جرائم الأحداث.. نتيجة كارثية لمحتوى العنف

  • 28
الفتح - أرشيفية

مشاهد عنف بالآلاف تُخزن بذاكرة الأطفال.. والعقوبات الحالية غير رادعة

قبل عدة أسابيع سيطرت حالة من الصدمة على أهالي كفر داوود عقب مقتل طفل في الصف الثالث الابتدائي في واحدة من أبشع الحوادث، إذ استدرجه زميلاه لسرقة مبلغ مالي بهدف شراء "أندومي وشيبسي"، لم تكن هذه الحادثة التي تشهدها القرى أو المدن؛ بل هناك العشرات من مثيلاتها، ما يدفعنا بالتساؤل ما العوامل التي تدفع بالأحداث لارتكاب تلك الجرائم؟ وأيضًا تساؤلات أخرى، فكيف لطفل لم يتجاوز عمره العشرة أعوام أن يتولد لديه العنف بهذا الشكل؟ وما علامات أن الطفل يتجه نحو الانحراف؟ والسؤال الأهم كيف نحمي أطفالنا؟.

في البداية، قال الدكتور مصطفى عبدالسلام، أخصائي الصحة النفسية، إننا أمام مشكلة كبيرة يجب أن نقدر حجمها ومآلاتها الخطيرة، لأننا أصبحنا أمام أطفال بدرجة سفاحين؛ فعلينا أن ندرك حجم الخطورة.

ويرى "عبدالسلام" في تصريحات لـ "الفتح"، أننا نحتاج إلى فهم السلوك الإجرامي في إطاره العلمي، فهؤلاء الأطفال قد يكون لديهم اضطراب مسلك يتمثل في خنق الطفل الحيوانات وإشعال الحرائق وتخريب الممتلكات بشكل جنوني أكثر من الراشدين، وحينما يرتكب الطفل الجريمة تكون بشكل أفظع مما يفعله الراشدون لأنه غير مدرك لمآلات الأمور، ولا يأخذ الأمور بالوازع العاطفي أو الوجداني الذي يدركه الكبار، فالطفل لا يدرك التفكير المجرد. 

وتابع: "هناك دراسات إحصائية لتحليل المحتوى الموجه إلى الأطفال كشفت عن أن ساعة واحدة فقط من مشاهدة أفلام الكارتون تحتوي على 80 مشهد عنف وهو أكثر من 8 إلى 9 مرات من المعدل الطبيعي في المشاهد الموجهة إلى الراشدين".

ويشير الأخصائي النفسي إلى عالِم آخر مهتم بقضية العدوان عند الأطفال ويدعى "جوردن ريفمن" أجرى تحليل محتوى إحصائيًا وجد أن الأعمار من سن 10 سنوات إلى سن 18 سنة وهي مرحلة المراهقة، يتعرضون لـ 200 ألف مشهد عنف و40 ألف جريمة قتل بالمشاهدة فقط، موضحًا أن الأمر في غاية السوء وهو التبلد أمام العنف.

وعدّد أسبابًا أخرى للعنف من بينها التطرف الوالدي وله مسلكان المسلك الأول التدليل الزائد المؤدي لاضطراب المسلك، فالطفل المدلل لا تكون لديه المناعة النفسية التي تجعله قادرًا على مقاومة كلمة (لا)، فهذه الكلمة تجعله يشعل النيران، أما المسلك الثاني فهو افتقاد الطفل للحنان والعاطفة بأن يتعرض للعنف أو القسوة الزائدة والمفرطة من الأبوين.

سبب آخر أشار له الأخصائي الاجتماعي وهي الدراما والأفلام السينمائية وموسيقى الراب التي تعلم الأطفال كلمات السجع وعوجة اللسان والاندفاعية في الرد، والذين يقولون إن هذه الأفلام تعالج قضايا اجتماعية موجودة في المجتمع مردود عليه، فهم يطرحون قضية البلطجة بشكل تفصيلي ودقيق ثم يختزلون الحل في لقطة أو يحشرون الرسالة الإيجابية في آخر خمس دقائق، ولا يدركون أنهم يتحولون إلى توعية سلبية تؤثر بالسلب على النشء.  

أما الدكتور أحمد عبدالحميد، الخبير القانوني، فقال إن مثل هذه القضايا تدمي القلب، منتقدًا العقوبات المنصوص عليها في القوانين الحالية.

وأضاف "عبدالحميد" في تصريحات لـ "الفتح" عقوبة الحدث تشمل أربعة أقسام، الأول التوبيخ في بعض الجرائم الخفيفة، والثاني التسليم إلى الأهل مع أخذ التعهد عليهم بالمراعاة والتنشئة والتربية، أما الثالث تتمثل في الاختبار القضائي أن يكون بالبيت؛ ولكن تُهيأ له بيئة معينة وبإشراف قضائي بالتعاون بين وزارة العدل والشئون الاجتماعية، أما الرابع الإيداع في إحدى المؤسسات الاجتماعية التي تشبه السجن وتصل المدة في الجنايات لمدة لا تزيد عن عشر سنوات، وتقدم مؤسسة الإيداع تقريرًا كل شهرين عن حالة المودع؛ فإن رأى القاضي فيه الصلاح يمكن أن يطلق سراحه.

وتساءل الخبير القانوني عن جدوى تلك العقوبة ومدى قدرتها على مواجهة العنف المتولد لدى الأحداث، داعيًا إلى ضرورة تغليظ العقوبة بشكل يساهم في تقليل تلك الجرائم.