ديانة الطفل مجهول النسب.. "طلعت مرزوق" يوضح الحكم الشرعي والقانوني

  • 189
الفتح - الدكتور طلعت مرزوق

رد الدكتور طلعت مرزوق، على تشكيك أحد المحامين في كون ديانة الطفل مجهول النسب هي الإسلام، بزعم أن قانون الأسرة البديلة الجديد، وفتوى الأزهر يؤيدان ذلك، قائلًا: إن الحكم بإسلام الطفل مجهول النسب مِن الأحكام قطعية الثبوت والدلالة، فهو مِن مبادئ الشريعة الإسلامية طبقًا للمادة الثانية مِن الدستور المصري، المصدر الرئيسي للتشريع، وفقًا لمعايير المحكمة الدستورية العليا.

واستشهد "مرزوق" بالأدلة الشرعية وأقوال أهل العلم التي توضح الحكم الشرعي، كالتالي: قال الله -تعالى-: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سورة الروم: (30)]، قال الإمام الطبري: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا أى صنعة الله التى خلق الناس عليها، وهى الإسلام.

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وهذا لفظ البخاري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء"، ثم يقول أبو هريرة -رضي الله عنه- فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم، فقد دل هذا الحديث على أن الأصل في كل مولود أنه يولد مسلمًا. وأن التهود أو التنصر أو التمجس أمر طارئ على أصل الفطرة.

وروى مسلم مِن حديث عياض -رضى الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله عزَّ وجلَّ قال: (وإنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وإنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عن دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عليهم ما أَحْلَلْتُ لهمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بي ما لَمْ أُنْزِلْ به سُلْطَانًا).

وأضاف "مرزوق": أما عن ديانة الطفل مجهول الهوية (اللقيط) إذا وُجِدَ في بلدٍ يسكنها المسلمون وغيرهم، فالمنصوص عليه باتفاق المذاهب الأربعة (الأحناف، والمالكية، والشافعية، والحنابلة): أنه مسلم اعتبارًا بالمكان.

واستشهد بأقول العلماء؛ إذ قال "الكاساني" الحنفي: فإن وجده مسلم في مصر مِن أمصار المسلمين، أو في قرية مِن قراهم، يكون مسلمًا. [بدائع الصنائع 8 / 319 : 320].

وقال "الخرشي" المالكي: المُلتَقط إذا وُجِدَ في بلاد المسلمين فإنه يُحكم بإسلامه؛ لأنه في الأصل والغالب، وسواء التقطه مسلم أو كافر. [حاشية الخرشي 7 / 463، القرافي - الذخيرة 9 / 134، الصاوي - بلغة السالك 4 / 64، حاشية الزرقاني 7 / 217].

وقال "الماوردي" الشافعي: دار الإسلام التى يخالطهم فيها أهل ذمة، فإذا التقط المنبوذ فيها كان مسلمًا في الظاهر . [الحاوى الكبير 8 / 43، العمراني - البيان 9 / 35 : 36، الجويني - نهاية المطلب 7 / 261].

وقال "ابن الرفعة" الشافعي: وإن يكون فيه مسلمين وكفار، فهو محكوم بإسلامه في الظاهر. [كفاية النبيه شرح التنبيه 11 / 469].

وقال "النووي": وإن وُجِدَ في بلد مِن بلاد المسلمين وفيه مسلم فهو مسلم؛ لأنه اجتمع له حكم الدار، وإسلام مَن فيها. [المجموع شرح المهذب 15 / 284].

وقال "ابن قدامة": دار اختطها المسلمون فلقيطها محكوم بإسلامه، وإن كان فيها أهل الذمة. [المغنى 8 / 78، البهوتي - كشف القناع 4 / 276، ابن مفلح - المبدع 5 / 135].

وقال "ابن القيم": الجهة الرابعة بتبعية الدار، وذلك في صور (الثالثة) الالتقاط. فكل لقيط وُجِدَ في دار الإسلام فهو مسلم. وإن كان في دار الكفر، ولا مسلم فيها فهو كافر. وإن كان فيها مسلم، على وجهين، هذا تحصيل المذهب. [أحكام أهل الذمة 358 : 359].