عاجل

"نداء أهل السودان".. بارقة أمل لإنهاء الأزمة السياسية المتصاعدة

أكاديمي سوداني: الوضع معقد ولا بد من حوار جاد وعقلاني

  • 51
الفتح_ أرشيفية

كتب- شريف ربيع

يعيش السودان الشقيق منذ نحو عقد أو يزيد أزمات متتالية؛ تغير على إثرها النظام السابق، لكن المشكلات لم تنتهِ، وخلال الآونة الأخيرة تعقد المشهد كثيرًا مما حدا بالشيخ البارز الطيب الجد إلى إطلاق وتبني مبادرة "نداء أهل السودان للوفاق الوطني" لمحاولة رأب الصدع والعبور بالبلاد إلى بر الأمان.

وانتهت يوم الأحد الماضي جلسات مؤتمر "المائدة المستديرة" الذي نظمته تلك المبادرة؛ ونتج عنها منح الجيش كل السلطات السيادية العليا في البلاد عن طريق مجلس أعلى للدفاع، وأقرت بإنهاء قرارات لجنة تفكيك نظام الإنقاذ، واستكمال الفترة الانتقالية في مدة زمنية لا تتجاوز 18 شهرًا، تشرف عليها حكومة مدنية مستقلة محددة المهام.

وفي هذا الصدد، قال د. أبو بكر فضل، أكاديمي سوداني وباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، إن الأزمات والأوضاع البائسة المتردية تعود جلها لسياسات النظام السابق خلال فترة حكم البشير، وفشل شركاء الفترة الانتقالية في قيادة دفة الشراكة وتوسيع قاعدتها، وسيطرة المكون العسكري على الحكومة المدنية، علاوة على كثافة التدخلات الأجنبية في الشؤون السودانية؛ كل تلك الأسباب أوصلت البلاد إلى أحداث ٢٥ أكتوبر الماضي.

وأضاف "أبو بكر" لـ "الفتح": دخلت البلاد بعدها في تحشيد الشارع من جانب قوى الحرية والتغيير - المجلس المركزي ولجان المقاومة- بهدف إسقاط النظام الجديد وإبعاد الجيش عن السياسة والسلطة. ومن جانب آخر فقد حاول قادة الجيش فرض الأمر الواقع مصحوبًا باستخدام القوة وإعادة تمكين قيادات النظام السابق في مؤسسات الدولة، وكذلك إعادة إنتاج سياسات النظام السابق؛ ما عُدَّ تراجعًا من هؤلاء القادة عن تعهداتهم للثورة وشعاراتها ومبادئها.

تأزُّم الموقف

وأشار إلى أنه من جانب ثالث عملت قوى الكفاح المسلح على تثبيت مكتسبات سلام السودان الموقع في جوبا عاصمة جنوب السودان، وبرزت بقوة في المعادلة الثلاثية للقوى المؤثرة في المشهد السياسي الراهن؛ فالمحصلة النهائية هي أنه لا الشارع تمكن من إسقاط وأبعاد الجيش، ولا القادة العسكريون تمكنوا من الاستمرار في إكمال سيطرتهم وتشكيل الحكومة، ولا تمكنت أطراف العملية السلمية -قوى الكفاح المسلح- من تنفيذ اتفاقية جوبا؛ ونتيجة لكل ذلك تأزمت الأوضاع وتعقدت أكثر وسط تعدد المبادرات الأممية والإقليمية والمحلية وتداخلت الأجندات السياسية وتضاربت المصالح والمواقف.

وأشار إلى أنه في وسط هذه الأجواء جاءت مبادرة "نداء أهل السودان للوفاق الوطني" بقيادة الشيخ الطيب الجد، ورغم الزخم الإعلامي والدعم السياسي للمبادرة من البعض، إلا أنها قوبلت بالرفض من قوى الثورة المدنية، وبالشك من بعض الجنرالات ومن قوى الكفاح المسلح. وقد برزت في قيادة المبادرة وصفوفها الأولى وفعالياتها شخصيات بارزة في نظام البشير السابق، هذه الشخصيات غير مرغوبة من الشارع الثوري، كما أن المبادرة لم تخاطب بصورة واضحة إشكالية الفترة الانتقالية والتعقيدات الدستورية والسياسية التي واجهت ولا تزال تواجه الفترة الانتقالية والفاعلين السياسيين والعسكريين فيها. علاوة على أن المبادرة أغرقت نفسها في العموميات والابتعاد عن قضايا وشعارات ثورة ديسمبر، وتماهت مخرجاتها مع مواقف القادة العسكريين، وأثبتت فشلها لتلبيتها لأشواق ومطالب أنصار النظام السابق وتوابعه من الأحزاب والجماعات والشخصيات، وابتعدت عن قضايا الكتلة السياسية الحرجة التي أسقطت النظام السابق.

الحل

وتابع أن المخرج من الأزمة الراهنة وتجاوز تحدياتها الماثلة ومخاطرها المحتملة، هو ابتدار حوار جاد ومسؤول وعقلاني بين قوى الحرية والتغيير، مع استيعاب واستصحاب قوى سياسية مؤثرة في المشهد السياسي لتوسعة المشاركة وقاعدة الانتقال؛ كل ذلك بغرض التوصل إلى اتفاق سياسي يترجم في إعلان سياسي ودستوري جديد، وتحديد دور الجيش في الفترة الانتقالية، وترتيبات انتقال السلطة واختيار رئيس الوزراء وبرامج وسياسات تحكم الفترة الانتقالية. 

واستطرد: في تقديري أن الحراك القائم الآن بين قوى الوفاق الوطني وقوى الحرية والتغيير وبعض القوى السياسية الأخرى سيثمر قريبًا، هذا الحراك بدعم وتأييد من القوى الإقليمية والدولية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية والبعثة الأممية في السودان والاتحاد الإفريقي. 

ونوه بأن الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السابق سيكون له حضور كبير في قيادة مؤسسات الفترة الانتقالية سواء أكانت في الحكومة التنفيذية أو السيادية.

وجاء بروز اسم "حمدوك" في المشهد السياسي من جديد بعد تعثر كل المحاولات في إيجاد من يحل محله في قلوب الشارع الثائر وفي غالبية المجتمع السوداني برمته، وحسب استطلاعات رأي وتقارير صحفية ورؤية الخبراء أنه لا يزال يتمتع بأعلى نسبة تأييد محليًّا ودوليًّا.