وساطة بيلا روسيا تنقذ بوتن من تمرد فاجنر.. والاشتباك مع الجيش كان وشيكًا

  • 29
تمرد فاجنر

في ليلة وضحاها، انقلبت مجموعة فاجنر العسكرية من سلاح في يد موسكو لتنفيذ مصالحها إلى خنجر في ظهرها، وهو ما كان مفاجأة للجميع على رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين، الذي نقل يفجيني بريجوجين من رجل أعمال يشق طريقه في الاستثمار الخاص بالمطاعم وطاهٍ خاص يثق به إلى قائد مجموعة عسكرية ذاع صيتها في عدة بقاع ساخنة من العالم بداية من إفريقيا والشرق الأوسط وحتى الحرب الأوكرانية، إلّا أن ذلك التمرد كان له مقدمات بسبب الخلاف القديم بين وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو وبين يفجيني بريجوجين والذي يعود لما قبل العملية العسكرية في أوكرانيا في 24 فبراير 2022.

أحد أبرز محطات الخلاف بين شويجو وبريجوجين شهدت إلغاء وزير الدفاع الروسي عقودًا مع شركات بريجوجين لإمداد الجيش بالطعام وهذا بعدما جاء وزيرًا للدفاع عام 2012 وقبل أن يتم تشكيل مجموعة فاجنر العسكرية عام 2014، كما أن صعود بريجوجين وتوليه كثيرًا من المسئوليات والأهداف الروسية في إفريقيا وسوريا ومؤخرًا في أوكرانيا، وظهر ذلك الخلاف بقوة أثناء الحرب وخاصة خلال معركة باخموت التي استمرت 8 أشهر ونصف الشهر، واتهم خلالها برجوجين الجيش الروسي ووزير الدفاع شويجو بتعمد عدم إمداد فاجنر بالذخيرة بل وقصف قوات فاجنر عن عمد.

وعن تأثير تمرد فاجنر الذي لم يستمر سوى يوم واحد قبل تراجع بريجوجين وانتقاله مع قواته إلى بيلاروسيا، يقول المحلل السياسي الروسي، فلاديمير ماتوزوف، إن تمرد قائد فاجنر كاد أن يؤدي إلى انهيار الدولة الروسية لو وجدت حركته استجابة لدى الشارع أو قوات الجيش والجنود وكانت روسيا ستدخل في حرب أهلية مثلما حدث خلال الثورة البلشيفية وما تبعها من أحداث في الاتحاد السوفيتي عام 1917، مشيرًا إلى تحركات بوتين السريعة بتدخل الرئيس البيلاروسي للوساطة واستعانته بكتائب أحمد الشيشانية التي دخلت المدن الروسية بقواتها بالفعل إلى جانب تماسك الجيش الروسي وإعلان بوتين رفع رواتب الجيش الروسي بالكامل وكذلك عدم محاسبة جنود فاجنر الذين لم يشاركوا في التمرد.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن أوكرانيا لم تتمكن من الاستفادة من تمرد فاجنر على جبهات القتال، وأن الجبهات الروسية لم يكن فيها أي ثغرات كي تستفيد منها أوكرانيا في هجومها المضاد، مشددة على أن وحدات الجيش الروسي لم تغادر مواقعها في الجنوب أو الشرق خلال ساعات التمرد، وأن الجيش الروسي لم يبطئ القتال بل أطلق أكثر من 50 صاروخًا على أوكرانيا.

فيما أشار خبراء عسكريون أمريكيون إلى أن تماسك الجيش الروسي في الجبهات وبينها باخموت كان السبب المباشر في الحيلولة دون استغلال كييف ثغرة "تمرد فاجنر".

ومن جهته، قال المهندس أحمد الشحات الباحث في الشئون السياسية، إن تمرد فاجنر يمثل طعنة قوية في الظهر لبوتين وللجيش الروسي بشكل عام ولكن حتى الآن لا يبدو أنها ستكون طعنة قاتلة، مضيفًا أنها مؤثرة وقوية ولكنها لم تؤثر على الأوضاع حتى الآن سواء في أوكرانيا أو غيرها، ومن ثم فستظل التجربة قيد الدراسة للنظر فيها على المدى البعيد هل بالفعل تمثل ضربة مؤثرة على مسار الحرب الأوكرانية أم لا؟، فضلا عن تمدد الوجود الروسي في بعض البلدان العربية مثل ليبيا وسوريا.

وأوضح في تصريح لـ "الفتح"، أنه قد يكون من المبكر الحكم على تأثير تمرد فاجنر على المدى الطويل، مضيفًا أن قوات فاجنر يستخدمها بوتين كأذرع غير رسمية لتحقيق أغراض وأهداف الجيش الروسي وتقوم بأعمال ربما لا يريد الجيش الروسي ولا تريد روسيا أن تحاسب على ضريبتها أمام الرأي العام العالمي.

وأشار "الشحات" إلى أن تجربة تشكيل فيالق عسكرية أو شركات عسكرية بهذا التدريب والتسليح الضخم ستظل موضع دراسة، فهل سيتم الاستمرار فيها أم لا، وهل سيتم تكرارها أم لا، موضحًا أنه من المتفق عليه أنها تجربة محفوفة بالمخاطر، ومن الممكن بسهولة أن تتحول تلك المجموعات إلى خنجر في ظهر من استخدمها أو وظفها كما حدث في خلال تمرد فاجنر في موسكو