الصين وروسيا تعززان التعاون العسكري في المحيط الهادئ.. وتخوفات غربية

خبراء: العلاقات بين الدولتين تتطور.. وواشنطن تسعى لمنع هيمنة بكين على شرق آسيا

  • 34
الفتح - أرشيفية

أطلقت الصين وروسيا منذ أيام مهام الدورية البحرية المشتركة الثالثة بينهما في بحر اليابان والمحيط الهادئ؛ بغرض الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة، ورصد الممرات المائية وحماية أنشطة الاقتصاد البحري للدولتين، وهو ما بث مخاوف لدى الغرب من التقارب الكبير بين القوتين العظميين. 

تضم الدورية السفينتين الروسيتين "الأدميرال تريبوتس" و"الأدميرال بانتيليف"، والمدمرتين الصينيتين "جويان" و"تسي تسي كار"، وسفن المراقبة "تون لين" و"جي تشاو"، وسفينة التزود "تايهو" ذات الاستخدامات المتعددة. وعلى الجانب الآخر أعلنت اليابان –من خلال الكتاب الأبيض الصادر عن وزارة الدفاع- تخوفها من وجود مناورات بحرية مشتركة بين الدولتين، واعتبرت الخارجية الصينية أن ذلك يعد تدخلًا في شؤونها الداخلية ويخلق توترًا في المنطقة.

وتأتي هذه الدورية في إطار خطط التعاون بين الدولتين لا سيما في المجال العسكري، وسبق لهما أن نفَّذا تدريبات بحرية مشتركة باسم "الشمال - التفاعل 2023" في بحر اليابان، لكن بسبب التوترات السياسية بينهما وبين اليابان وأمريكا فيتخوف الطرف الآخر من أي تعاون بينهما.

في هذا الصدد، قال السفير علي الحفني، سفير مصر الأسبق بالصين، إنه يجب الأخذ في الاعتبار أن العلاقات الصينية الروسية ذات طبيعة خاصة؛ وحققت تقدمًا كبيرًا على امتداد عقود، وتعد علاقات التعاون في المجال الأمني والدفاع من أميز العلاقات بين البلدين خصوصا ما يتعلق بالصناعات العسكرية.

وأضاف الحفني لـ "الفتح" أنه يجب الأخذ في الاعتبار أيضًا أن هذه ليست المرة الأولى التي تُجرى فيها مناورات مشتركة بينهما، فقد عقدت الدولتان مناورات مشتركة بين تشكيلات قواتهما المسلحة في أراضي والمحيط الجغرافي لكلا البلدين؛ وهذا يدل على مدى تقدم تلك العلاقات وتطورها، ينقل في تلك المناورات كل طرف ما لديه للطرف الآخر من معارف وخبرات.

وبين أن المناورات تعد رسائل ضمنية لبعض الأطراف، على رأسها أن الدولتين عازمتان على استمرار العلاقات وتقويتها والحرص على وجود مثل هذا النوع من التعاون، وأنها لن تتأثر بفعل أو أفعال دولة ما أو مجموعة من الدول، لافتًا مخاوف اليابان من وجود مناورات بحرية مشتركة بين روسيا والصين، رغم وجود علاقات رسمية وعلاقات تعاون كالتجارة لكن هناك اختلاف في الرؤى السياسية والمواقف ذات الطابع الاستراتيجي؛ فهذه المنطقة تعكس مدى التوتر بسبب نزاع حدودي روسي ياباني، كما يوجد نزاع على بعض الجزر بين الصين واليابان، وهناك تعاون استراتيجي بما في ذلك المجال الأمني والعسكري بين طوكيو وواشنطن، ونحن نعلم جميعًا طبيعة توتر العلاقات بين أمريكا وروسيا والصين؛ وبناء على ذلك فطبيعي جدًّا أن تعبر اليابان عن تخوفها، مشيرًا إلى طبيعية وجود تخوف من أطراف دولية أخرى ذات علاقات استراتيجية مع اليابان من تلك المناورات أيضًا، وهذا يؤكد أن موقف طوكيو ليس منفردًا بل هناك دول تدعمها كالولايات المتحدة الأمريكية وأعضاء حلف "الناتو" وبعض دول شرق وجنوب شرق آسيا.

أما عماد الأزرق، الكاتب السياسي المتخصص في الشأن الصيني ورئيس مركز التحرير للبحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية، فيرى أن تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في شرق آسيا بهدف إيقاف أو منع هيمنة الصين هناك، والحرب الروسية الأوكرانية لها انعكاسات بالطبع على تلك المنطقة، وهناك توافق كبير بين موسكو وبكين في مجالات مختلفة منها العسكري وهناك تنسيق على أعلى مستوى فيه مثل التدريبات الجوية والبحرية، وزيادة التدريبات البحرية المشتركة خاصة في المحيط الهادي وبحر الصين الجنوبي والشرقي، وتلك الأحداث تؤكد رغبة الصين وروسيا فرض سيطرتهما على المنطقة ضد التدخلات الأمريكية.

وأضاف الأزرق لـ "الفتح" أن هناك خلافات تاريخية كبيرة بين طوكيو وبكين، وتوجد نزاعات حدودية حتى الآن بين البلدين، بل بين طوكيو وموسكو؛ لذلك تخشى اليابان بالطبع من تقارب تلك القوتين خصوصًا مع تقدمهما وتفوقهما عسكريا وتكنولوجيا، وكان من تداعيات ذلك تغيير طوكيو استراتيجيتها الدفاعية العام الماضي المتمثلة في زيادة عدد الجيش وزيادة تسليحه.

وأردف أنه مؤكد وجود خلافات قوية بين الصين وروسيا –من جانب واحد- والغرب، وواشنطن ترى أن موسكو وبكين أكبر مهددين للوجود أو للهيمنة الأمريكية على النظام الدولي الحالي، وترى كذلك أن الصين وروسيا ينشآن بالفعل نظامًا دوليًا جديدًا متعدد الأقطاب، في حين أن واشنطن تعتقد –وتريد الاستمرار في هذا الاعتقاد- أنها المهيمن الوحيد على النظام الدولي؛ لذلك تتخوف دومًا من أي تحرك أو تنسيق مشترك بين روسيا والصين.