باحث شرعي: يجب التفريق بين زيارة القبور السنية التي أمر بها النبي ﷺ والزيارة البدعية التي يستغاث فيها بالأموات

  • 43
الفتح صور أرشيفية

قال الكاتب والباحث الشرعي يحيي الصافي: إن من الخطأ الفاحش عدم التفريق بين زيارة القبور المعدة لدفن الموتى والمساجد التي تبنى على قبر ميت أو المسجد الذي دفن فيه ميت؛ فزيارة القبور سنة مستحبة، لكن إذا كانت على الوجه الشرعي؛ إذ الزيارة زيارتان: بدعية وسنية.

وأوضح "الصافي" -في تصريحات خاصة لـ"الفتح"- أن الزيارة التي مقصودها الدعاء للأموات والترحم عليهم وتذكر الآخرة والموت هذه مطلوبة وهي سنة وقربة، أمر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة" وفي لفظ: "تذكركم الموت"، وكان يعلم أصحابه -رضي الله عنهم- إذا زاروا القبور أن يقولوا: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا -إن شاء الله- بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين" ويدعو لهم يقول: "يغفر الله لنا ولكم اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد".

وتابع أن المؤمن يسلم عليهم ويدعو لهم، أما أنه يدعوهم مع الله يقول "يا سيدي اقض حاجتي، انصرني" هذا شرك أكبر "يا سيدي انصرنا على فلان وفلان، انصرنا على الكافرين، أغثني، اشف مريضي، أنا في حسبك وجوارك" هذا منكر، وهذا من المحرمات الشركية لا يجوز، وهذا فعل المشركين الأولين، نسأل الله العافية، وهذه زيارة بدعية شركية، وهكذا لو زارهم يطوف على قبورهم، هذا أيضًا من الشرك الأكبر إذا كان يطوف يتقرب إليهم بذلك، أما إن كان يظن أن الطواف بقبورهم قربة إلى الله فهذا بدعة ولا يجوز أيضًا، وهكذا الصلاة عندها والجلوس عندها للقراءة بدعة.

وبسؤاله عن حكم دعاء الأموات من دون الله والاستغاثة بهم والنذر والذبح لهم، قال "الصافي": إن هذا من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية، ويعظم الإثم والخطر وتنفتح ذرائع الشرك أكثر إذا كان المسجد في القبر يأتيه الناس من كل مكان فيطوفون به ويقبلون جدرانه ويستغيثون بصاحبه وهذا من الشرك الأكبر البين؛ فالمساجد التي فيها قبور لا يصلى فيها، ويجب أن تنبش القبور وينقل رفاتها إلى المقابر العامة، ويجعل رفات كل قبر في حفرة خاصة كسائر القبور، ولا يجوز أن يبقى في المساجد قبور، لا قبر ولي ولا غيره؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى وحذر من ذلك، ولعن اليهود والنصارى على عملهم ذلك، فقد ثبت عنه أنه قال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، قالت عائشة -رضي الله عنها-: يحذر ما صنعوا متفق عليه.

وأضاف: وقال -عليه الصلاة والسلام- لما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة بكنيسة في الحبشة فيها تصاوير: "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله" متفق على صحته، وقال: "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" خرجه مسلم في صحيحه، عن جندب بن عبد الله البجلي؛ فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن اتخاذ القبور مساجد ولعن من فعل ذلك، وأخبر: "أنهم شرار الخلق"؛ فالواجب الحذر من ذلك.

وأشار الكاتب والباحث الشرعي إلى أن كل من صلى عند قبر فقد اتخذه مسجدًا، ومن بنى عليه مسجدًا فقد اتخذه مسجدًا، فالواجب أن تبعد القبور عن المساجد، وألا يجعل فيها قبور؛ امتثالًا لأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحذرًا من اللعنة التي صدرت من ربنا لمن بنى المساجد على القبور؛ لأنه إذا صلى في مسجد فيه قبور قد يزين له الشيطان دعوة الميت أو الاستغاثة به أو الصلاة والسجود له فيقع الشرك الأكبر؛ ولأن هذا من عمل اليهود والنصارى، فوجب أن نخالفهم، وأن نبتعد عن طريقهم وعن عملهم السيء، لكن لو كانت القبور هي القديمة ثم بني عليها المسجد، فالواجب هدم المسجد وإزالته؛ لأنه هو المحدث، كما نص على ذلك أهل العلم، حسمًا لأسباب الشرك وسدًا لذرائعه.