شظايا العدوان تتخطى حدود قطاع غزة وتطال الجاليات المسلمة حول العالم

محمد علاء الدين

  • 32
الفتح - العدوان الصهيوني على قطاع غزة

اعتداءات بالأسلحة النارية تطال الأطفال في الولايات الأمريكية

اليمين المتطرف يستغل الأحداث لكسب أصوات الناخبين في فرنسا

300 جريمة ضد المسلمين منذ السابع من أكتوبر في بريطانيا

يبدو أن تداعيات العدوان الصهيوني على قطاع غزة لم تقف عند حدود فلسطين، إذ إن شظايا القصف طالت الجاليات العربية والإسلامية في أغلب دول العالم وخاصة بريطانيا وفرنسا وأمريكا وألمانيا؛ فيما لعب الإعلام الغربي الذي يسيطر عليه اليمين المتطرف دورًا في تغذية الكراهية ضد الجاليات المسلمة عبر تبنيه روايات كاذبة ونشر معلومات مغلوطة حول ما يحدث في الشرق الأوسط.

البداية من الولايات المتحدة الأمريكية حيث قتل الطفل الفلسطيني وديع الفيوم، ذو السنوات الـ6، طعنًا من قِبل رجل أمريكي يبلغ من العمر 71 سنة، بمدينة شيكاغو في منتصف شهر أكتوبر الماضي، فيما وُصفت بأنها جريمة كراهية ضد الفلسطينيين والمسلمين جرّاء تصاعد التحريض ضدهم مع اندلاع الحرب في غزة.

وشهد حي بيرلنغتون المحاذي لجامعة فيرموت جريمة إطلاق نار على ثلاثة طلاب فلسطينيين كانوا يرتدون الكوفية. 

وبحسب الجهات الأمنية فإنه تلقى اثنان من الضحايا طلقات في الصدر، فيما تلقى الثالث طلقات في أطرافه السفلى. 

كما ألقت شرطة بروكلين القبض على عضو في مجلس المدينة التشريعي إينا فيرنيكوف بعد أن شوهدت على وسائل التواصل الاجتماعي وهي تُظهر مسدسًا أثناء مرور مسيرة مؤيدة للفلسطينيين في جامعة بروكلين، واتُهمت العضو الجمهورية بالحيازة الجنائية وغير القانونية لسلاح ناري.

وإلى فرنسا حيث شهدت ثلاثة مساجد بكل من مدن ليون وشيربورغ وبيساك الفرنسية تدنيسًا بكتابات من قبيل "الموت للمغاربيين" و"الإسلام مُعادٍ للسامية"، وقبلها جرى الاعتداء على مسجد في مدينة فالونس بكتابة عبارة "المسلم الجيد هو المسلم الميت"، وهي عبارة دأب الساسة الصهاينة على ترديدها شعاراً لجرائم التطهير العرقي التي يمارسونها على الفلسطينيين.

كما تعرضت متاجر فرنسية في مدينة "ليون الفرنسية" لوضع عبارات معادية للإسلام على المتاجر، فيما حاول نشطاء يمينيون متطرفون اقتحام مؤتمر حول فلسطين في 11 نوفمبر 2023.

وعلى المستوى الرسمي، حاولت وزارة الداخلية الفرنسية في 12 أكتوبر 2023 حظر المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، لأنها من المحتمل أن تؤدي إلى اضطرابات في النظام العام، مهددة أنه في حال خرق هذا الحظر يتم توقيف منظمي المظاهرات، إلا أن مجلس الدولة الفرنسي أبطل قرار الحكومة الفرنسية بحظر المظاهرات المؤيدة لفلسطين في باريس في 18 أكتوبر 2023، حيث يرى مجلس الدولة الفرنسي أن الأمر متروك لـ "المحافظين وحدهم لاتخاذ القرار على أساس كل حالة على حدة"، كما لم يوافق البرلمان الفرنسي على قرار الحكومة، بمنع المظاهرات الداعمة للفلسطينيين في المدن الفرنسية.

ويرى مراقبون أن اليمين المتطرف في فرنسا قد سعى لاستغلال الأحداث عبر تصوير نفسه وكأنه يدافع عن اليهود في فرنسا لكسب أصوات الناخبين.

وفي ألمانيا تشير الأرقام إلى أن 81 مسجدًا تعرض لاعتداءات مختلفة منذ بداية العام الجاري 2023، إذ وقع نصف هذه الهجمات منذ 7 أكتوبر مع بداية العدوان على غزة، فيما يرتفع خطاب سياسي متطرف داخل بعض الحكومات الأوروبية، يستهدف حركة التضامن الجماهيرية مع فلسطين.

ففي خطاب مثير للجدل، نشرت الوزارة الفيدرالية الألمانية للشؤون الاقتصادية وحماية المناخ، على حسابها على منصة إكس، تسجيلًا مصورًا من 10 دقائق ظهر فيه روبرت هابيك، نائب المستشار الألماني، متحدثًا باللغة الألمانية مع ترجمة للإنجليزية والعبرية والعربية.

يبدأ هابيك بسرد ما يشبه المسلّمات في السياسة الألمانية تجاه تل أبيب، مؤكدًا الدعم الألماني المطلق لإسرائيل في حربها الحالية ضد قطاع غزة، التي راح ضحيتها أكثر من 15000 مدني حتى الآن.

ويزداد الأمر سوءًا في المملكة المتحدة، حيث سجلت منظمة Tell MAMA المختصة برصد وتدقيق حالات الكراهية، 300 بلاغ عن جرائم ضد المسلمين في البلاد، منذ اندلاع الأزمة في 7 أكتوبر وحتى 19 من الشهر ذاته، مقارنة بـ6 بلاغات فقط خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

ولفت إلى أنه قد امتدت تلك الجرائم في بريطانيا، من الشوارع وأماكن العمل ودور العبادة إلى الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، ومن شأن ذلك تزايد الانقسامات داخل المجتمع حول العدوان على غزة.

وأوضح أنه قد تعرض المسلمون إلى 291 اعتداءً بين 7 و19 أكتوبر الماضي، وهو ما يعادل 6 أضعاف ما سُجل من جرائم مشابهة في الفترة نفسها العام الماضي.

وتابعت منظمة "تيل ماما" أن الجرائم الموجهة ضد المسلمين خلال هذه الفترة، انقسمت بين 132 اعتداءً ماديًا أو فعليًا على الجالية المسلمة في مدن مختلفة على امتداد إنجلترا، و159 جريمة بالفضاء الإلكتروني تضمنت مصطلحات واستعارات معادية للمسلمين وتربط معتقداتهم ومجتمعاتهم بالإرهاب، وتتوزع الجرائم الفعلية الناتجة عن اعتداءات مادية ضد المسلمين.

كما سجلتها هذه المنظمة خلال أسبوعين، على عدة مناطق منها: لندن التي سجلت 88 حالة (بزيادة مضاعفة)، و15 حالة في مانشيستر الكبرى، و5 حالات في لانكشاير، و3 في جنوب يوركشاير، و6 حالات في ويست يوركشاير، و5 حالات في إيست ميدلاندز، و7 في ويست ميدلاندز، وحالة واحدة في الجنوب الغربي، وحالتين في الشمال الشرقي.

وفي كندا تحدث راديو مختص في قضايا الجالية المسلمة عن ارتفاع الاعتداءات على الملاجئ في هذا البلد وارتفاع منسوب الكراهية ضد المسلمين خاصة النساء منهم.

ويقول مسؤولون في ملجأ "نيسا هومس" الذي قدم خدماته للنساء المسلمات في مختلف أنحاء كندا منذ ثمان سنوات، إنهم سجلوا ارتفاعًا في حوادث الإسلاموفوبيا التي يعاني منها عملاؤهم والذين يتطلعون للوصول إلى خدماتهم.

وأكد مسؤولو الملجأ أن الإسلاموفوبيا تظهر في أشكال مختلفة، حيث يتعرض النزلاء للتمييز من جانب موظفي الملجأ والنزلاء الآخرين، وهناك حوالي 500 امرأة وطفل على قائمة الانتظار لتقديم شكاوى والحديث عما يعانون، وبالتالي شهد خط المساعدة الخاص بهم في الملجأ زيادة بنسبة 350% في المكالمات المتعلقة بكراهية الإسلام من عام 2022 إلى 2023.

ويرجع مراقبون تصاعد الإسلاموفوبيا في الغرب تزامنًا مع العدوان على غزة، إلى التغطيات الإعلامية والخطابات السياسية المنحازة والتحريضية ضد المسلمين.