عاجل

القتال على "رايا ألاماتا" يتجدد في إثيوبيا

خبراء: صراع عرقي قديم.. وحكومة آبي أحمد أسهمت في تأجيجه

  • 12
الفتح - أرشيفية

رغم مهاترات آبي أحمد السياسية الكثيرة في القارة الإفريقية عمومًا ومنطقة القرن الإفريقي خصوصًا، لكن البيت الإثيوبي الداخلي يعاني دومًا من صراعات وتشظٍّ عرقي؛ فمنذ أيام تجددت المعارك في بلدة ألاماتا ورايا ألاماتا المتنازع عليها بين إقليمي تيجراي وأمهرة الإثيوبيَّين، أعلنت منظمة الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 50 ألف شخص نزحوا داخل البلاد هربًا من القتال الدائر حاليًّا.

من جهتها، قالت الحكومة الفيدرالية الإثيوبية مؤخرًا، إن الجيش سيسيطر على المناطق المتنازع عليها حتى يتم اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة، وسط تخوفات من تعقيد الموقف وتصعيد الصراع الدائر منذ أغسطس عام 2023م.

ورغم بروز الصراع على السطح فلا يمكن التحقق من الوضع الميداني الحالي في المنطقة؛ لأن السلطات الإثيوبية تمنع وسائل الإعلام من الدخول إليها؛ مما يوجه أصابع الاتهام إليها، بالتزامن مع إعلان بعض البعثات الأجنبية قلقها البالغ إزاء الأوضاع وتجدد القتال مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا، بحسب محللين.

أهميةُ المنطقة

في هذا الصدد، قال علي منصور، المحلل السياسي السوداني: "تكمن أهمية منطقة (رايا ألاماتا) في أنها تمتاز بالأراضي الخصبة؛ لكنها تعد منطقة كوارث طبيعية ونزاعات عرقية؛ فقد ظلت تدور صراعات بين قوميتي (التيجراي والأمهرة) على خلفية النزاع على المنطقة التي تطالب بها القوميتان؛ لأن قومية التيجراي ترى أنها تابعة لجنوب الإقليم، بينما ترى قومية الأمهرة أنها تتبعهم.

وأضاف منصور لـ "الفتح": يتألف السكان من عدة مجموعات عرقية منها التيجراي الذين يحتلون الجزء الأكبر من الوريدا، ثم الأورومو الذين يشكلون مجموعة سكانية قديمة في منطقة رايا التي تم استيعابها جزئيًّا في منطقة أمهرة، وهم اليوم يعيشون في قرى متفرقة عبر المنطقة الأوسع بين ألاماتا وموهوني وشيرشر، ويشترك العفار في مستوطنات على الجبال شرق رايا، ويعيشون بشكل عام جنوب نهر جوبو في المدن الكبرى على طول الطريق الرئيسي.

وأردف أن القتال الأخير بدأ خلال عطلة نهاية الأسبوع واستمر عدة أيام؛ إذ اتهم مسؤولون في أمهرة مقاتلين متحالفين مع الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بشن هجمات، في حين اتهم زعماء تيجراي رجال ميليشيات أمهرة بفتح النار عليهم أولًا، بينما اتهمت حركة أمهرة الوطنية (ناما) المعارضة في الولاية الإقليمية الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي في بيان لها بشن غزو للمنطقة المتنازع عليها.

واستطرد: من المتوقع أن تخلف هذه المواجهات أعدادًا كبيرة من النازحين، وكان في وقت سابق يلجأ الإثيوبيون إلى السودان، لكن اليوم تغيرت المعطيات في ظل وجود حرب بالسودان؛ لذلك متوقع معاناة خمسة ملايين شخص، وهم في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدات الإنسانية في المنطقة، وهناك نحو 350 ألف شخص على الأقل على حافة المجاعة؛ وهو ما تنفيه الحكومة الإثيوبية.

صراعٌ عرقي

في حين يرى عيسى أحمد مضوي، المحلل السياسي السوداني، أن ما يدور في إثيوبيا عبارة عن صراع عرقي قديم؛ لأن التيجراي كانوا هم الذين يمسكون مفاصل الدولة الإثيوبية إبَّان عهد الرئيس الأسبق منقستو هيلا مريم، وكانت إثيوبيا في تلك الفترة تُحكم بالحديد والنار، وكان التيجراي هم قادة الجيش والأجهزة الأمنية والدولة بسبب تعدادهم السكاني الكبير، وكان الأمهرا يعتبرون أنفسهم الطبقة البرجوازية المتعلمة والمثقفة التي أسهمت في نجاح الثورة الإثيوبية التي أدت إلى تحرير الشعب الإريتري وحكم إثيوبيا ديمقراطيًّا عن طريق الرئيس الراحل ملي زيناوي، الذي نشب في عهده الصراع بين التيجراي والأمهرا والأرومو.

وأضاف مضوي لـ "الفتح": الأمهرا طبعًا أصبحوا يعتبرون التيجراي جزءًا أساسيًّا من مكونات النظام السابق يجب التخلص منه وتفكيكه، منوهًا بأن التيجراي والأمهرا والأرومو عبارة عن مجموعات سكانية مسلحة لها مطالب مشروعة، فبدلًا من أن تجلس معهم حكومة آبي أحمد المنتخبة ديمقراطيًّا قتلتهم وهجَّرتهم وأدت إلى تشعُّب الصراع بينها وبينهم؛ فالآن المكونات السكانية في إثيوبيا ترى أن الحكومة تتعامل مع قضاياهم بإسفاف وتعالٍ، وتغض الطرف عن مشكلاتهم، وتسعى إلى تطويعهم بقوة السلاح؛ مما أدخل إثيوبيا في حرب قبلية حتى وإن لم تعلن الحكومة الإثيوبية ذلك، وسوف يطول أمدها وتكون حربَ كرٍّ وفرّ؛ فتصريحات الجيش الإثيوبي غير واقعية ولا منطقية؛ فالآن حرب التيجراي تجاوزت الأربع سنوات ولا يزال الصراع مستمرًّا وسيشتد خلال فصل الخريف نتيجة التنازع حول الأراضي الزراعية ما بين الجيش السوداني والجيش الإثيوبي، خصوصًا أن معظم الأراضي المتنازع عليها داخل الحدود السودانية.