صدمات الغذاء تتواصل عالميًا.. الهند تمنع تصدير الأرز بعد إنهاء روسيا اتفاق الحبوب.. وتطمينات حكومية

مختصون: التوسع الرأسي والأفقي للمحاصيل الاسراتيجية يمهد الطريق لسد احتياجاتنا المحلية

  • 49
الفتح - زراعة الأرز أرشيفية

تباينت ردود الأفعال الدولية والإقليمية وحتى المحلية عقب إعلان روسيا التخارج من اتفاق الحبوب عبر البحر الأسود، ما بين مترقب لسعر القمح وآخرين لحركة التداول في البورصات العالمية والأسواق، وبالتزامن مع ذلك أصدرت الهند –أكبر مصدِّر للأرز بنحو 40% من التجارة العالمية- في 20 يوليو قرارًا بحظر تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي، بدافع الحفاظ على سعره محليًا، وهو ما يشير إلى قلق وسط توقعات بزياده سعره على المستوى الدولي، وهو ما نفاه مختصون على المستوى المحلي مرجعين ذلك إلى وجود مخزون استراتيجي من الأرز يكفى لعدة أشهر، بالإضافة إلى دخول موسم الحصاد الجديد أغسطس المقبل، وسط مخاوف من اتجاه بعض التجار إلى حجب السلعة عن المستهلك.

ووسط تبادل الحجج والاتهامات بين الدول الكبرى بالتسبب في قرار منع التصدير يبقى المتضرر الأكثر استيرادًا للحبوب بعض البلدان بينها عدة دول عربية على رأسها مصر التي تستورد أكثر من 50% من احتياجاتها للقمح من الخارج والتي حصلت على ما يزيد عن 1.55 مليون طن سبتمبر الماضي.

ومن جهته، طمأن الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، المواطنين بوجود احتياطي كافٍ من القمح يكفي نحو 5.2 أشهر، لافتًا إلى أن قرار انسحاب روسيا لم يكن مستبعدًا، مع استمرار الحرب الأوكرانية، ولذا كان لا بد أن نأخذ احتياطنا، سواء كانت حربًا حقيقية أو صراعًا اقتصاديًا".

وأكد ضعف تأثير الانسحاب على السوق المصري، لتتراوح من 5 إلى 8%، مشيرًا إلى أن مصر حرصت على تعدد مناشئ استيراد القمح، منها فرنسا وألمانيا ورومانيا، وأمريكا وبلغاريا والتي تصل إلى نحو 23 منشأ كما أن مصر لديها تجربة في توفير السلع الغذائية والأقماح طوال فترة جائحة كورونا وأيضا مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية.

وقال الدكتور إبراهيم عشماوي، رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، من السابق لأوانه أن نحكم على هذا الأمر لأن أي اضطرابات تحدث في سلاسل الإمداد تؤثر بشكل سلبي على الأسعار وحدثت زيادة في أسعار الأقماح على شاشات البورصات العالمية منذ تجميد الاتفاق بنسبة 2.7%، مؤكدًا أن احتياطيات السلع وعلى رأسها القمح تكفي ستة أشهر، قائلًا: استوعبنا الدرس وقمنا بتخزين احتياطي كافٍ وحرصنا على تنوع المناشئ لـ 22 دولة بخلاف روسيا وأوكرانيا.

أما فيما يخص الأسعار في العقود الآجلة يعتقد إيهاب يعقوب خبير أسواق المال، أنه من الصعب التكهن بمآلات حظر صادرات الأرز الهندي والحبوب الروسية على المدى المتوسط أو البعيد، أما على المدى القصير فشهدت الأيام القليلة الماضية والتي تلت قرار التجميد حالة من عدم الاستقرار على شاشات التداول صاحبها قفزة للعقود الآجلة مساء الثلاثاء الماضي في مجلس شيكاغو للتجارة حيث سجلت العقود الآجلة للقمح ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 8.5% بارتفاع ناهز 7.57 دولارات كما ارتفعت العقود الآجلة للذرة  4.7% مسجلة صعودًا بقيمة 5.52 دولارات للبوشل -27 كليو جرام-، وهو أعلى مستوى أيضا لهما منذ فبراير، بخلاف الأرز الذي شهد زيادة على الطلب منذ قرار نيودلهي حظر تصديره، خاصة وأن الفاعلين الآخرين لسوق الأرز تايلند وفيتنام وحتى أمريكا ليس لديهم احتياطي للتعويض ويخشون من تغيرات المناخ.

وأوضح البرلماني السابق رائف تمراز، أن الحكومة حريصة على زيادة المساحات المزروعة بالقمح من خلال التوسع الرأسي بانتقاء تقاوٍ وأصناف جديدة عالية الإنتاجية وذلك التوسع الأفقي في الأراضي المستصلحة الجديدة في مشروع توشكى والدلتا الجديدة وغرب المنيا والنوبارية والإسماعلية وسيناء وبورسعيد وبلغت مساحة العام الحالي نحو 3.659 ملايين فدان بإنتاجية حوالي 10 ملايين طن، واستهلاك يتجاوز الـ20 مليون طن.

واستبعد تمراز تأثير القرار الروسي على المدى القصير لسببين، الأول: أن التوقيت يواكب توريد القمح من المزارعين والذي قارب من 4 ملايين طن وهو ما يزيد عن 91% من حجم المستهدف هذا العام ما يعني ارتفاع المخزون الاحتياطي والذي يكفي حتى نهاية العام وحتى نهاية يناير من العام المقبل، لافتًا إلى أن الثاني هو تنوع المناشئ التي اتجهت إليه الدولة تفاديًا لأي طارئ وهو ما حدث بتجديد القرار الروسي .

وشدد البرلماني السابق على ضرورة دعم الفلاح والمزارع بتوفير الأصناف والتقاوي المقاومة للأمراض والتي تتحمل ظروف التغيرات المناخية للمحاصيل، مع تحفيز الفلاح لزراعة المحاصيل الاستراتيجية لاسيما القمح، والذرة، وفول الصويا، والأرز، وذلك من خلال رفع سعر التوريد وتفعيل كارت الفلاح بتوفير السماد والوقود بأسعار معقولة.

من جانبه أكد الدكتور سعد زكريا، الأستاذ بقسم الكيمياء وسمية المبيدات بكلية الزراعة جامعة كفر الشيخ، أن التوسع الرأسي في إنتاج القمح والأرز وزيادة الرقعة المنزرعة من المحصولين يمهد الطريق أمام تغطية احتياجاتنا المحلية دون التأثر بإشكاليات خارجية سواءً نتجت عن تغيرات مناخية كما حدث في قرار سابق اتخذته الهند في سبتمبر من العام السابق بعد الجفاف الكبير الذي ضرب مناطق رئيسية هناك لإنتاج الأرز.

وألمح أن هناك بعض المحاصيل التي يمكننا استغلال مساحاتها المستخدمة لتحل المحاصيل الرئيسية كالقمح والأرز والذرة وفول الصويا وتحقيق مخزون استراتيجي من تلك المحاصيل المهمة القابلة للتخزين، مؤكدًا أنه في الوقت الذي يمكننا الوصول فيه إلى حد الاكتفاء الذاتي من تلك المحاصيل ستحدث انفراجة في كافة مناحي التصنيع المحلي.

وقال الدكتور إبراهيم الوصيف، رئيس قسم المحاصيل بكلية الزراعة جامعة الأزهر، فيرى أن قرارات الدول المنتجة للقمح والأرز بمنع صادراتها لن يؤثر على المدى القصير، كما أن زيادة الرقعة الزراعية لكلا المحصولين سنويًا أمر يتم مراعاته، بالإضافة إلى أن الاحتياطي الموجود حاليًا يكفي لمدة ستة أشهر.

وأوضح، أنه بدءًا من العام القادم سيتوفر لدينا 250 ألف طن من التقاوي اللازمة وهي كمية تكفي لزراعة ما يربو على 4 مليون فدان قمح حال التوسع المستقبلي، كما يمكن تصدير الفائض إلى الخارج، وهي خطوات جادة وداعمة وتهدف الاقتراب من تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.

وأفاد بأن الفترة المقبلة سيزداد حجم المعروض من الأرز محليًا بالتزامن مع موسم الحصاد رغم أنه لدينا اكتفاء ذاتي من الأرز، لافتًا إلى أن الهجن الجديدة التي يتم زراعتها لمرة واحدة يقوم باستخدامها المزارعون لزيادة حجم إنتاجية الفدان من الأرز التي تتراوح بين 5 و5.5 طن، كما أن تنوع نمط زراعته بين الأرز الاعتيادي والجاف زاد من فرص إكثاره ورفع معدلات الإنتاج.

واستبعد تأثير موجات الحر الشديد والتغيرات المناخية الناتجة عن الاحتباس الحراري خاصة وأن موسم زراعته لا زال في بداياته ولم يصل بعد للفترات الحرجة في عمر النبات وهي "فترة الإزهار" والتي حال ارتفاع درجات الحرارة فيها تعمل على تعجيل النضج.