاعل فيها كل الساحات. في هذه الاشهر رأينا عمليات لمواطني اسرائيل العرب، نار من لبنان، نار من غزة وعمليات اجرامية تختلف جدا عن موجة السكاكين السابقة وكل ذلك يجب أن يبعث على التفكير في الطريق الصواب الذي ينبغي أن نعالجها به.

على المستوى التكتيكي يعترف الجيش بفشله ورئيس الاركان أفيف كوخافي حتى قال بصوته "فشلنا" بعد العملية في العاد التي تضاف الى العملية في ديزنغوف والتي خرجت بمخطط مشابه، بعد أن رابط مئات المقاتلين على الثغرات في الجدار. الخطوة الاضافية هي الضغط على بؤر الارهاب في شمال السامرة وبعامة تشديد الاعتقالات واثقال العقاب على مشغلي العمال غير القانونيين، من يبيتهم ومن يسفرهم.


 الاحتواء الذي لا ينجح

وبعد البحث في موقف الجيش هناك حاجة لنظرة عليا على المستوى الاستراتيجي في مفهوم الاحتواء المطلق، والذي لا ينجح. حتى عندما تنتهي هذه الموجة – وفي الجيش لا يقدرون بان هذا سيحصل قريبا – ليس وفقا لكمية الاخطارات والتحريض في الشبكات، ينبغي البحث في الموضوع بعناية والاستعداد بما يتناسب مع ذلك. من يحاول شراء الهدوء بكل ثمن، سيحصد عاصفة في المدى البعيد. هذا صحيح لحماس، لحزب الله ولإرهاب عرب اسرائيل الذي رفع رأسه. عندما يفهم الاعداء بان اسرائيل تريد الهدوء بكل ثمن، فان دوافعهم للتعاظم وللمواجهة تزداد. من يعتقد ان الهدوء في لبنان مثلا هو فقط بسبب الردع الاسرائيلي يخطئ خطأ جسيما. فحزب الله تعاظم بضعة اضعاف منذئذ وتوقيت الحرب هو حاليا له ولسيده. وإذا ما سرنا الى الوراء قليلا الى العام 2000، حين انسحبت اسرائيل من هناك هربا، واتخذت سياسة احتواء مطلق حتى 2006، سيئة لدرجة انها وضعت المواطنين امام الجنود ووصلت مع جيش غير مستعد وغير مدرب للمواجهة. ست سنوات هربنا من الحرب في لبنان، احتوينا بلا نهاية، لم نستعد، لم نتدرب، فتلقينا حرب لبنان الثانية ونحن غير جاهزين.

المبادرة يجب أن تكون في يد اسرائيل. الا ندخل الى حرب زائدة، لكن بالتأكيد الا نهرب منها بكل ثمن إذ أنك حين تبث للأعداء بانك لا تريد مواجهة باي شكل فإنك تتلقى عمليات وبناء قوة أكثر للمواجهة التالية تمسك بك في الوقت الاقل راحة من ناحيتك.

منذ حملة حارس الاسوار كان ينبغي للجيش وللشرطة أن يستكملا، وليس فقط ان يخططا، بناء قوة جديدة تتناسب والتهديدات. الشرطة أصغر من المهمة التي تقف امامها. رجالها متوترون حتى اقصى حد من عملية الى عملية ومن مهمات جديدة في الوسط العربي وفي الاستعداد مثلا لأحداث ميرون بعد اسبوع، بينما كل قادتها مشغولون باستنتاجات لجنة التحقيق الحكومية للمصيبة التي وقعت قبل سنة.