روسيا تثبِّت أقدامها في القارة السمراء وتنشئ قاعدة عسكرية بأفريقيا الوسطى

  • 23
الفتح - أرشيفية

بدأت روسيا في عام 2017 مفاوضات مع السودان للحصول على قاعدة عسكرية في بورتسودان، لكن الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير في 2019 أحبطت المخططات الروسية، لكن موسكو لم تتخلَّ عن خططها بشأن الحصول على قاعدة عسكرية تثبت بها وجودها في القارة السمراء، وتحقق الحلم المؤجل من 2017 في 2024 بحصولها على قاعدة في أفريقيا الوسطى.

ويرى محللون أن الخطوة تساعد موسكو على مد نفوذها في القارة من جانب، ومن جانب آخر تعمل على حماية الاستثمارات التي تعمل على ضخها في بعض دول القارة التي شهدت تراجعًا للنفوذ الفرنسي فيها، وتحاول روسيا أن تضع أقدامها مكان الفرنسيين.

تفاصيل القاعدة العسكرية

كشفت صحيفة "موند أفريك" يوم الخميس الماضي أن حكومة أفريقيا الوسطى خصصت أرضًا في بيرينغو، على بعد حوالي 80 كيلومترًا من العاصمة بانغي لروسيا لإنشاء قاعدة عسكرية تستضيف قرابة 10 آلاف جندي.

ومع إقامة هذه القاعدة في وسط القارة؛ سيكون لدى القوات الروسية القدرة على مراقبة ما يحدث في غرب أفريقيا والشرق والشمال والجنوب على مسافة متساوية تقريبا بين الشمال والجنوب وبسرعة أكبر من الشرق إلى الجنوب.

المسافة بين بانغي وجوهانسبرغ أقل من 3540 كيلومترا، تبلغ المسافة الجغرافية (الطريق الجوي) بين بانغي وطرابلس في ليبيا حوالي 3220 كيلومترا، والمسافة بين بانغي وجيبوتي شرقًا هي نحو 2830 كيلومترًا؛ وبناء عليه سيتمكن الجيش الروسي من الوصول بسرعة إلى النقاط الساخنة في أفريقيا وشبه الجزيرة العربية؛ نظرًا لأن الطائرات المقاتلة الأسرع من الصوت يمكنها التحليق بسرعة تزيد على 1000 ميل في الساعة.

ووصفت الصحيفة رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فاوستين آركانغ تواديرا بأنه "مؤيد متحمس لروسيا"، ويتخذ من قوات "فاغنر" حرسًا شخصيًّا له.

وأعلن مستشار الرئاسة لجمهورية أفريقيا الوسطى فيديل نغوانديكا خلال الشهر الماضي عن استعداد بلاده لاستضافة قاعدة عسكرية روسية على أراضيها، قائلا: "إن غرض وجود العسكريين الروس في أفريقيا الوسطى هو تدريب جنودنا، ونحن مع روسيا 1000% ونعتقد أن روسيا يجب أن تبقى معنا".

 حماية الاستثمارات

من جهتها، قالت المحللة السياسية الروسية نغم كباس إنه من الطبيعي أن توافق أفريقيا الوسطى على منح روسيا قاعدة عسكرية على بعد 80 كيلومترًا من العاصمة بانغي بعد خروج أخر جندي فرنسي من البلاد، وكان لا بد من قوات بديلة للجيش الفرنسي تكون أهلًا للثقة؛ وهو ما تراه بانغي في روسيا.

وأضافت "كباس" في تصريح صحفي أن روسيا ساعدت أفريقيا على تحرير 90% من أراضيها من سيطرة الجماعات المسلحة، بينما كانت فرنسا والدول الغربية تقف موقفَ المتفرج والعصابات المسلحة تعيث في البلاد فسادًَا وتخريبًا وقتلًا. مضيفة: لقد حاولت الدول الغربية الإبقاء على حالة الانفصال فيها من أجل العمل على نهب ثروات البلاد وعدم حدوث تنمية حقيقية.

وأشارت إلى أن بلادها ساعدت من خلال شركاتها ورجال الأعمال على حدوث تنمية اقتصادية داخل القارة، وأرسلت القمح ومواد غذائية مجانًا لبعض الدول لإرساء حسن النية في التعامل مع الدول الأفريقية. ويجري حاليًّا نقل التعاون من مرحلة السياسة والاقتصاد إلى مرحلة التعاون العسكري؛ وهذا يتوافق مع القانون الدولي بموافقة البلدين على وجود هذه القاعدة العسكرية.

وأكدت أن روسيا تحتاج إلى هذه القاعدة لأنها تحد من الهيمنة الغربية على تلك الدول، مع زيادة الاستثمارات الروسية في المنطقة؛ وتلك المنطقة بدورها تحتاج إلى حماية عسكرية خوفًا من العصابات المسلحة أو المحاولات الغربية لإعادة السيطرة على ثروات البلاد. مشددة على الحاجة إلى تثبيت الوجود الروسي في قارة أفريقيا الغنية بالموارد والثروات، ومن جهة اخرى مفيد للدول الأفريقية التي وجدت في روسيا شريكًا وصديقًا وحسن نية في التعامل؛ وهو ما أكسب موسكو ودَّ هذه الدول؛ وعبر هذه الثقة التي ستبنى عليها العلاقات المقبلة ستتمكن روسيا من إرسال منتجاتها الزراعية لتلك الدول، ونقل التكنولوجيا الزراعية وتحلية المياه ومحاربة الإرهاب.


الابلاغ عن خطأ