جولة جديدة من التلاعب الإيراني الإسرائيلي بالمنطقة

غزة الخاسر الوحيد.. والردود المتبادلة أهدافها دعائية وسياسية

  • 17
الفتح - التلاعب الإيراني الإسرائيلي بالمنطقة

 انتهت مسرحية التصعيد الإسرائيلية الإيرانية بضربات محدودة وفق السقف المتفق عليه ضمنيًا بين الطرفين، فعقب الهجوم الإيراني ضد الأراضي المحتلة بنحو ٣٥٠ مقذوفًا صاروخًيا بين طائرة مسيرة وصاروخ باليستي وكروز، والذي لم يخلّف خسائر مادية أو بشرية، جاء الرد الإسرائيلي محدودًا ودون إعلان رسمي، بضربة صاروخية ضد قاعدة عسكرية في مدينة أصفهان. وهو هجوم لم تتبناه إسرائيل رسميًا بينما قللت إيران من أهميته ولم تعترف به، ما يعني أنّ هذه الجولة من التصعيد المحسوب انتهت إلى لا شيء، ما يعزز فرضية أن كل هذا الاشتباك الواسع كان مسرحية محددة الأدوار بين طرفين، على أن تتولى واشنطن إدارة الأزمة بينهما. 


ترسيخ القواعد

لم يخرج الاشتباك الإيراني الإسرائيلي عن حدود المتوقع، بل جاء ضمن السقف الذي يتخادم فيه الطرفان لتحقيق مصالحهما الخاصة في المنطقة العربية. 

جاء التحرك الإيراني بعد اغتيال الجنرال بالحرس الثوري محمد رضا زاهدي في قنصليتها بدمشق، ما يعني أنها لم تلتفت لستة أشهر من حرب الإبادة في غزة، رغم كل الدعايات التي رفعتها طيلة أربعة عقود ونصف العقد من حكم الثورة الخمينية. 


وكذلك جاء الرد الإسرائيلي على إيران في حده الأدنى، وكأن إسرائيل التي ارتكبت كل محرمة وانتهكت كل الأعراف والقوانين في غزة، استفاقت على الموازنات فيما يتعلق بإيران، وهو أمر يؤكد سردية التخادم بين الطرفين لتحقيق أهدافهما الخاصة في المنطقة العربية. 

هذا التخادم الذي استفادت منه إسرائيل في هذه الجولة عبر الدعم الأمريكي السخي بنحو 16 مليار دولار أقرها الكونجرس بعد المناوشات الإيرانية بأيام فضلًا عن عودة إسرائيل للمتاجرة بالمظلومية ما يحقق لها إجماعًا غربيًا لجرائمها، على أن يكون الضوء الأخضر لاجتياح رفح هو المكافأة الكبرى التي يمني بها نتنياهو نفسه. 

أما إيران فقد حفظت ماء وجهها، بعد الانتقادات التي طالتها، والاتهامات بالغدر بالمقاومة الفلسطينية بعد سنوات من الدعاية الكاذبة، ورسخت وجودها كدولة فاعلة في الإقليم، لن تغيب عن ترتيبات الأمن فيه، علاوة على مكاسب ترجوها من واشنطن فيما يتعلق بالأموال المجمدة والعودة إلى الاتفاق النووي.


أهداف سياسية ودعائية

من جهته، قال فراس إلياس، المحلل السياسي العراقي، إن الهجوم الإيراني على إسرائيل يُعد تحولًا بقواعد الاشتباك، عبر التحول من هجمات عبر وكلاء إلى الهجوم المباشر، تحقيقًا لصدقية الردع في محاولة لدفع إسرائيل بعدم تكرار مثل هذه الهجمات مستقبلا، موضحًا أن إيران استخدمت طائرات مسيرة من طراز شاهد ١٣٦ و١٣١ وهي من النوعيات الرديئة وسهلة الاصطياد، ويمكن القول إن الهجوم الإيراني بهذا الشكل يهدف لتحقيق أهداف سياسية ودعائية وليست عسكرية، علمًا بأن إيران تمتلك طائرات أكثر فتكًا وقوة.

وشدد إلياس على أن إبلاغ إيران لعدد من الدول بموعد وحدود الهجوم، يشير إلى أنها لا تريد التصعيد، إنما للرد فقط دون شيء آخر.


مسرحية علنية

أما محمد عليّ، الباحث في الشأن الإيراني، فأكد أنه بالرغم من محاولة اختباء إيران خلف مصطلحات مثل قواعد الاشتباك أو توازن الردع لتبرير فشل هجومها عسكريا، أو على مستوى النتائج، بل والتأكيد على أعلى مستوى دبلوماسي بأن الهجوم تم تنسيقه كاملًا مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما كرره وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان أكثر من مرة.

ولفت الباحث في الشأن الإيراني، أن غزة التي تتعرض لحرب إبادة وحشية على يد جيش الاحتلال، قد تدفع ثمن المناورة الإيرانية، التي أعادت التعاطف الغربي مع إسرائيل، وفتحت الباب أمام رئيس وزراء حكومة الكيان الغاصب بنيامين نتنياهو للتفاهم مع واشنطن من أجل اجتياح رفح، بعد تردد الأخيرة لأسابيع خشية تضرر سمعتها قبل الانتخابات المقبلة في نوفمبر من العام الجاري.


حسابات الربح والخسارة

وفي السياق ذاته، يؤكد طاهر أبو نضال، المحلل السياسي الأحوازي، أنّ حسابات الربح والخسارة تشير إلى ربح إيران وإسرائيل برعاية أمريكا عقب جولة مسرحية من الاشتباك، مع تأكيد خسارة غزة التي ستدفع ثمن ما جرى خلال الأيام الفائتة، مشددًا على أن غزة ستدفع الثمن عاجلا، لكن المنطقة العربية ستدفع الثمن في وقت لاحق.

وأكد أن هناك خطة إيرانية إسرائيلية برعاية أمريكية لتهديد أمن المنطقة وانفجار الأوضاع في دولها عبر رعاية الميليشيات التي تسعى جاهدة لتفجير الأوضاع والتصعيد خدمة للاحتلال.