مجلس الأمن بلا أنياب بشأن غزة

  • 55
الفتح - العدوان الصهيوني على قطاع غزة

واشنطن تكشف وجهها القبيح وتعرقل وقف إطلاق النار في القطاع

"الفيتو" الأمريكي ضوء أخضر لارتكاب مزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني

مصر تحذر من المخاطر الكارثية والمحدقة بالفلسطينيين جراء الخطط الإسرائيلية المعلنة لاقتحام مدينة رفح

تضامن دولي ضد المجازر الجماعية .. وتل أبيب تواجه عزلة دولية

حققت المقاومة الفلسطينية صمودًا وبسالة غير عادية، في ظل استمرار المجازر والقصف الوحشي والمكثف لميليشيا الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة المحاصر منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر لعام 2023 وحتى كتابة هذه السطور وإعداد الجريدة إلى الصدور.

مشاهد دامية تنقلها شاشات التلفاز على مدار الساعة لجرائم العدو المتواصلة لليوم 140، ولم يتحرك العالم أو المجتمع الدولي "العاجز" تمامًا أمام وحشية العدو الإسرائيلي، حتى الولايات المتحدة الأمريكية الشريك والمساند الأكبر لتل أبيب تحركت بحق الفيتو ضد إدانة هذا الكيان الغاصب.

وأين حق الفلسطينيين في الحياة؟، ولماذا خذلهم العالم، وأين الأمة العربية والإسلامية من هذه الجرائم وهذه العربدة التي يمارسها العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني؟، ولماذا خفت وتوارى مدعو حقوق الإنسان ورافعو رايات الدفاع والحريات من دول ومنظمات وجمعيات وشخصيات فضحتهم دماء أهل غزة ومجازر العدو هناك؟.

140يومًا من القصف المستمر على قطاع غزة المحاصر، وتعداد الشهداء في تزايد مستمر، ناهيك عن تدمير شبه كامل للأحياء والمجمعات السكنية، فضلاً عن استهداف المساجد والمستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء.

واشنطن تعرقل مساعي وقف إطلاق النار

وخلال الساعات القليلة الماضية حذر مكتب الإعلام الحكومي بغزة من تفاقم المجاعة في محافظات القطاع ما ينذر بوقوع كارثة إنسانية تهدد حياة أكثر من مليوني فلسطيني.

واستنكرت العديد من الدول والمنظمات وملايين الأشخاص حول العالم قيام الإدارة الأمريكية استخدام “الفيتو” ضد مشروع قرار في مجلس الأمن، يدعو إلى وقف إطلاق النّار في قطاع غزة، معتبرين ما حدث من الإدارة الأمريكية ما هو إلا ضوء أخضر لارتكاب مزيد من المجازر ضد الفلسطينيين.

وحصل مشروع قرار قدمته الجزائر نيابة عن المجموعة العربية، والذي يدعو إلى وقف فوريّ لإطلاق النار في غزّة لأسباب إنسانية، على تأييد 13 عضواً من أصل 15، فيما عارضته الولايات المتحدة باستخدام “الفيتو”، وامتنعت بريطانيا عن التصويت، وهذه هي المرة الثالثة التي تستخدم فيها الولايات المتحدة "الفيتو" ضد مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.

مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر نيابة عن مجموعة الدول العربية، كان يرفض التهجير القسري للفلسطينيين، ويكرر مطالبة جميع الأطراف بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.

وقال السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع إن مشروع القرار كان نتاجًا لمناقشات مستفيضة، وشدد على ضرورة ألا يكون المجلس سلبيًا في مواجهة ما يجري في غزة. 

وأضاف قائلًا: "طوال هذه العملية، سمعنا دعوات لإعطاء الوقت لمسار موازٍ، مع إثارة مخاوف من أن أي إجراء من جانب المجلس من شأنه أن يعرض هذه الجهود للخطر، ولكن بعد مرور شهر تقريبًا على صدور أوامر محكمة العدل الدولية، لا تزال بوادر الأمل غائبة بشأن تحسين الوضع في غزة"، وأضاف أن الصمت ليس خيارًا، مضيفًا: "الآن هو وقت العمل ووقت الحقيقة".

السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، صوتت باستخدام الفيتو ضد مشروع قرار جزائري يدعو للوقف الإنساني لإطلاق النار في غزة، مدعية أن مشروع القرار الذي عُرض على المجلس، لم يكن ليحقق هدف السلام المستدام بل وقد يتعارض مع ذلك، زاعمة أن "المضي قدمًا في التصويت اليوم كان مجرد تمنيات وغير مسؤول".

كما عبر السفير أسامة عبد الخالق، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة عن إحباط وخيبة أمل القاهرة إزاء ما وصفه باستمرار عرقلة الولايات المتحدة الأمريكية لمساعي وقف إطلاق، مناشدًا مجلس الأمن وكل القوى الدولية المسؤولة "إنقاذ خيار السلام عبر الإنفاذ الفوري لوقف إطلاق النار".

وقال عبد الخالق إنه بينما يتواصل إخفاق المجلس في إيقاف الحرب، ستستمر مصر في تحمل العبء الأكبر سياسيًا وأمنيًا وإنسانيًا تجاه الأزمة.

وأضاف أن بلاده "ستظل ملتزمة بالعمل المضني والمتواصل لإيقاف نزيف الدماء والحرب المدمرة" لاستعادة الأفق السياسي لتحقيق آمال الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في الأمن والاستقرار وفقًا لقرارات الشرعية الدولية وإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

وحذر السفير المصري من المخاطر الكارثية والمحدقة بالفلسطينيين جراء الخطط الإسرائيلية المعلنة لاقتحام مدينة رفح، فضلًا عن استمرار تدهور الوضع الإقليمي جراء استمرار "هذه الحرب المدمرة".

كما أعرب السفير جانغ جون الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة عن خيبة أمل بلاده وعدم رضاها بشأن نتيجة التصويت. 

وأضاف أن الفيتو الأمريكي يوجه رسالة خاطئة تدفع الوضع في غزة ليصبح أكثر خطورة.

أمريكا تدفع حليفتها لمزيد من الانتهاكات 

واعتبر السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن "الولايات المتحدة تسعى إلى التستر على أقرب حليف لها في الشرق الأوسط وكسب الوقت حتى يتمكن من استكمال خططه غير الإنسانية في غزة لإخراج الفلسطينيين من القطاع وتطهيره بشكل كامل".

وأضاف أن المسؤولية الكاملة عن العواقب تقع على عاتق واشنطن، مهما حاولت الولايات المتحدة "التهرب منها من خلال الحديث عن جهود الوساطة المهمة" التي تقوم بها.

مجلس الأمن يتنصل من مسئولياته

وشدد السفير رياض منصور، المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة بأن استخدام حق النقض ضد مشروع القرار هذا ليس أمرًا مؤسفًا فحسب، وإنما أيضا هو "أمر متهور وخطير للغاية، فهو يحمي إسرائيل مرة أخرى حتى عندما ترتكب أكثر الجرائم إثارة للصدمة، بينما يعرض الملايين من المدنيين الفلسطينيين الأبرياء لغضبها والمزيد من الفظائع التي لا توصف".

وأضاف أن إسرائيل ليست هي من ينبغي أن تحظى بحماية حق النقض، بل إن الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين هم الذين يجب أن يتمتعوا بالحماية من خلال تحرك هذا المجلس الآن.

وأكد أنه فقط من خلال وقف إطلاق النار "يمكننا أن نعطي فرصة للحياة"، ولتنفيذ قراري مجلس الأمن 2712 و2720، ولوصول المساعدة الإنسانية إلى الملايين من الأشخاص اليائسين المحتاجين، وللسماح للأونروا ووكالات الأمم المتحدة الأخرى لإيصال المساعدات المنقذة للحياة، "وفرصة لجهودنا الجماعية لرسم طريق نحو العدالة والسلام".

وشدد على أنه بدون وقف إطلاق النار، "لن تنتهي أي من الفظائع، وستستمر إسرائيل في نشر الموت والدمار والخراب".

الفيتو لا يعفي إسرائيل

ونبه منصور إلى أن مجلس الأمن، بفشله في المطالبة بوقف إطلاق النار، "فإنه لن يعتبر مقصرًا في أداء واجباته فحسب، بل سيعتبر أيضا عاملًا في تمكين ارتكاب أفظع الجرائم التي نشهدها في هذه الأيام في غزة".

وقال سفير دولة فلسطين إن هذا الفيتو لا يعفي إسرائيل من التزاماتها ولا من يحميها، لا في مجلس الأمن، أو في محكمة العدل الدولية، أو في أي مكان آخر، مضيفًا أنه "حتى لو استمر مجلس الأمن في التنصل من مسؤولياته، وعرقلته بحق النقض الذي يمارسه عضو دائم مرارًا، فإن الأجهزة الأخرى في النظام الدولي تتمسك بمسؤولياتها. وفي يوم أو آخر، لن يُنظر إلى الأطفال الفلسطينيين على أنهم تهديد ديموغرافي، ولكن كأطفال لهم الحق في الحياة وتحقيق آمالهم وأحلامهم".

من جانبه، زعم السفير الكيان الإسرائيلي جلعاد إردان أن وقف إطلاق النار في غزة سيحقق "شيئًا واحدًا فقط هو بقاء حماس وسيمثل حكمًا بالإعدام على العديد من الإسرائيليين والغزاويين".

وعبرت السفيرة القطرية لدى الأمم المتحدة علياء أحمد سيف آل ثاني، عن أسفها لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع القرار المقدم من الجزائر والمدعوم من المجموعة من العربية، "وتؤيده الأغلبية الساحقة من أعضاء المجلس، لأنه مشروع قرار إنساني في مضمونه ويتسق مع القانوني الدولي الإنساني".

وأضافت قائلة: "ستستمر دولنا في جهودها في العمل مع الشركاء... لضمان الوصول إلى وقف إطلاق نار إنساني في قطاع غزة، حقنا لدماء أشقائنا الفلسطينيين في القطاع ولضمان وصول المزيد من المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع وحماية المدنيين".

 تل أبيب والعزلة الدولية 

جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، انتقدها بشدة الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دي سيلفا، خلال قمة الاتحاد الإفريقي التي شهدتها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، واتهم إسرائيل بارتكاب "إبادة" بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، مشبّهًا ما يقوم به الكيان الغاصب بمحرقة اليهود إبان الحرب العالمية الثانية.

وقال لولا: "ما يحدث في قطاع غزة ليس حربًا، إنه إبادة، فما يحدث في قطاع غزة مع الشعب الفلسطيني لم يحدث في أي مرحلة أخرى في التاريخ، في الواقع، سبق أن حدث بالفعل حين قرر هتلر أن يقتل اليهود"، وفق ما "وكالات الأنباء".

وسرعان ما توالت ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة والمنددة، فقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "مقارنة إسرائيل بالمحرقة النازية وهتلر تجاوز للخط الأحمر، مؤكدا أن "الرئيس البرازيلي شيطن الدولة اليهودية".

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه سيستدعي السفير البرازيلي لتوبيخه بسبب تصريحات رئيسه، وبعدها أعلن وزير الخارجية أن الرئيس البرازيلي سيظل "شخصًا غير مرغوب فيه" في إسرائيل حتى يتراجع عن تصريحاته، ليرد بطرد السفير الإسرائيلي من بلاده.

وقبل ثلاثة أشهر، اتّهم الرئيس البرازيلي إسرائيل بقتل أبرياء من دون أيّ معيار في قطاع غزة، مؤكدا أن رد إسرائيل لا يقلّ خطورة عن الهجوم الذي شنّته عليها حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" في السابع من أكتوبر.

ودعا الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو ، إلى وقف فوري لإطلاق النار، وكتب بيترو على منصة "إكس": إن ما يحدث في قطاع غزة إبادة جماعية، ويقتل الآلاف من الأطفال والنساء وكبار السن. 

وأضاف الرئيس أن "المنطقة بأكملها يجب أن تتحد من أجل الوقف الفوري للعنف في فلسطين. ويجب أن يكون لقرار محكمة العدل الدولية بشأن إسرائيل تطبيق وعواقب في العلاقات الدبلوماسية لجميع الدول".