من الكبائر.. "داعية" يوضح عقوبة قطع الأرحام وسبل علاج القطيعة

  • 31
الفتح - أرشيفية

أوضح الداعية الإسلامي سعيد محمود، أن قطع الأرحام من أكبر الكبائر، وأعظم المفاسد التي تدمِّر مجتمعات المسلمين، وقد جاء فيه الوعيد الشديد: قال -تعالى-: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ . أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وأَعْمى أَبْصارَهُمْ) [محمد: 22-23]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ) [رواه مسلم].


وأشار "محمود" -في مقال له عبر موقع "صوت السلف"- إلى مكانة صلة الأرحام في الإسلام، ومنها:


1- عظَّم الإسلام من صلة الأرحام، وأقر العربَ على تعظيمهم الصلة ونبذهم القطيعة؛ فخاطبهم من خلالها بالتوحيد: قال -تعالى-: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي ‌تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ) [النساء: 1]، "وكانت العرب تقول: أنشدك الله والرحم".


2- عظم الإسلام من علاقة الأخوة بين عموم المسلمين؛ فرفع من شأن صلة الأرحام أكثر وأشد بين المؤمنين: قال -تعالى-: (‌إِنَّمَا ‌الْمُؤْمِنُونَ ‌إِخْوَةٌ) [الحجرات: 10]، وقال -تعالى-: (‌وَأُولُو ‌الْأَرْحَامِ ‌بَعْضُهُمْ ‌أَوْلَى ‌بِبَعْضٍ ‌فِي ‌كِتَابِ ‌اللَّهِ) [الأنفال: 75].


3- وحرم الإسلام القطيعة بين عموم المسلمين، فعظم التحريم أكثر وأشد بين الأرحام المؤمنين: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ) [متفق عليه]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتِ الرَّحِمُ: ‌هَذَا ‌مَقَامُ ‌الْعَائِذِ ‌بِكَ ‌مِنَ ‌الْقَطِيعَةِ. قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ) (متفق عليه].


وذكر عقوبة قاطع الرحم في الإسلام، وهي:


- قاطع الأرحام ملعون في كتاب الله: قال علي بن الحسين لولده: "يا بني لا تصحبن قاطع رحم؛ فإني وجدته ملعونًا في كتاب الله في ثلاثة مواطن: قوله -تعالى-: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ . أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وأَعْمى أَبْصارَهُمْ) [محمد: 22-23]


- قاطع الأرحام لا يُرفع له عمل ولا يقبله الله حتى يصل رحمه: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌إِنَّ ‌أَعْمَالَ ‌بَنِي ‌آدَمَ ‌تُعْرَض ‌عَلَى ‌اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عشيةَ كُلِّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَلَا يُقْبَلُ ‌عَمَلُ ‌قَاطِعِ ‌رَحِمٍ) [رواه أحمد، وحسنه الألباني لغيره].


- قاطع الأرحام معجَّل العقوبة في الدنيا قبل الآخرة: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ -تعالى- لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ) [رواه أبو داود، وصححه الألباني].


- قاطع الرحم لا يدخل الجنة: قال رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ) [رواه مسلم].


- قاطع الرحم بالجملة مقطوع الصلة بالله -عز وجل-: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: (قَالَ اللَّهُ: أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِيَ الرَّحِمُ، شَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِي، ‌مَنْ ‌وَصَلَهَا ‌وَصَلْتُهُ، ‌وَمَنْ ‌قَطَعَهَا ‌بَتَتُّهُ) [رواه أبو داود، وصححه الألباني].


وبين الداعية الإسلامي بعض السبل للمحافظة على صلة الأرحام:


أولًا: معرفة فضل الصلة على الدنيا والدين، موضحاً أن صلة الرحم سبب لمغفرة الذنوب، وتسهيل الحساب على الإنسان يوم القيامة:‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-:‏ ‏أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ‏-صلى الله عليه وسلم-،‏ ‏فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي تَوْبَةٌ؟ قَالَ: (‏هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟) قَالَ: لَا، قَالَ: (هَلْ لَكَ مِنْ خَالَةٍ؟) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (فَبِرَّهَا) [رواه الترمذي، وصححه الألباني].


ثانيا: صلة الرحم سبب للبركة في العمر والرزق، والذكر الطيب بعد الموت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ ‌سَرَّهُ ‌أَنْ ‌يُبْسَطَ ‌لَهُ ‌فِي ‌رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) [متفق عليه].


ثالثاً: صلة الرحم لها أثر عظيم في بثِّ المحبة بين أفراد الأسرة والمجتمع الإسلامي، ويترتب عليها فوائد كثيرة لهم (تناصر - تناصح - تكافل - قوة - رضا الرب).


ولفت إلى أن الأرحام والقرابات بشر يخطؤون، وهذه طبيعة الحياة: قال الذين عاشوا في بيت نبوة: (إِنَّ أَبَانَا ‌لَفِي ‌ضَلَالٍ مُبِينٍ) [يوسف: 8]، وقالوا عن أخيهم البريء: (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا) [يوسف: 9]، ومع ذلك كان موقف الأب: (قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ . قَالَ ‌سَوْفَ ‌أَسْتَغْفِرُ ‌لَكُمْ ‌رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [يوسف: 97-98]، والأخ: (قَالَ ‌لَا ‌تَثْرِيبَ ‌عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف: 92].


وأضاف "محمود ": فالصبر والإحسان والاحتساب هو سبيل التعامل مع أذى القرابات؛ للحفاظ على صلة الأرحام: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا) [رواه البخاري].   


ونصح الداعية الإسلامي قائلاً: قم الآن وسارع بصلة أرحامك، واعفُ عنهم وإن أساءوا: قال -تعالى-: (‌وَلْيَعْفُوا ‌وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النور: 22].