أجاب الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، في فتوى له عبر موقع "صوت السلف" قائلاً: كل أمر مشروع شرعًا فيه منفعة، والميت ينتفع بدعاء الداعي له؛ سواء كان زائرًا لقبره أو بعيدًا عنه، والظاهر أن الميت يسمع سلام الزائر المسلـِّم عليه عند قبره؛ لأنه شُرع بصيغة الخطاب: (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ) (رواه مسلم)، فالظاهر أنه ليستأنس بذلك، متابعا: وكذا الدعاء: (أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ)، وهذا الدعاء بلا شك ينفع الميت.
وأجاب "برهامي" فينتفع الميت بدعاء الحي ويستأنس به، ولا شك أن هذا يفرح به المسلم، متابعا: والمقصود بالسمع في قول النبي ﷺ: (ما أنتم بأسمع لما أقول منهم)، هو: كل ما ورد فيه دليل مخاطبة؛ لأن الصحابة -رضي الله عنهم- فهموا أنه لا يصح خطاب مَن لا يسمع حين خاطب النبي ﷺ أهل قليب بدر، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَرَكَ قَتْلَى بَدْرٍ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَامَ عَلَيْهِمْ فَنَادَاهُمْ، فَقَالَ: (يَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ يَا أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ يَا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ يَا شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ أَلَيْسَ قَدْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا) فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ يَسْمَعُوا، وَأَنَّى يُجِيبُوا وَقَدْ جَيَّفُوا؟! قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يُجِيبُوا) ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَسُحِبُوا، فَأُلْقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ. (متفق عليه).
وأضاف: فقول عمر -رضي الله عنه-: "يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ يَسْمَعُوا، وَأَنَّى يُجِيبُوا وَقَدْ جَيَّفُوا؟!"، دليل على صحة الفهم بأنه لا يصح خطاب مَن لا يسمع، فبيَّن لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم يسمعون، لكن لا يجيبون، والمشروع السلام كلما زار القبور ولو بعد سنين.