الدفعة الأولى من بطاريات "باتريوت" تفاقم الصراع الروسي الأوكراني

خبراء: عدة دول مرشحة للدخول في الصراع.. وأوروبا فشلت في استقلالها عن واشنطن

  • 42
الفتح - أرشيفية لمنظومة باتريوت

في ضوء تصاعد الصراع الروسي الأوكراني، تسلمت كييف منذ أيام الدفعة الأولى من منظومة بطاريات "باتريوت" الأمريكية للدفاع الجوي بعيدة المدى، وكان الرد الروسي قاسيًا بتكثيف ضرباته الصاروخية على البنية التحتية للطاقة الأوكرانية، واحتدمت المعارك في عدة مناطق.. فإلى أي مدى سيصل ذلك الأمر، وهل سيطيل أمد الحرب؟!

روسيا تصعد منذ نحو ثلاثة أسابيع ضرباتها الصاروخية على أوكرانيا، خاصة مدينة "باخموت" الشرقية التي تركز القتال عليها وتمطرها بوابل من الصواريخ، وتسعى "كييف" جاهدة للحفاظ على المدينة رغم تكبدها خسائر مادية وبشرية فادحة، في حين تحاول موسكو تحقيق تقدم عسكري فيها وتدمير الدفاعات الأوكرانية بالمدينة باعتبارها مركز دفاعي مهم يجب القضاء عليه. 

في هذا الصدد، قال الدكتور أحمد مصطفى، الباحث السياسي ورئيس مركز آسيا للدراسات السياسية والاقتصادية، إن استلام كييف بعض الأسلحة من دول حلف "الناتو" سيغير في معطيات الأمور؛ فأوكرانيا حاليًا بمثابة من وُضع داخل المصيدة وهناك مشكلة داخلية تحدث يتم التعتيم عليها تتمثل في تغيير بعض قيادات الجيش، وهناك فشل في بعض المعارك التي دارت مؤخرًا في "باخموت" و"خاركيف" وغيرهما؛ وكل ذلك ينعكس على المشهد بصورة عامة، ولن تسمح روسيا بأي تقدم أوكراني، وستطوق كل المنافذ البحرية الأوكرانية كي تجعلها دولة منغلقة معزولة، ومع بداية فصل الربيع سيكون لموسكو منحى آخر.

وأضاف مصطفى لـ "الفتح" أنه ستكون هناك مشكلات اقتصادية متجددة مع الوقت، وسيحدث نوع من الكساد الاقتصادي لا سيما بعد تبعات جائحة "كورونا" مثلما حدث خلال عام 2008م، والدليل على ذلك أنه الآن أعلنت ثلاثة بنوك كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية إفلاسها وهي بنوك "سيليكون فالي" و"سيغنتشر" و"سيلفرغيت كابيتال"، وكل ذلك انعكاسات سلبية لتلك الأزمة بالطبع لأن التضخم في الغرب زاد بصورة غير مسبوقة وهناك مظاهرات واحتجاجات يومية حتى داخل الدول التي كانت مؤيدة للعقوبات الغربية على روسيا، وصار هناك رأي عام شعبي داخل تلك الدول حاليًا مخالف لما عليه صناع القرار في تلك البلاد، وكل هذه الأمور تحدث ضغوطًا وتؤثر بالطبع في مجريات الأمور؛ والأداء الاقتصادي يؤكد ذلك سواء في لندن أو بوخارست أو حتى العواصم الصغيرة.

وتابع أن موسكو ستحاول الحسم بشكل نهائي لا سيما مع تفاقم الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها الدول الغربية، والتخبط في صناعة القرارات، وبخصوص طول مدة الحرب عن عام حتى الآن فإن روسيا لديها موازنات متعددة للموضوع حتى قبل البدء بالعملية العسكرية، لكن مؤكد أنها ستحسمه كما حدث مع جورجيا عام 2008م وكازاخستان، وبوتين لا يريد أوكرانيا بالتحديد ولا نظامها بل يريد من هم خلفها من الغربيين، يريد توجيه ضربات لمن يحركها من خلف الستار، وهو الذي يضع قواعد اللعبة الآن، والعالم انقسم بالفعل بين جبهتين كبريين شرقية صاعدة تقودها روسيا والصين، وغربية تعاني من الأفول والسقوط تقودها أمريكا، ومع كل أسف فشلت أوروبا في استقلال قرارها عن واشنطن.  

أما الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، فيرى أن المشاهد الأوكراني متصاعد بطبيعته وأن دفعات منظومة "باتريوت" ستزيد المشهد تعقيدًا مما هو متوقع، خصوصا في ظل تصريحات روسيا أن تلك المنظومة ستكون هدفًا لها هي ومن يعمل عليها أيا كانت جنسياتهم.

وأضاف غباشي لـ "الفتح" أن الأمر صار حاليًا "على المكشوف" بمعنى أنه بات صراعًا أمريكيا روسيا بامتياز، وأن لكل منهما داعمين كدول حلف "النيتو" بالنسبة لواشنطن، والصين وكوريا الشمالية وإيران وتجمع "شنغهاي" بالنسبة لموسكو، وربما يستخدم الروس في الفترة المقبلة أسلحة أشد مما هو مستخدم الآن؛ وبذلك أصبحت أوكرانيا ساحة صراع، وأخطر ما هو موجود الآن أن دولًا كثيرة مرشحة للصدام في المستقبل القريب خصوصا بولندا لا سيما في ضوء التصريحات الروسية المنزعجة من تصرفاتها.

القوات الأوكرانية تعلم مدى قوة روسيا لذلك تسعى للإبقاء على أجزاء من خريطتها وتحويل ذلك الصراع إلى حرب استنزاف؛ لتكبيد موسكو أكبر الخسائر بدعم غربي بالطبع سواء سياسي أو اقتصادي أو عسكري، والدفعة الأولى من منظومة "باتريوت" ستسهم في تحقيق هذا الهدف.