تحت تهديد السلاح.. تركيا ترحل مئات اللاجئين السوريين إلى بشار قسرًا

كورونا وحرب أوكرانيا والمزايدة السياسية.. أسباب رئيسية في تغير الموقف التركي تجاه السوريين

  • 47
الفتح - الحدود التركية السورية

أكدت منظمة هيومان رايتس ووتش أن تركيا اعتقلت مئات السوريين بينهم أطفال واعتدت عليهم وسلمتهم رغمًا عنهم إلى نظام بشار الأسد على مدار ستة الأشهر السابقة، ونقلت هيومان رايتس في بيان لها، أقوال المعتقلين السوريين الذين تم ترحيلهم قسرًا، بأن أنقرة أخذتهم من منازلهم وأماكن عملهم ومن الشارع عنوة، واحتجزتهم في ظروف سيئة وتعرضوا للضرب والانتهاكات وأُجبروا على التوقيع على وثائق توافق على العودة "طواعية" إلى سوريا وهم مقيدون بالأصفاد وتحت تهديد السلاح، وذلك في مخالفة صريحة للقانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان الذي يحظر ذلك.

وتعليقًا على ذلك، قال عبد الرحمن ربوع الكاتب والسياسي السوري، إن ملايين اللاجئين السوريين في تركيا يعانون مخاوف من احتمال قيام سلطات هذا البلد بتنفيذ حملة إعادة قسرية لهم، مضيفًا بأن مخاوف واقعية سببها شح المساعدات الإغاثية والإعاشية المقدمة لهؤلاء اللاجئين من الدول المانحة حيث تراجعت كمية ومقدار المنح الدولية التي يتم ضخُها في برامج المساعدات الأممية والدولية للاجئين السوريين وغير السوريين منذ بداية العام 2020 مع بداية ظهور وانتشار وباء كورونا وزادت الوتيرة مع بداية هذا العام 2022 مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ونزوح أكثر من عشرة ملايين لاجئ أوكراني إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا.

وأوضح ربوع في تصريحات لـ "الفتح" أن هذا الأمر أحدثا خللًا في كم ونوع المساعدات المقدمة للاجئين السوريين واضطرار الدول المستضيفة ومنها تركيا لتقليل عدد اللاجئين السوريين على أراضيها، مع التأكيد أن تلك الأزمات لا تبرر تعامل أنقرة مع اللاجئين السوريين بهذه الطريقة.

وأشار ربوع إلى أن تركيا تقوم بترحيل أي لاجئ سوري مخالف في شروط الحماية -كتغيير محل الإقامة أو التأخر في تجديد وثائق حمايته-، أو بمعنى أدق تترصد لهم لكي تقوم بترحيلهم كما ترحل كل من يرتكب جريمة بعد انتهاء فترة عقوبته، وترحل أيضا كل من دخل بطريقة غير مشروعة وليست لديه وثائق إقامة أو حماية وهؤلاء يصل عددهم لعشرات الآلاف أي حوالي واحد بالألف تم ترحيلهم إلى مناطق سيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا باعتبارها مناطق آمنة نسبيًا لكنها لا تزال في الواقع خطرة وتتعرض يوميًا لقصف جوي ومدفعي من قبل قوات النظام وحلفائها كما تتعرض إلى انفجار عبوات ناسفة وألغام.

وأكد المعارض السوري أن سوريا ما زالت بعيدة عن استقبال مواطنيها العائدين؛ بل إن محافظات كدمشق وحلب يهاجر منها آلاف الأشخاص يوميًا بحثًا عن لقمة عيش في دول الجوار كالعراق ولبنان والإمارات ومصر وليبيا، والبعض من هؤلاء يحاولون عبور المتوسط باتجاه أوروبا، فكيف يمكن إعادتهم؟، لافتًا بأن العودة إلى سوريا ليست صعبة بل هي سهلة للغاية شرط إتمام المجتمع الدولي الحل السياسي بتنفيذ القرار 2254 وإنشاء هيئة حكم انتقالي تقود سوريا إلى إعادة الإعمار وإعادة اللاجئين.

وأكد تيسير النجار الكاتب والمعارض السوري أنه قبل بيان منظمة هيومان رايتس ووتش بشهور وتركيا تعتقل السوريين من الشوارع ومن البيوت ومن أماكن عملهم وتجبرهم على توقيع أوراق ترحيل عنوة، مضيفًا أن تركيا تقوم بترحيل الرجال ويتركون عائلاتهم بإسطنبول أو العكس ويأخذونهم للحدود ويرغمونهم على عبور الحدود تحت تهديد السلاح.

وأوضح النجار في تصريحات لـ "الفتح" أن الواقع يؤكد وكل المنظمات الحقوقية كذلك، أن سوريا غير آمنة لعودة ما قد يزيد اليوم عن 15 مليون سوري لاجئ بالعالم أي ما يمثل ثلثي الشعب السوري وأكثر، والثلث الثالث نصفه لاجئ داخل سوريا، مؤكدًا كل القيادات الحالية التي تمثل السوريين لا فائدة منهم للأسف، متمنيًا أن تكون هناك قيادة جديدة للسوريين بعيدًا عن كل المعارضة الحالية.

وقال المهندس أحمد الشحات الباحث في الشئون السياسية إنه منذ أن قامت الثورة السورية والشعب السوري الشقيق المسلم السنَّي يعاني من الويلات المتفانية والبلاء تلو البلاء وتسلط قوى الأرض على هذا البلد العربي المسلم؛ مما أنهكه وسلب قواه وشتت شعبه وحوَّل هذه الجنة التي كانت في يوم من الأيام أحد الأماكن التي كان يضرب بها المثل في الجمال والهدوء وغيرها إلى حطام وإلى رماد بفعل القصف من القوى الغاشمة المختلفة وبسبب الميليشيات الأسدية المجرمة.

وأكد الباحث في الشئون السياسية أن كل هذا يعد في كفة والخذلان من الأشقاء ودول الجوار ممن لم يمدوا يد العون إلى هذا الشعب المظلوم المكلوم في كفة أخرى، لافتًا إلى قول الشاعر "وظلم ذوي القربى أشد مرارة على النفس من وقع الحسام المهند".

وأوضح الشحات أنه كان يجب من منطلق الأخوة الايمانية ومن منطلق الشراكة الإنسانية ومن منطلق الدم العربي ومن منطلق الجيرة أن تستوعب هذه الدول المجاورة هذا الشعب المسكين -اللاجئين السوريين- الذي فرّ من ويلات الحرب ومن القصف ومن ميليشيات بشار المجرمة التي تقتل وتنهب وتسلب وتعتدي على الأرواح والأعراض.

وتابع: "ولكن للأسف كثير من هذه الدول كان يحكمها المصلحة في ذلك ولم تقم بواجبها الديني الشرعي والإنساني والجواري، لهم الله -عز وجل- ونسأله أن يفك كربهم وأن يخرجهم منه بإذنه وفضله وكرمه". 

وقال الدكتور وائل سمير الكاتب والداعية الإسلامي، إن تزايد نبرة العنصرية التركية ضد اللاجئين السوريين في تركيا تعد صورة من صور المنافسة السياسية مع قرب الانتخابات التركية، مشيرًا إلى أن الموقف التركي من الثورة السورية كان الدعم المطلق لهم وللائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية منذ سنوات، كما كانت الراعي الأساسي لـ"الجيش الوطني السوري" أو ما عرف في البداية بـ"الجيش السوري الحر"

وأوضح سمير في تصريحات لـ "الفتح"، أن الضغوط الاقتصادية والمنافسة السياسية كانت بداية اللعب بورقة اللاجئين السوريين حيث بدأت المشاعر تجاه السوريين تتغير منذ أحداث أنقرة في أغسطس 2021 عندما قُتل مواطن تركي على يد لاجئ سوري طعنًا، وأسفر ذلك عن أعمال عنف واسعة استهدفت السوريين هناك وبدأ الاستخدام السياسي للحادث للضغط على الحكومة مع اقتراب الانتخابات.

وأكد الداعية الإسلامي أن من نقاط التحول في موقف تركيا تجاه اللاجئين السوريين بدأت عند إعلان أردوغان عن مشروع وصفه بـ"إعادة تسكين" مليون لاجئ سوري في مناطق الشمال السوري الواقعة تحت سيطرة تركيا في وقت قريب، مضيفًا أن هذا التغير في العلاقة مع السوريين يشير إلى انتهاء فترة الربيع التي كانت من وراء الملف السوري.

وشدد سمير على أن نصرة المسلمين المستضعفين على الأقل تكون بالسماح لهم في المعيشة رغم أنهم يتكبدون عناء المعيشة الصعبة هناك كغيرهم ودون السماح لهم بالجنسية التركية، لافتًا إلى أنه من المهم أن يتحرك المسلمون لحماية اللاجئين السوريين، وتابع: "وليس أقل من السماح لهم بالمعيشة في بلاد المسلمين ولو كلاجئين إن لم نستطع أن ندعمهم في حقوقهم في وطنهم".