بالأدلة الشرعية.. داعية إسلامي ينتقد فتوى دار الإفتاء بإباحة طلب المدد من أهل القبور

  • 183
الفتح - أرشيفية

انتقد الداعية الإسلامي علاء أبو حاتم، فتوى دار الإفتاء المصرية التي أباحت طلب المسلم المددَ من الأنبياء والأولياء والصالحين؛ وعللت ذلك أنه لا فرق بين كونهم أحياءً أو منتقلين؛ لأنه محمول على السببية لا على التأثير، على حد قولهم.

وقال "أبو حاتم": هذا هو عين ما كان عليه المشركون الأوائل؛ إذ إنهم ما كانوا يصرفون شيئا من العبادة إلى الأصنام -والتي كانت عندهم عبارة عن رموز لصالحين وملائكة- إلا لتقربهم إلى الله زلفى، ويقولون: {هؤلاء شفعاؤنا عند الله}.

وتابع "أبو حاتم" -في منشور له عبر صفحته الشخصية بالفيس بوك-: مع أنهم أيضا لم يعتقدوا فيها الاستقلال بشيء من التأثير أو الملك أو الضر أو النفع؛ لذلك كان الله كثيرا ما يحتج عليهم بهذه المسألة، وهي: أنكم أيها المشركون إذا كنتم تذعنون بأنه لا خالق إلا الله، ولا مالك إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا مدبر للأمر إلا الله= فلماذا تصرفون العبادة ‐خاصة الدعاء‐ لغيره من هذه الأوثان، أفلا تعقلون، أفلا تذكرون، أفلا تتقون؟!.

وأشار "أبو حاتم" إلى أن الآيات التي ذكر الله فيها هذه المسألة، كثيرة جدا، فمن ذلك قوله تعالى: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ}، وقوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ * اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}، مطالبًا بمراجعة تفسير هذه الآيات في كتب التفسير، خاصة تفسير شيخ المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله، وما ذكره من دلائل هذه الآيات، فهو مهم للغاية. 

وعن شبهة أن المدد محمول على السببية لا التأثير، أوضح "أبو حاتم" أن المشركين أصلا لم يعتقدوا في معبوداتهم الاستقلال بالتأثير، حتى أنهم كانوا يقولون في التلبية: (لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، ملكته وما ملك)، ومع ذلك حكم الله عليهم بالشرك؛ لأجل صرفهم العبادة لغير الله، مؤكدًا على أن شرك العبادة هذا هو الذي ينازع فيه غلاة الصوفية، فإنهم لم يعتبروا الشرك في شيء إلا في الربوبية فقط، وعلى ذلك مهما فعل المسلم من صرف العبادات لغير الله، فلا يعد ذلك عندهم شركا، طالما أنه لم يعتقد في غير الله الخلق أو التأثير أو الملك، أو غيرها من معاني الربوبية، وهذا من أبطل الباطل، "وهل كانت خصومة النبي -عليه الصلاة والسلام- مع المشركين إلا في صرفهم العبادة لغير الله، مع أنهم مقرون بهذه المعاني المتعلقة بالربوبية؟!". 

وأضاف: لذلك قد أطبق السلف على ذلك، ولم يخالف في ذلك إلا هؤلاء الغلاة، الذين دخلت عليهم البدع، وتتابعوا عليها بعد ذلك، فانظر مثلا إلى قول المفسرين في قوله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}، كلهم أطبقوا على أن إيمان المشركين هنا: كان في الربوبية، بأنه لا خالق ولا رازق ولا مدبر إلا الله، وأما المقصود بقوله تعالى: {وهم مشركون}: أي في العبادة، مشيرًا إلى أن هذا ما قاله جميع المفسرين سلفا وخلفا، وأطبقوا عليه، ولن تجد أحدا من السلف جوز دعاء الأموات أو حتى الأحياء ‐فيما لا يقدر عليه إلا الله‐ أو الاستغاثة بهم، إنما هذه الأمور كلها قد وقعت في غلاة المتأخرين من الصوفية، الذين دخلت عليهم شبهات العبيديين، وغيرهم من الفرق الباطنية.