عاجل

"الفتح" ترصد السلوكيات الاجتماعية للمصريين وما طرأ عليها من تغيرات

  • 108
صورة تعبيرية

طرأ علي التركيبة الاجتماعية المصرية خلل كبير أرجعه بعض الخبراء إلى العولمة والتقدم التكنولوجي؛ فبرغم التقدم العلمى فى وسائل الاتصال زاد التباعد بين الأهل والأقارب في كثير من الحالات رغم توافر الإمكانيات التي يستطيع بها الأبناء البر بالآباء، إلا أن بعضهم قد تخلي عنهم بزعم كثرة المسئوليات والبحث عن لقمة العيش.
إن التآلف بين الناس الآن ليس كما ينبغي أن يكون، والحب والود بين الأقارب ليس كما يرام, وتغيرت المفاهيم وتبدلت المعاني والقيم والمعايير؛ فالتعاطف أضحى عند البعض ضعفا وخورا، والرحمة مسكنة وتخاذلا، والنصب والاحتيال والقسوة شطارة وذكاء؛ فالعصر لا يعترف إلا بالقوي وصاحب الجاه والثروة .
الحنين إلى الماضي أصبح حالة تتلبس بعض كبار السن بوضوح ظاهر، فضلا عن أنه أصبح الآن يتلبس بالشباب صغار السن، وتتجدد هذه اللحظات والذكريات كلما مرت مناسبة أو حالة تذكرهم بالماضي الجميل, وتجد أن كثيرا من هؤلاء يعشقون الحديث عن الماضي ويفخرون بما كان فيه رغم قسوة الحياة وصعوبة العيش آنذاك، ونجد أن كثيرا من الناس يتوقون إلى الماضي ويتمنون عودة شئ من عبقه وسحره.
رب يوم بكيت منه ألما... وإن صرت في غيره بكيت عليه

قال الشيخ عصام حسنين، عضو مجلس شورى الدعوة السلفية، الإنسان غالبا يأخذ من ماضيه نبراسا لحاضره, لو نظرنا إلى الماضي وبحثنا عن الأسباب التى أدت إلى التغير بين الأخلاق في الماضي والحاضر؛ فسنجد أن "التقوي" عامل رئيس في ذلك، فكلما اقترب الإنسان من ربه بالعبودية فإن الله يرضي عنه ويفتح له أبواب الخير، فالنظر للماضي بهذا المنظور مشروع .
وتابع "حسنين" نجد أنه في الماضي كان حالنا أفضل لأننا كنا قريبين من الله سبحانه وتعالي ونخشاه، أما في هذه الأيام فنجد أننا نمر بمرحلة من مراحل الغربة، وساعد علي هذا الجهل بالدين والسنة بجانب انتشار البدع؛ وهذا جعل الناس يظنون أن ماهم عليه هو الحق .
وأشار "حسنين" إلى دور العلماء في تعليم الناس فقه العبادة والمعاملة الصحيحة والمنهج السلفي السليم؛ لكي نعلم ونتعلم ماهي الأسباب التى أدت إلى تمكين المسلمين في فترة من الفترات.
ومن جانبه، قال دكتور علي ليلة أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، الإنسان يحن للماضي عندما يكون الواقع لا يشبع حاجاته الأساسية، وعندما يجد أن المجتمع قد تجاوزه ولم يحقق رغباته في الحاضر.
ويري "ليلة" أننا الآن نعيش واقعا مزدهرا ذا اقتصاد متماسك بعد أن قمنا
بثورة وما تبعها للرجوع لبناء قيمنا مرة أخري، وهذا بشهادة العالم.
وأكد "ليلة" أنه من غير المنطقي الرجوع للماضي لأننا بذلك سنتوقف عن البناء للحاضر، فيجب أن نفكر كيف ننتقل بالحاضر إلى مستقبل أفضل ومشرق.
وقال الدكتور أنور الأتربي أستاذ الأمراض النفسية والعصبية بجامعة عين شمس، انتشرت في الفترة الأخيرة مفاهيم خاطئة في المجتمع مثل العلاقات الإنسانية، ففي السابق كانت العلاقات يسودها الوفاء والإخلاص، وقد تحلي المصري في السابق بصفات المصري "الجدع" من حيث القدرات والمهارات الاجتماعية.
وأشار "الأتربي" إلى أنه في السابق كان ينظر للزواج علي أنه واجب وطني لتكوين أسرة صالحة، لكن الآن حدث نفور من قبل الشباب في الإقبال علي الزواج لما يجدونه من كثرة حالات الطلاق، وأيضا لعدم القدرة المادية نتيجة لقلة فرص العمل.
وتابع أستاذ الأمراض النفسية والعصبية أنه انتشرت الآن اللامبالاة والتبلد؛ لذلك علينا واجب في المنزل بجانب المدرسة والجامعات بغرس فكرة الذكاءالاجتماعي؛ فيجب أن يدرس في الوقت الحالي أسوة بأيام زمان حيث إننا كنا نتعلم الأخلاقيات في المدرسة والأسرة خاصة في الشارع أيضا.
وأكد الأتربي أن ما نعانيه من حنين هو حنين للارتقاء بالسلوكيات كما يجب أن تكون، وأنه لديه ما يبرره والطريق إليه مفتوح بتضافر جهود علماء الاجتماع والإعلام الذي بات سببا واضحا فيما نعانيه الآن من تغيرات طرأت علي مجتمعنا.
وأوضح أستاذ الأمراض النفسية والعصبية أن الأمة العربية أصابها العديد من الأمراض الناتجة عن تراكمات ضعف التعليم وضعف المستوي المعيشي والاقتصادي والاجتماعي؛ وهذا ما أدي إلي التشرذم والتمزق الذي نحن عليه الآن.
ولفت الأتربي إلى أننا يجب أن نعود مرة أخري من خلال إستعادة دور المدرسة المهم ، حيث فقدت المدرسة معناها الأساسي "وهو تعليم السلوكيات والأخلاقيات"، وأيضا العودة بدور الأسرة والترابط الذي كان فيها حتي يغرس هذا في عقل ووجدان الطفل.