دمج قوات الدعم السريع يؤجل إنهاء الأزمة السودانية

خبراء: المشهد معقد والتجاذبات الدولية صعَّدته.. والحل يكمن في التسوية السياسية الكاملة

  • 36
الفتح - أرشيفية

فشل جديد مني به أطراف الأزمة السياسية في السودان، في محاولات الوصول إلى تسوية شاملة تحقق الاستقرار، رغم مرور ما يقرب من 4 سنوات على الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير.

ويوم الخميس قبل الماضي، أُعلن تأجيل التوقيع النهائي للاتفاق الإطاري بين القوى المدنية والعسكرية، وسط دعوات للتظاهر اعتراضًا على هذا التأجيل، إذ كان هذا التأجيل هو الثاني بعد موعد سابق في الأول من أبريل الجاري، وذلك بسبب الخلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع حول دمج الأخيرة في الأول.

في هذا الصدد قال الدكتور أبو بكر فضل، الأكاديمي السوداني والباحث في الدراسات السياسية والاستراتيجية: بعد إصرار الآلية الثلاثية (الاتحاد الإفريقي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية "إيقاد"، وبعثة الأمم المتحدة) على المضي قدمًا في التسوية السياسية بين المدنيين والعسكريين الموقعين على الاتفاق الإطاري، دخلت الأزمة السياسية مرحلة جديدة شهدت تجاذبات سياسية بالغة التعقيد والحساسية.

وأضاف فضل لـ "الفتح" أنه نتيجة للاتفاق الإطاري الموقع يوم 5 ديسمبر الماضي حدث انقسام داخل المكون العسكري وظهر صراع بصورة أقرب للتحالفات؛ حيث نجد اقتراب قائد قوات الدعم السريع من قوى (الحرية والتغيير- المجلس المركزي) متمسكًا ومتحمسًا للاتفاق الإطاري، وعلى النقيض القائد العام للقوات المسلحة السودانية أكثر قربًا من (الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية) التي تنادي بالتسوية الشاملة عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول.

وأشار إلى أنه من خلال الورش التي عقدتها الآلية الثلاثية مع أطراف الاتفاق الإطاري برزت عدة خلافات أخرى أهمها وأخطرها الخلافات بين قادة الجيش و"الدعم السريع" في عملية الدمج والتسريح؛ فالجيش يريد الدمج خلال عامين فقط، وقوات الدعم السريع تريدها من 5- 10 سنوات؛ نتج عن ذلك عدم الاتفاق على التوصيات النهائية للورشة، وعصفت بالجدول المتفق حوله كإطار زمني للتوقيع النهائي وتشكيل الحكومة، وبعد شد وجذب اتفقوا على تأجيل التوقيع إلى يوم ٦ أبريل المقبل، ثم حدث التأجيل مرة أخرى بسبب الخلاف حول ما يخص القطاع الأمني والعسكري. 

وأردف أن الحل يكمن في إكمال التسوية الجارية على مستويين (عسكري) بحسم الخلاف بين الجيش والدعم السريع والاتفاق على مصفوفة زمنية لدمج وتسريح الأخيرة ومعالجة إشكالية الجوانب الإدارية والقيادة والتسليح والشركات التي تخص "الدعم السريع". أما المستوى الثاني فهو مربوط بحسم الخلاف بين كتلتي الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية، والمجلس المركزي) وهذا لا يتأتى إلا بقبول المجلس المركزي بكامل مكونات الكتلة الديمقراطية، وإلا فالاتفاق النهائي بعيد المنال. 

أما عمار العركي، الكاتب والباحث السياسي السوداني، فيرى أن التطورات التي حدثت أو التي ستحدث يمكن قراءتها في سياق "الشيء المتوقع" بالنظر للسياسة والفلسفة المتبعة في نشوء وتصميم الاتفاق الإطاري. هذا التأجيل والذي قبله نتيجة لخلافات جوهرية حول قضايا مصيرية، وكان هناك توجه بأن يتم تجاوز ذلك حتى لا يعرقل مسار الاتفاق حول الوصول للسلطة وبعدها العمل على تسوية تلك القضايا بقوة السلطة كيفما اتفق مع الحاكمين الجدد.

وأضاف العركي لـ "الفتح" أنه ليس السياسيون فقط بل العسكريون أيضًا الذين لن يتخطوا نقطة الخلاف هذه؛ لأنها محور مركز الاتفاق الإطاري؛ فحميدتي لم يتحالف أو يقوى من جبهة فولكر بيرتس (ممثل الأمم المتحدة في السودان) و"المركزي" إلا بضمان استقلالية "الدعم السريع" وتبعيته لرئيس الوزراء المدني؛ فبالتالي كانت المناورة بطول الفترة الزمنية من 5- 10 سنوات، أما القوات المسلحة -وهي المسئولة والمعنية والمخطط والمنفذ للدمج- فقالت "سنتان فقط"، والكلمة النهائية ستكون لمن بيده قوة السلطة وسلطة القوة.

يأتي هذا في الوقت الذي تتنامى فيه المساعي المصرية لتقديم سبل دعم الحل السياسي للأزمة وتحقيق المصالحة الداخلية؛ على اعتبار أن السودان امتداد استراتيجي وأمن قومي بالنسبة لنا، ولا تقتصر جهود القاهرة على الناحية السياسية فقط، بل إنها تعمل دومًا على تنمية السودان بالعديد من المشروعات وأبرزها مشروع الربط الكهربائي بمدينة مروى شمال البلاد، وسيحل الكثير من مشكلات القطاع الكهربائي بالسودان، ولا بد من اصطفاف السودانيين حول مؤسساتهم وتنحية الخلافات جانبًا حتى تتم المصالحة السياسية.