ناصحا الشباب.. خبير تربوي: لا معنى لحياة الإنسان دون هدف سام وما وجدتُ أعظم من أن يكون هدفي أن يرضى ربي عني

"دياب": أبواب تحصيل مرضاة الله كثيرة ومن أفضلها هجر المحرمات وصون الخلوات فاجعل ذلك هدفا لك يوصلك إلى مرضاة الله والجنة

  • 52
الفتح - الخبير التربوي والداعية الإسلامي مصطفي دياب

قال الخبير التربوي والداعية الإسلامي مصطفي دياب: لو لم يكن للمرء في حياته هدف سامٍ لم يكن لحياته معنى وما وجدتُ أعظم من أن يكون هدفي أن يرضى ربي عني، مؤكدا أن رضوان الله سبب كل فوز وسعادة، ورضاه -عز وجل- أعظم العطايا والمنن، قال تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة: 72)

وأضاف "دياب" -في منشور له عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك"-: فياهناه من اتبع رضوان الله وواظب على ما يحبه ربه ويرضاه، ويا بؤسه من باء بسخطٍ من الله لتخلفه عن طاعته ومرضاته ورضوانه -عز وجل-، وما أدرك المسكين أن غمسةً واحدة في نار جهنم تكفيه! نعم تكفيه أن ينسى نعيم الدنيا فيقول: (ما رأيتُ نعيمًا قط ما مر بي خيرٌ قط) (أخرجه ابن ماجه، وصححه الألباني)، وقد كان في الدنيا يرضى شهواته ويتبع هواه ولم يكن حريصًا على مرضاة ربه ولم يجعل هدفه في حياته رضى ربه عنه.

وتابع: هدفي لا ينتهي حتى بعد دخول الجنة فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك والخير كله في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: ومالنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تُعطِ أحدًا من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا" (صحيح البخاري).

وأوضح "دياب" أن أبواب تحصيل مرضاة الله كثيرة، ومن أفضلها هجر المحرمات، وصون الخلوات؛ فاجعل ذلك هدفا لك يوصلك إلى مرضاة الله والجنة؛ فاهجر ما حرم الله ولا تجعل شيطانك يقودك فتقع في هتك الأعراض وذنوب الخلوات والتفريط والتقصير في حق الله واستقم كما أُمرت لا كما ترغب وتحب؛ فالاستقامة أعظم كرامة وإذا استقام قلب العبد استقامت جوارحه؛ فالقلوب كالقدور والألسن مغارفها واحفظ سمعك وبصرك وفرجك ولا يغرك صمت أعضائك اليوم، قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا} (الإسراء: 36)، فإنها ستنطق يوم الحشر، قال تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (يس: 65).

واستطرد: فاعرفوا ما حرم الله واهجروه سرًا وعلنًا واحذروا ذنوب الخلوات؛ فإنها أصل الانتكاسات ولا تفتحوا على أنفسكم أبواب الفتن والشهوات، كما قال الحبيب -صلى الله عليه وسلم: "وَيْحَكَ لا تَفْتَحْهُ، فإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ" (صحيح الجامع)، واعلموا أننا إلى الله راجعون، قال تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} (الغاشية: 26)، وقال تعالى: {ثُمّ تُوَفّىَ كُلّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} (البقرة: 281). 

وطالب "دياب" الشباب بأن يهجروا المحرمات ويصونوا الخلوات ويعلموا أن من يدخل تحت ظل عرش الرحمن يوم الحشر ليس شابًا عاديًا، ومن يعجب ربك من شأنه ليس شابًا عاديًا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ لَيَعجَبُ مِنَ الشابِّ ليست له صَبْوةٌ" (تخريج المسند لشعيب، حسن لغيره)، ومن يهتز لموته عرش الرحمن وينزل سبعون ألف ملك من السماء يشيعون جنازته ليس شابًا عاديًا، ومن يصبر أمام الشهوات في الجهر والخلوات ويصمد أمام الشبهات، خاصة وقت الفتن ليس شابًا عاديًا؛ فالقابض على دينه كالقابض على الجمر، وإن من يذكر الله وسط غفلة الملايين ليس شابًا عاديًا، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- "ذَاكرُ اللهِ في الغافلينَ كالشجرةِ الخضراءِ في وسطِ الشجرِ الهشِيمِ" (تخريج الإحياء للعراقي، سنده ضعيف). 

وأكد الخبير التربوي وجوب هجر المحرمات وصون الخلوات ما دامت الحياه؛ فلا تكن أمام الناس قديسا وفى الخلوات إبليس، قال الله -تعالى-: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} (الشعراء: 217/219)، والله بر رحيم يحب التائبين العائدين الآوابين، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَل التَّوْبَة عَنْ عِبَاده وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَات وَيَعْلَم مَا تَفْعَلُونَ} (الشوري: 25)، قائلا: وربما تجد المعوقات فى طريق عودتك إلى الله فاصبر وامض حتى تبلغ، قال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر: 97/99).