سلوك مكتسب.. خبير تربوي يوضح لـ"الفتح" أسباب العناد عند الأبناء وسبل علاجه وتخفيفه

"عبد الجواد": العناد في مرحلة المراهقة صورة من صور إثبات الذات علينا تقبله أكثر من كونه مشكلة سلوكية فهو ظاهرة طبيعية ما دامت في حدود المعقول

  • 302
الفتح - العناد عند الأبناء أرشيفية

قال الدكتور بلال عبد الجواد، الخبير التربوي: إن العناد هو حالة من التعبير عن الرفض لأمر ما حتى لو كان مفيدا، أو الانتهاء عن عمل ما وإن كان خاطئا والإصرار على ذلك وعدم التراجع مهما بذلت من محاولات للإقناع أو حتى الإكراه.

وعن أسباب ظهور العناد في بداية مرحلة المراهقة، أوضح "عبد الجواد" -في تصريحات خاصة لـ"الفتح"- أن ظهور العناد في تلك المرحلة هو صورة من صور إثبات الذات علينا تقبله أكثر من كونه مشكلة سلوكية تحتاج إلى علاج فهو ظاهرة طبيعية ما دامت في حدود المعقول إلا أنها تتحول لمشكلة سلوكية ونفسية إذا وصلت إلى حالة الرفض السلبي المستمر والخروج الدائم على ما ينبغي الالتزام به، وبالتالي الخروج عن الضوابط المحددة.

وأكد أن العند سلوك مكتسب وليس فطريا أو موروثا، وبالتالي فإن العند لدى الأبناء ما هو إلا نتاج وانعكاس لأسلوب تعاملنا معهم وتربيتنا لهم، مشيرا إلى أن الابن العنيد يمكن ترويضه وجعله مطيعًا، ولكن لا يمكن القضاء على عناده تمامًا، قائلا: نحن من نصنع الابن العنيد بشخصياتنا وأسلوب تربيتنا.

وبسؤاله عن أسباب العناد عند الأبناء قال "عبد الجواد": إن هناك 3 أسباب رئيسة، وهي على النحو التالي:

1- أساليب التربية الخاطئة من الوالدين، مثل: التدليل الزائد أو شدة القسوة فكلاهما وجهان لعملة واحدة تنتج ابنا عنيدا غير مطيع، أو تحدث الوالدين بصيغة الأمر من دون إقناع أو تعليل، أو عناد أحد الوالدين فيتربى الابن على تقليد العناد من والديه، ومن أمثلة ذلك: قول كلمة "أنت عنيد" للطفل باستمرار؛ فيعتقد أنها صفة إيجابية وتثبت قوة في شخصيته فيتمسك بها أكثر. 

2- محاولة الأبناء لإثبات الذات بطريقة خاطئة؛ فمرحلة المراهقة مرحلة حساسة؛ إذ إنها المرحلة الانتقالية من الطفولة إلى الرشد وفيها يحاول الابن إثبات نفسه وإظهار شخصيته وقوتها وقد يخطئ باعتماده صفة العناد باعتبارها صفة واضحة المعالم وتُظهر الرفض والتمرد ومحاولة فرض رأيه وقراراته والفكرة في حد ذاتها صحيحة -فكرة إثبات الذات- لكن الأسلوب خاطئ.

3- البيئة المحيطة الفاسدة ومن ذلك أصدقاء السوء الذين يبررون للأبناء صحة تصرفاتهم وعنادهم وهذا يعزز لديهم قوة الإصرار؛ لأن "الصاحب ساحب"، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الرجلُ على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدُكم من يُخالِلُ" (رواه أبو داود، وصححه الألباني) وهذا ينبه الوالدين على أهمية بناء معايير سليمة في اختيار الأصدقاء لدى أبنائهم منذ مرحلة الطفولة.

وفي جوابه عن كيفية التعامل مع ظاهرة العناد، أشار الخبير التربوي، إلى أنه من المعلوم أن في الزمن المعاصر أصبح التعامل مع الأبناء -سواء بنين أو بنات- في سن المراهقة صعب في كثير من الأحوال، ولكنّه يصبح أكثر صعوبة عندما يطغى سلوك العناد على غيره من السلوكيّات في هذه المرحلة، ولذلك يمكن اتّباع بعض الأساليب التربويّة؛ للتخفيف من صعوبة التعامل مع الابن العنيد، وأهمّها:

1- تعرف على ابنك عن قرب:

لتستطيع السيطرة على سلوك ابنك العنيد يتوجب عليك فهم شخصيته والتقرب منه منذ مرحلة الطفولة؛ لتكون مرجعا محببا اختاره هو وليس مفروضا عليه بسبب العلاقة الأسرية بينكما.

2- لا تسلط الضوء على أخطائه وسلبياته:

بل انتقد التصرف الخاطيء فقط وعاقبه على مقدار الخطأ، وعليك كأب أو كأم أن تتجاوز التفاصيل الصغيرة وتتظاهر بعدم الانتباه لها؛ فالتجاهل في بعض الأحيان يمكن أن يصلح الأمور ويخفف من الحدة والتوتر في العلاقة خاصة مع الابن العنيد. 

3- استبدل بالأوامر الأسئلة:

فبدلا من "هيا نأكل"، يمكنك أن تقول له: "متى سنأكل؟"، وبدلا من "ذاكر دروسك الآن" يمكنك أن تقول له: "ستذاكر الآن أم بعد 10 دقائق"، واعطه اختيارات دوما حتى يشعر أنه ينفذ ما يختاره حتى لو كانت الاختيارات قريبة من بعضها، ولكنه سيصبح قراره هو واختياره، وليس إجبارا عليه، لا تجعله يشعر بأنك تفرض رأيك عليه، بل شاركه في اتخاذ القرار وبين له أن رأيه محترم.

4- النقاش الهادئ:

يجب التوصل للغة حوار منطقية وهادئة ومتناسبة مع عمر ابنك ووعيه وإدراكه وشخصيته، بعدما يهدأ ويمر موقف العناد، تناقش معه بهدوء وتكلم معه عن ضبط النفس وكيف يدير غضبه وفوائد كظم الغيظ وكيف وصانا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بهذا السلوك، وأكد له حبك وتفهمك لمشاعره. 

5- التفكير من وجهة نظره:

من أهم طرق التعامل مع الابن العنيد أن تفهم الأسباب التي تجعله يتصرف بعناد، حاول أن تتعرف على الأشياء التي تمنحه الحافز والاهتمام؛ لأنك كلما تفهم طريقة تفكيره ونظرته للأمور، ستكون في وضع أفضل معه من دون مشاكل أو خلافات.

6- تقبل أنه يكبر:

يصعب على بعض الآباء والأمهات أن يتقبلوا فكرة أن الطفل الصغير أصبح متمردا ولا يستمع إلى التوجيهات، أصبح الآن شخصا كبيرا أكثر انفتاحًا، ويحتاج إلى أن يشعر باستقلاليته ويسعى لتحقيق ذاته؛ لذلك يجب أن يعلم الوالدان أن كل مرحلة تتضمن التوجيهات الخاصة بها والمعاملة المختلفة.