"الاختلاف.. ائتلاف"

تربويون يوضحون ضوابط الحوار وقت تباين وجهات النظر

محمد علاء الدين

  • 8
الفتح - الاختلاف

إذا كانت الشدائد تظهر معادن الرجال؛ فإن الخلاف يظهر معادن النفوس، يأتي الخلاف ليظهر ما تخفيه النفس البشرية ويكشف سترة الطبائع، ويحدد موقفك ما إذا كنت صاحب أخلاق، مخطئًا فتعتذر أو صاحب حق تستطيع التعبير عنه بأدب، هل يأخذك الغضب، فتصب ما في صدرك لتثبت وجهة نظرك؟ أم تتنازل نزولًا على خلاف في مسألة فرعية تحتمل الصواب أو الخطأ؟

 وفي هذا الصدد، يقول الدكتور محمود إمام، الاستشاري الأسري، إن الاختلاف والائتلاف شريكان متضادان إن أحسنا توظيفهما خرجنا بأفضل النتائج داخل الأسرة نواة المجتمع، فالاختلاف حول موضوع معين يمكن أن يخرج بوجهتي نظر مكملتين لبعضهما البعض.

ويؤكد "إمام" في تصريحات خاصة لـ "الفتح" أننا نحتاج إلى نشر ثقافة الاختلاف، ونتعلم كيف نختلف؟، مستشهدًا بما قال البروفيسور الأمريكي ستيفن كوفي: "إن أعظم مشكلة نواجهها ونحن نتواصل هو أننا لا ننصت لكي نفهم، بل ننصت لكي نجيب"، لافتًا إلى أننا أصبحنا نختلف من أجل إثبات وجهات النظر وفقط وتسجيل المواقف لا من أجل الوصول إلى أفضل النتائج.

ويشدد "إمام" على ضرورة التجرد من النزعة الشخصية خلال النقاش والتركيز على جوهر المشكلة ولب القضية، وإذا ما تحقق ذلك ثبت حسن النية ورأب الصدع ولم الشمل، مضيفًا: "ارفض بأدب وعبّر باحترام طالما في حدود المصرح به".

من جهته، يقول الدكتور أحمد مكرم، الاستشاري التربوي، إن الخلاف عبارة عن امتحان صعب تستطيع أن تجتازه إذا ترسخت في النفس ثقافة الاختلاف، مشيرًا إلى أن المفهوم ليس بمستحدث، وهو ينتمي لمصطلحات عرفت في الثقافة العربية بأدب الاختلاف أو فقه الخلاف.  

ويؤكد "مكرم" في تصريحات خاصة لـ "الفتح" أن التعصب للفكرة الواحدة جهل خاصة إذا كانت تتصادم مع العادات والتقاليد إذا تحدثنا عن المجتمع، وتتخطى القوانين واللوائح إذا كنا نتحدث عن المؤسسات. 

ويرى الاستشاري التربوي أن تفعيل ثقافة الاختلاف تكمن في التناصح الذي يدل على الخير بين الأطراف المختلفة حول قضية معينة، والتواصل الفعال الذي يوضح أسباب الاختلاف في وجهات النظر ويقرب المسائل المتباعدة، مع وجود الوسطاء الذين لديهم المقدرة على تقريب وجهات النظر وطرح البدائل أمام الطرفين حتى تفضي إلى إسقاط عدد من نقاط الاختلاف.

ويشير "مكرم" إلى أنه إذا تمكنا من الإجابة على تلك الأسئلة سنصل حتمًا إلى نتائج مرضية في حال بروز أي خلاف، وهي: لماذا نختلف؟، كيف نختلف؟، متى نختلف؟، مع من نختلف؟، وما ضوابط الاختلاف؟، بمعنى كيف يختلف الإنسان مع الآخر دون إنقاص من قدره أو التقليل من شأنه حتى تنتج أفكارًا جديدة تضيف وتثري المعارف وتحل أصعب المشكلات.