خطة قومية لإنشاء مخازن استراتيجية للسلع والحبوب

مختصون: تحد من التقلبات السعرية.. وتسهم في رفع تصنيف مصر بمؤشر الأمن الغذائي العالمي

أحمد عمر

  • 40
الفتح - صوامع غلال أرشيفية

ثمن خبراء واقتصاديون سعي مصر تدشين مخازن وصوامع جديدة لتخزين الحبوب والسلع الاستراتيجية والمنتجات الغذائية، مشيدين بتوجهات الحكومة لأن تكون مصر مركزاً عالميًا لتخزين الحبوب، إذ تمتلك المقومات والإمكانات التي تؤهلها لذلك.

وكان رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، قال على هامش حضور قمة البريكس بجنوب إفريقيا مؤخرًا، إن بلاده تسعى لاستضافة مركز عالمي للتخزين بما يسهم في حل أزمة الغذاء العالمية.

واستمرارًا  لتنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتأمين المخزون الاستراتيجي للسلع والحبوب، على مدار العام، تم وضع حجر الأساس لإنشاء مخزن ثانٍ استراتيجي بمحافظة الأقصر على مساحة 10 أفدنة باستثمارات تقترب من 1.5 مليار جنيه، لخدمة محافظة الأقصر وأربع محافظات مجاورة، وذلك ضمن المرحلة الأولى بعد وضع حجر أساس أول مخزن بالسويس منذ أكثر من شهرين، وفقًا لتصريحات الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية.

وأكد الدكتور سعد زكريا، أستاذ بقسم الكيمياء وسمية المبيدات بكلية الزراعة بمحافظة كفر الشيخ، أن زيادة السعات التخزينية يمكن الاستفادة منها في حفظ الفوائض أثناء مواسمها وإعدادها لمراحل أخرى كالاستهلاك أو التصدير، وذلك عبر العديد من الطرق من بينها وضع فوائض الإنتاج الخضري في ثلاجات الحفظ الكبيرة، مشيرًا إلى أن الهدف من ذلك إيجاد توازن بين زراعة العروات المختلفة للحد من حدوث الفجوة الإنتاجية، فالطماطم على سبيل المثال يتم زراعتها في ثلاث عروات، هي يناير، ومارس، وإبريل، حيث من الملاحظ زيادة الإنتاج في عروة؛ بينما يقل في الأخرى وهو ما يحتاج إلى بحث ودراسة للتغلب على المعوقات.

وشدد الدكتور سعد زكريا، على ضرورة التركيز فيما يخص التصنيع الزراعي والغذائي والذي يسهم بحوالي 24.5% من النتاج الإجمالي، ونحو 14% الصادرات، وحجم استثمارته  تتجاوز 500 مليار جنيه وذلك لاستيعاب الكميات من الحبوب والحاصلات الزراعية الاستراتيجية بهدف تقليص حجم المهدر والاستفادة من المعروض بما يحقق القيمة المضافة وضبط الأسعار.

لافتًا إلى أن الفواصل والتوقيتات الزمنية بين عروات زراعة الخضر تحدث نوعًا من إرباك حركة تداول الخضروات وتذبذبات سعرية وتراجع بأحجام المعروض يقابله ارتفاع بمعدلات الطلب متأثرًا بالعوامل الخارجية والتي من بينها السعر والتغير المناخي.

 ومن جهته، قال رائف تمراز وكيل لجنة الزراعة الأسبق، إن مصر تمتلك الإمكانات والمقومات التي تؤهلها لإنشاء مركز عالمي لتخزين السلع والحبوب على مستوى الجمهورية، فهي بوابة إفريقيا ولديها قناة السويس أهم الشرايين الملاحية في العالم، وتلعب دورًا حيويًا في تسهيل التجارة العالمية، كما تمتاز بشبكة طرق محورية تربط عواصم المحافظات ببعضها البعض، وهو ما سهل من إنشاء الموانئ البرية والجافة على الحدود مثل العوجة، وقسطل، وأرقين، وداخل المحافظات مثل ميناء السادس من أكتوبر، والعبور، وجارٍ العمل في ميناء العاشر من رمضان، كذلك ميناء برج العرب، والفيوم الجديدة، وسوهاج الجديدة، وبني سويف في كوم أبو راضي، هذا بخلاف ما تم الإعلان عنه مؤخرًا بافتتاح وزير التموين الدكتور علي المصيلحي في مدينة السويس والأقصر وأسوان، وغيرها.

وأضاف تمراز: "ربط الموانئ والمخازن الاستراتيجية وصوامع التخزين، بشبكة طرق حديثة تشمل شاحنات وسيارات النقل، وكذلك خطوط للسكك الحديدية، سيُسهم في زيادة الاحتياطي الاستراتيجي من تلك السلع، فضلاً عن نمو وزيادة حركة التداول ونقل البضائع والتجارة الداخلية، فضلاً عن زيادة معدلات التجارة مع دول الجوار ليبيا والسودان، هذا بالإضافة إلى المناطق اللوجستية في السلوم مع الحدود الليبية وقسطل وأرقين مع الحدود السودانية، يهدف إلى زيادة حجم التداول التجاري، فضلاً عن تخفيف الضغط عن شبكة الطرق والموانئ البحرية ومنع التكدس بسيارات وشاحنات النقل الثقيل، كما كان يحدث من قبل أمام الصوامع وأماكن تخزين الحبوب والتي تم استبدالها بالمشروع القومي للصوامع.

ويتضمن المشروع القومي للصوامع 51 صومعة سعة 1.5 مليون طن موزعة على 17 محافظة، والتي جاءت لتغطي ما يتم استيراده، وترفع المخزون الاحتياطي والاستراتيجي من الغلال والحبوب، فضلاً عن تقليل الفاقد ومعدلات الهدر ما انعكس قيمته الاقتصادية على الاقتصاد القومي، وفتح مزيد من فرص العمل لتشغيل الشباب، بحسب بيانات حكومية.

بدوره أوضح الدكتور محمد يونس أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، أن التوسع في إنشاء مخازن ومناطق لوجستية يأتي ضمن توجيهات الحكومة بتأمين احتياجات ملايين المصريين من الحبوب والغذاء، مشيرًا إلى أن ما تعرض له العالم إبان جائحة كورونا وما تبعها من آثار الحرب الروسية الأوكرانية أكد أهمية تحقيق احتياجات البلاد من التقلبات السعرية.

ويتوقع أن يسهم التوسع في إنشاء مخازن استراتيجية في تعزيز المخزون السلعي للمنتجات والحبوب الغذائية ويقلل الفاقد ونسبة الهدر، كما يمكن الاستفادة منه في تلبية احتياجات بعض دول الجوار بآسيا وإفريقيا، وأيضا حماية مصر ودول المنطقة من الصدمات والتقلبات السعرية على مدار العام.

وفيما يخص التنوع في اختيار المحافظات، أوضح أستاذ الاقتصاد أن هدفه تقديم الخدمات للمحافظات الحدودية، وخفض معدلات نقل السلع فيما بينها بإنشاء مستودعات استراتيجية ستكون حجر زاوية في تأمين احتياجاتهم الغذائية، كما ستخدم وتنشط من حركة التداولات على مؤشرات البورصة السلعية للحبوب بزيادة السلع التخزينية وبالتعاون مع وزارة التموين، مطالبًا في الوقت ذاته بضرورة الاستفادة من المخازن والصوامع خلال عمليات الإفراجات الجمركية، إضافة إلى ناتج التوسع في المحاصيل الاستراتيجية، وأهمية تصدير الفائض من منتجات الحاصلات الزراعية للدول الإفريقية وأوروبا وآسيا.

وثمن أستاذ الاقتصاد توجهات تدشين المراكز اللوجستية، ووصفها بالخطوات الجادة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب والأعلاف وفول الصويا، مؤكدًا أنها تسهم في رفع تصنيف مصر بمؤشر الأمن الغذائي العالمي.