حصيلة مبدئية تصل إلى 700 مليار دولار.. السودان مدمر بعد عام من الحرب

مجاعة وشيكة.. انهيار الصحة.. وخسائر اقتصادية فادحة

  • 8
الفتح - السودان

أتمت الحرب في السودان عامها الأول منذ أيام قليلة، مخلفة مأساة إنسانية ضخمة شردت الملايين من منازلهم ووضعتهم داخل دائرة الجوع، بجانب الانهيار الواسع في القطاع الصحي، وكذا الخسائر الاقتصادية الفادحة التي مُني بها اقتصاد البلاد.

وأسفرت الحرب حتى الآن عن مقتل 17 ألفًا ونزوح أكثر من 10 ملايين، ودمار كبير في البنية التحتية كالجسور والسدود وشبكات الكهرباء والمياه والوقود والاتصالات والمنشآت التعليمية والمباني السكنية والأسواق والقطاعات الإنتاجية بجانب التلوث البيئي وانهيار القطاع الصحي وخروج 60% من المستشفيات من الخدمة بشكل كامل وتحول بعضها إلى ثكنات للجنود، ودمار أكثر من 100 مستشفى في الخرطوم وحدها وخسائر في القطاع الصحي تتخطى 11 مليار دولار، وأدى النقص الحاد في الغذاء وندرة مياه الشرب النظيفة إلى تفشي الأوبئة، ومئات القتلى وآلاف الإصابات بالكوليرا وحمى الضنك وأمراض سوء التغذية.

كما تعرض الاقتصاد السوداني إلى خسائر بالغة قُدرت رسميًا بنحو 120 مليار دولار، وتجاوزت معدلات التضخم 520% وتخطت البطالة 40% في ظل إغلاق مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، وتضاعفت أسعار الغذاء بأكثر من ثلاث مرات بسبب توقف سلاسل الإمداد وانخفاض قيمة الجنيه السوداني؛ وبلغت قيمة الدولار 1400 جنيه مقارنة بـ 600 جنيه قبل اندلاع الحرب، وانكماش الناتج القومي أكثر من 40%، وتقلصت الإيرادات العامة بنحو 80%.

ويعتمد السودان حاليًا على طباعة النقود، في ظل انهيار المصارف والمشاريع الإنتاجية، وانتشار السرقة والنهب في المناطق الصناعية بما في ذلك الماكينات والمواد الخام والمخزون الإنتاجي وكافَّة الأجهزة الكهربائية وغيرها.

واتسعت رقعة الحرب لتشمل أكثر من 70% من مساحة البلاد، وانتقل القتال من الخرطوم إلى دارفور وكردفان في الغرب والنيل الأبيض في الجنوب وولايتي الجزيرة وسنار في الوسط والجنوب الغربي.

وتنتشر جرائم ميليشيا الدعم السريع من قتل ونهب واغتصاب واعتداءات متكرر على القرى والأقاليم السودانية في ظل دعم وتمويل عسكري ومادي وإعلامي تقدمه دول بعينها في المنطقة إلى ميليشيا الدعم السريع، وحذر الجيش السوداني مرارًا من هذا الدعم بل وقدم به شكوى رسمية إلى مجلس الأمن ومنع الجيش قنوات بعينها منها سكاي نيوز من العمل داخل السودان، وأكد الفريق أول ركن ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش السوداني، أن أسباب الحرب في السودان تعود إلى أطماع بعض الدول في الموانئ السودانية والأراضي الزراعية والموارد المعدنية.

وخلال العام الماضي لم تنجح أي وساطات في إنهاء الحرب ووقف إطلاق النار بداية من محادثات جدَّة أو التدخل الإفريقي أو حتى المباحثات التي شهدتها البحرين بحضور مصر والسعودية، واليوم يسعى المبعوث الأمريكي للسودان توم بيريلو إلى تنفيذ الخطة الإفريقية وفتح مسارات إنسانية والبدء في عملية سياسية تنطلق من معطيات الصيغة التي تم التوصل إليها قبل اندلاع الحرب، إلّا أن كل هذه المحاولات يرفضها الجيش السوداني ويؤكد أن غرضها تقسيم السودان ونهب ثرواته.

ويشهد إقليم دارفور -الذي يعد خمس مساحة السودان- عنفًا كبيرًا وانتشار الميليشيات والسلاح ومعاناة كارثية في ظل انتشار الجوع وموت الأطفال في المخيمات يوميًا بسبب نقص الغذاء والمياه والأمراض، وانعدام الأمن بسبب انتهاكات ميليشيا الدعم السريع ضد المخيمات التي تعج بملايين السودانيين منذ عام 2003، وتستخدم الأمم المتحدة مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور مركزًا إنسانيًا يضمن توزيع المساعدات المنقذة للحياة عبر ولايات دارفور الخمس وفقًا للاحتياجات.

ويقدر وائل فهمي الخبير الاقتصادي قيمة خسائر الأصول التي دمرتها الحرب حتى الآن، بما بين 500 إلى 700 مليار دولار، محذرًا من أن يؤدي استمرار الحرب إلى المزيد من الانكماش وانهيار الإنتاج ويرفع الخسائر بشكل لا يمكن تعويضه.

وأشار إلى الخسائر الهائلة في قطاعات الصناعة والخدمات والزراعة، التي تفاقمت أكثر بسبب ضعف مساهمة الولايات الأكثر تأثرًا بالحرب في الناتج المحلي الإجمالي، وهي العاصمة الخرطوم وولايات الجزيرة ودارفور وكردفان وسنار والنيل الأبيض التي تتركز معظم قواعد الإنتاج والبنيات الأساسية التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد السوداني فيها.