طارحا الحلول العملية.. باحث شرعي: الحرمان العاطفي ليس مبررا للعلاقات المحرمة

من عندها مشكلة مع أهلها في جانب المشاعر والأحاسيس فلا تعش دور الضحية لأن هذا ليس مبررا أمام الله وهي التي ستعاني في نزيف دفع الفواتير

  • 218
الفتح - الحرمان العاطفي أرشيفية

قال المهندس أحمد الشحات، الكاتب والباحث الشرعي: إن مشكلة الحرمان العاطفي أو كما يسميها البعض الجوع العاطفي أو الاحتياج العاطفي، أيا ما كان، فلابد أولا أن نعلم أن الإنسان عموما يحتاج الى العاطفة كمُكوّن من مكوناته التي ركبها الله فيه، والبعض قد يكون عنده هذه العاطفة منضبطة بالحدود الطبيعية، والبعض يكون عنده العاطفة زائدة، فيسمى الشخصية العاطفية، والبعض يكون عنده هذه العاطفة أقل ويسمى الشخصية التي تعاني من جفاف المشاعر أو أي شيء من هذا القبيل.

وأضاف "الشحات" -في تصريحات خاصة لـ"الفتح"- أنه لاشك أن الأنثى تحتاج إلى العاطفة أكثر؛ لأنها جبلت على ذلك، فتميل إلى الكلام المعسول والكلام الذي فيه تقدير، والشيء الذي فيه ثناء، فتحتاج في التعامل إلى من يخاطب عاطفتها أكثر أو يخاطب قلبها أكثر من أن يخاطب عقلها، لافتا إلى أن ما ذكره هذه مسألة مهمة؛ للتفرقة بين الجنسين، موضحا أن مشكلة الحرمان العاطفي تأتي في الغالب من أحد طريقين، الطريق الأول: سوء التربية الناتج عن جهل الوالدين بأمر العاطفة التي يحتاج إليها الأبناء، والطريق الثاني: التجويع العاطفي.

وأشار إلى أن العاطفة شيء مهم في تكوين الشخصية، وفي تربية الأبناء وخاصة البنات، وأن التربية ليست فقط احتياجات مادية، لكن منها احتياجات عاطفية، كالقبلات والأحضان والتشجيع، واللمسات الحانية الرقيقة وغير ذلك من الأمور التي تمثل إشباعا عاطفيا عند الأطفال، حتى إذا كبر الطفل وعنده من الصغر إشباع عاطفي، ينتقل إلى مرحلة المراهقة فتكون عنده العاطفة مستقرة، خاصة من عندهم ميول عاطفية زائدة.

وتابع "الشحات": ولو أن التربية فيها نوع من عدم العلم والوعي الكافي، فأهملت الجانب العاطفي والاهتمام به، فلا يظهر أثر ذلك في هذا الجانب بصورة كبيرة في الطفولة، ولكن يظهر عند مرحلة المراهقة، مشيرا إلى أن هذا الاحتياج يبدأ في الظهور مع بداية التغيرات الفسيولوجية في تركيبة الشاب أو الفتاة، فيظهر أثر هذا الاحتياج العاطفي، ويبدأ الولد أو البنت في محاولة لسد هذا الاحتياج، وقد تكون بطرق غير شرعية؛ لأن في هذا السن لا يوجد من يطيق الزواج سواء من الناحية المادية أو الناحية الواقعية، فيحصل التنفيس من خلال العلاقات العاطفية المحرمة.

واستطرد: وفيما يتعلق بالتجويع العاطفي، وليس الجوع العاطفي، أن الشخص يجوع نفسه ليس لأنه عنده احتياج، كالفقير الذي ليس عنده مال لكن عنده ما يكفيه من قوته، فينظر إلى حياة الأغنياء في المأكل والمشرب والملبس، فيحصل عنده نوع من الاشتياق أن يعيش مثلهم وأن يأكل كما يأكلون، فهذا اسمه تجويع. متابعا: فالإنسان يعرض نفسه للفتنة، وما يحصل من التجويع العاطفي، من أن البنت تبدأ تشاهد الأفلام والمسلسلات التي تدور حول قصص الحب والعشق والهيام والعلاقات المحرمة، فتبدأ تشتاق لذلك وتبدأ تحب أن تعيش تجربة عاطفية، أو تسمع زميلاتها بشكل مباشر، لافتا إلى أن سماع الزميلات مثله مثل الأفلام بالضبط؛ لذلك حرم الله السماح بقول الفواحش وسماعه؛ لأن هذا السماع يؤثر في قلب الإنسان، فهي حين تسمع زميلاتها وصديقاتها اللاتي لهن تجارب عاطفية، فتبدأ في الميل إلى ذلك، ويحصل عندها الاشتياق والرغبة في التقليد والمحاكاة، وتبدأ في البحث بشكل مباشر عن علاقة عاطفية أو تتمنى أن تدخل في علاقة عاطفية، أو تكون مستعدة إن كلمها أى شاب أن تخوض هذه التجربة، فتقع في المحظور الشرعي والمحظور الأخلاقي.


اقرأ أيضًا.. أبرزها انتشار فيديوهات البنات.. "أخصائي نفسي" توضح أسباب العلاقات المحرمة للفتيات وطرق علاجها


وبسؤاله عن طرق العلاج، أوضح "الشحات" أنها تتمثل فيما يلي:

أولا: فيما يخص الآباء والمربيين أن يضعوا قضية الاحتياج العاطفي بالنسبة للأطفال موضع الاهتمام، موضحا أن الطفل وهو صغير، احتياجه للعاطفة يكون كبيرا،  لكنه لا يستطيع أن يعبر عن ذلك، وخاصة فيما يخص المشاعر والعواطف، فتستمر هذه الأزمة معه إلى أن يكبر، خاصة الفتاة، ويتبع هذا الأمر في السوء الغلظة في التعامل، وخاصة مع البنات فتزداد الأزمة التي نشأت في أسرة الأب يضرب فيها الأم أو يضرب البنت، وبالتالي التعامل فيه غلظة وخشونة من سب وإهانة، لافتا إلى أن هذه القسوة تعظّم عند البنت البحث عن الأحضان الدافئة والبحث عن القلب الحاني الذي لم تجده تحديدا في الأب؛ لأن البنت تستمد العاطفة من الأب، فالأب بالنسبة للبنات مصدر الحنان والثقة والحب الأول، فلابد أن يوفّى الاحتياجات العاطفية ويشبعها من كل شيء، ولو قصر أو فعل الضد من القسوه فهذا يسبب أزمة.

ثانيا: لابد للشاب أو الفتاة أن تنتبه ولا تعيش دور الضحية بسبب الأخطاء التربوية التى لحقتها من والديها ولا تستسلم؛ لأنها لو عاشت في دور المظلومية، فستدفع فواتير باهظة الثمن، فلابد أن تُصبّر نفسها، وتدرك أنها عندها ثغرة، فتكون شديدة الحرص في التعامل مع الآخرين، شديدة الحرص في التعامل مع الرجال، ولا تسمح لأي أحد أن يقترب منها؛ لوجود مشكلة عندها،  وهي عرضة لأن تكون هذه الثغرة سقطتها، فيدخل الشيطان من خلال هذه الثغرة، أو يقدر عليها أهل السوء والشر، فتنتبه إلى أن ييسر الله أمر زواجها، فتوجه عاطفتها بطريقة مباحة ومشروعة، وتعوض هذا النقص بالزواج.

واستطرد: من عندها مشكلة مع أهلها في جانب المشاعر والأحاسيس لا تعش دور الضحية؛ لأنها هي التي ستعاني في نزيف دفع الفواتير، مبينا أنها لن يُقبل منها هذا، وليس مبررا لها أمام الله، ولا بينها وبين نفسها، مشيرا إلى أنه بمجرد أن تنتبه أنها تعاني من هذه المشكلة، لا تستسلم للأمر فيتعقد، ثم تقول بعد ذلك أنا ضحية تربية غير مكتملة، فلن ينفعها هذا الكلام وليس مبررا لها.

وأشار الكاتب والباحث الشرعي إلى أن من يقع في خطأ شرعي أو يقع في جريمة، فليس له أن يقول "وجدت أبي يفعل هذا، أو تعرضت في الصغر لهذا"، فهذا ليس مبررا له لا في الشرع ولا في القانون، مشددا على أنه لابد أن نفهم أن هذا ليس مبررا؛ حتى نضع أيدينا على الثغرة فنساهم في سدها.