"الدعوة السلفية" تدعو للعمل من أجل الإسلام

  • 62
الفتح - جانب من الندوة

برهامي: الدعوة إلى الله وإقامة الدين مهمة الرسول ويرثها من اتبعه

المخاطر تزداد وأبرزها "الدين الإبراهيمي".. وطلب العلم الشرعي ضرورة

إيهاب الشريف: لابد أن نغير ما بأنفسنا ليغير الله ما نزل بنا من بلاء

الجماعية والمؤسسية إرث له عظيم الأثر في قوة الدعوة السلفية

نظمت الدعوة السلفية بمصر ندوة دعوية إيمانية، شارك فيها الدكتور ياسر برهامي، رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية بمحاضرة بعنوان "مسؤولية العمل للدين"، وإيهاب الشريف، الداعية الإسلامي بمحاضرة بعنوان "وقفة مع رحيل قيم الدعوة السلفية".

وأشار "برهامي" إلى قوله الله عز وجل: {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108]، قائلًا: إذن مهمة الرسول -صلى الله عليه وسلم- هي الدعوة إلى الله والقيام بأمره وإقامة الدين، وهذه المهمة يرثها من اتبعه، مشيرًا إلى أنه قبل أن يغيب الرسول عن حياتنا الدنيا كان من يتبعه أيضًا يقومون بذلك، قال تعالى: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].

وأكد "برهامي" أن من معاني الولاء الواجب نصرة الله ونصرة رسوله، موضحًا أن نصرة الله -وهو الغني عن نصرة عباده- إنما هي بنصرة دينه والسعي لإعلاء كلمة الله في الأرض، وأما نصرة رسوله تكون بنصرة سنته، عقيدة وعبادة ومعاملة وسلوكًا وأحوال قلوبٍ، وتحليًا وتخليًا، وأخلاقًا يتعامل بها الناس فيما يتعلق بالأفراد وفيما يتعلق بالمجتمع وفيما يتعلق بالدول، فإنها كلها داخلة فيما جاء به النبي من الإسلام.

وأوضح أن العمل من أجل الإسلام هو من العمل بالإسلام، ولا يتحقق من مسلم أن يكون عاملًا بالإسلام وهو لا دخل له بالعمل من أجله وإعلائه في الأرض، مؤكدًا أن المسلم لا يكون عاملًا العمل الواجب عليه حتى يعمل من أجل إعلاء كلمة الله، كما قال الله عز وجل: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104]، فحصل الفلاح لهؤلاء، وهذا يحصل بطائفة تقوم بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ حتى يوجد المعروف الواجب ويزول المنكر المحرم، وإلا يكون فهناك إثم على حسب درجة التقصير.

وقال "برهامي" إن المخاطر تزداد ومتتابعة، على الرغم من وجود الرفض العام الرسمي للأجهزة السياسية والدينية لفكرة الدين الإبراهيمي وما يسمى بـ "مسار إبراهيم"، موضحًا أنه مخطط نهايته الدين الإبراهيمي والولايات المتحدة الإبراهيمية، بمعنى أن يكون اليهود والنصارى والمسلمون دولة واحدة، من خلال ولايات مختلفة، مثل: أمريكا، مؤكدًا ضرورة طلب العلم الشرعي للمسائل مسألةً مسألةً، كالولاء والبراء، والحكم بما أنزل الله، والإيمان والكفر، والعذر بالجهل -العذر بعدم البلاغ-، والقضاء والقدر، والإيمان باليوم الآخر، والأسماء والصفات، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وقضية الشيعة، والموقف من آل البيت والصحابة، وكل المسائل الشرعية.

ومن جهته، أشار إيهاب الشريف إلى أنه كان كثيرًا ما يسمع لشيخنا محمد عبدالفتاح "أبو إدريس" -رحمه الله- قوله: "نحن في زمن انتهت فيه الفردية والشيخ الواحد الذي برحيله تتوقف الدعوة أو تموت، وانتقلنا إلى المؤسسية". وهكذا كان -رحمه الله- يُؤصل ويؤسس للجماعية والمؤسسية بقوله وفعله، وهو إرث تتناقله الأجيال في الدعوة السلفية المباركة، وله عظيم الأثر في قوتها وتماسك أفرادها وبقائها وأثرها في المجتمع بفضل الله تعالى. خلافًا للدعوات الفردية التي يرى بعض قادتها بدعية العمل الجماعي، ثم هم في واقع الأمر يمارسونه بصورة أو بأخرى حتى تبقى دعوتهم، لكنها ما تلبث أن تضعف ثم تتلاشى برحيلهم أو انتقالهم.

وقال الداعية الإسلامي إن الحرب لم تعد كما كانت سابقة مقتصرة على حرب اللحية أو النقاب، بل أصبحت الحرب على العقائد والثوابت والتوحيد، فإذا جلسنا نتفرج فنحن في خطر والله، ليست الأجيال القادمة فحسب. 

وحثّ على ترك السلبية قائلًا: لابد لنا من وقفة مع أنفسنا لنغير ما بنا، ليغير الله ما نزل بنا من بلاء {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: 11]، نريد أن نلتزم هذا الأمر الإلهي "خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ" [البقرة: 63]، نريد قوة في العلم حفظًا للقرآن وعلمًا بالسنة وتطبيقًا للمعاملات الشرعية، نريد قوة في الدعوة إلى الله أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة. وعلينا ألا ننسى أن الاجيال القادمة أمانة في أعناق الأجيال الحاضرة، فإما أن نتركهم فريسة سهلة للعدو، وإما أن نسلمهم أمانة الإسلام عزيزة مرفوعة ناصعة لا غش فيها ولا دخن.