"البوسنة والهرسك".. تاريخ من جرائم الصرب والكروات بهدف الإبادة الجماعية للمسلمين

  • 142
الفتح - صور الإبادة الجماعية في حق مسلمي البوسنة

ظهرت دولة البوسنة والهرسك كجمهورية جديدة في الوجود عام 1995م. ومنذ ذلك الحين وهي تكافح من أجل البقاء ضد الاعتداء "الصربي والكرواتي"، وبعد أن أكلت الحرب الأخضر واليابس، وشردت حوالي نصف السكان وقتلت أكثر من ربع مليون نسمة وأعاقت أكثر من 50 ألف شخص وعرضت مثل هذا العدد من النساء المسلمات البوسنيات للاغتصاب، تدخلت مجموعة الاتصال وتكونت جمهورية اتحادية من المسلمين والكروات والصرب.

وقد رفض الصرب هذا الاتحاد، ولكن تم بعد ذلك اتفاق "دايتون"، برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الذي وضع قواعد وقف الحرب، وكذلك أسس التسوية السلمية، التي ما زالت مرفوضة من قبل الصرب، ورغم أن الحرب قد توقفت، فإن مصير البوسنة والهرسك ما زال غامضًا وما زالت أخطار الحرب قائمة.


مساحة البوسنة والهرسك وعدد المسلمين فيها:

وتقدر مساحة دولة البوسنة والهرسك بحوالي 51,223 کیلومتر مربع وهي محاطة بالصرب والكروات من كافة الجهات. أما عدد سكانها فيقدر بحوالي 3,500,000 نسمة حسب تقدير عام 1996م، يبلغ عدد المسلمين منهم نحو 1,540,000 بنسبة 44%، بينما يمثل النصارى 52% والباقي من نحل مختلفة، وأصل المسلمين البوسنويين من جنس السلاف الذين يسميهم المؤرخون المسلمون الصقالبة ويعرفون في المصادر الإسلامية بالبوشناق، ويمثل مسلمو البوسنة والهرسك أكبر مجموعة من مسلمي أوروبا الأصليين.


متى وصل الإسلام إلى البوسنة والهرسك؟

ووصل الإسلام إلى البوسنة في العصور الوسطى من خلال التجار المسلمين ثم من خلال دخول الجيش الإسلامي بقيادة محمد الفاتح عام (867 هـ الموافق 1463 م)، وقد استجابت البوسنة للإسلام استجابة تامة، فانتشرت في ربوعها المساجد والمدارس الإسلامية؛ إذ بلغ عدد المساجد في العاصمة سراييفو أكثر من 170 مسجدًا، من أشهرها مسجد الغازي خسرو، وقد استمر ازدهارها الإسلامي حتى انحسرت الخلافة العثمانية، ثم سلمت البوسنة في مؤتمر برلين 1468 م إلى إمبراطورية النمسا وهاجر من البوسنويين أعداد كبيرة إلى تركيا وغيرها؛ إذ يوجد الآن حوالي 4 ملايين نسمة من أصل بوسني في تركيا وبعض الدول العربية.


جرائم الصرب والكروات بحق مسلمي البوسنة والهرسك:

وتعرض المسلمون في البوسنة والهرسك خلال تاريخهم الطويل إلى كثير من المذابح التي نفذها الصرب والكروات ضدهم، وقد ذبح في هذه الاعتداءات حوالي ربع مليون مسلم في الحرب العالمية الثانية، ورغم محاولات الأعداء للقضاء على الإسلام والمسلمين في البوسنة والهرسك، فقد استمر الإسلام فيها وظهر فيها علماء أجلاء، منهم الشيخ حسن كافي الآقحصاري، العالم الأصولي والمحدث والمفسر الذي شرح العقيدة الطحاوية في كتابه [نور اليقين في شرح أصول الدين]، والعالم المحدث محمد خانجي، خريج الأزهر قبل الحرب العالمية الثانية ومؤسس جمعية الهداية، وقد ألف كتاب [الجوهر الأسني في تراجم علماء وشعراء البوسني] وقتله الشيوعيون عام 1946 م. ومن تلاميذه، الرئيس المجاهد علي عزت بيجوفتش، الذي حكم عليه الشيوعيون بالسجن أكثر من مرة، وقد أسس حركة الشبان المسلمين وأبقى جذوة الصحوة الإسلامية في البوسنة والهرسك بين عدد من أعضائها، وعندما خرج من السجن، أسس عام 1989 م حزب العمل الديمقراطي الذي فاز في أول انتخابات رئاسية حرة في البوسنة والهرسك عام 1990 م، وقد فاز لفترة رئاسية ثانية وأصبح رئيس الفيدرالية البوسنوية، وهو مؤلف البيان الإسلامي والإسلام بين الشرق والغرب، الذي بين فيه تفوق الإسلام على الحضارة الغربية من خلال مقارنة عميقة بين الحضارتين.

وبشأن الإبادة الجماعية البوسنية، تشير إليها مذبحة سريبرينيتشا أو الجرائم الأوسع ضد الإنسانية وحملة التطهير العرقي في جميع أنحاء المناطق التي يسيطر عليها جيش جمهورية صرب البوسنة أثناء حرب البوسنة والهرسك خلال أعوام 1992-1995. وتضمنت الأحداث التي وقعت في سريبرينيتشا في عام 1995 مقتل أكثر من 8000 رجل وصبي من المسلمين البوسنيين "البوشناق"، بالإضافة إلى الطرد الجماعي للمدنيين البوسنيين الآخرين من 25.000 إلى 30.000 من قبل وحدات جيش جمهورية صرب البوسنة تحت قيادة الجنرال راتكو ملاديتش.

وفي التسعينيات أكدت عدة سلطات أن التطهير العرقي الذي نفذته عناصر من جيش صرب البوسنة كان إبادة جماعية. وتضمنت هذه القرارات قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة وثلاث إدانات بالإبادة الجماعية في المحاكم الألمانية (استندت الإدانات إلى تفسير أوسع للإبادة الجماعية من ذلك الذي تستخدمه المحاكم الدولية). وفي عام 2005 أصدر الكونغرس الأمريكي قرارًا يعلن فيه عن أن سياسات العدوان والتطهير العرقي الصربية تلبي الشروط التي تحدد الإبادة الجماعية.

كما تم اعتبار مذبحة سريبرينيتشا على أنها عمل إبادة جماعية من قبل المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة وهي نتيجة أيدتها محكمة العدل الدولية في 24 مارس 2016؛ إذ أدين رادوفان كاراديتش، الزعيم السابق لصرب البوسنة والهرسك والرئيس الأول لجمهورية صرب البوسنة، بارتكاب جرائم إبادة جماعية في سريبرينيتشا وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وحُكم عليه بالسجن 40 عام. وفي عام 2019 شددت محكمة الاستئناف العقوبة إلى السجن المؤبد. وفي 12 مايو عام 2021 أُعلن أنه بموافقة سلطات المملكة المتحدة سيقضي بقية عقوبته في أحد سجون المملكة المتحدة.


جزء من التطهير العرقي للمسلمين في الحرب البوسنية:

الموقع: (البوسنة والهرسك).

التاريخ: ( من 11 إلى 13 يوليو 1995).

الواقعة: (مذبحة سريبرينيتشا).

المنفذ: (جيش جمهورية صرب البوسنة - العقارب "وحدة شبه عسكرية").

الهدف: (البوشناق "البوسنيون المسلمون" وأسرى الحرب).

نوع الهجوم: (قتل جماعي - اضطهاد - تطهير عرقي - إبعاد - إلخ).

الدافع: (رهاب الإسلام- صربيا الكبري).

الضحايا: (8372 قتيل).