لبنان فى مواجهة مع الإرهاب

  • 123

تنشغل لبنان حكومتا وشعبا بكيفية مواجهة الإرهاب ،خاصة بعد أن أعلنت القوى الأمنية الأيام القليلة الماضية عن تفكيك العديد من الشبكات الإرهابية وملاحقة عناصرها، بينهم أحد الإرهابيين الذي اعترف أنه كان يخطط لإقامة إمارة تبايع داعش شمال البلاد.

وقد تزايدت وتيرة المخاوف حول الوضع الأمني بعد المواجهة التي خاضها الجيش اللبناني ضد مسلحين في شمال البلاد، حيث القى القبض على أكثر من 100 مسلح ضمن سلسلة من المداهمات التي نفذها والتي امتدت الى شرق وجنوب لبنان .

وكانت بعض مناطق الشمال شهدت قبل عشرة أيام اشتباكات بين الجيش ومسلحين، والتي بدأت في الأسواق الداخلية لمدينة طرابلس في الرابع والعشرين من شهر اكتوبر الماضي، بعد إطلاق نار متبادل بين دورية للجيش ومسلحين في منطقة "السويقة .. خان العسكر بالمدينة" ، والتي امتدت إلى منطقة بحنين ،والتي سقط خلالها عشرات الضحايا من العسكريين والمدنيين.

وقد جاءت هذه الجولة من العنف التي استمرت أربعة أيام بعد أن ألقى الجيش اللبناني القبض على أحد أخطر المطلوبين أمنيا من أبناء طرابلس، حيث أعلن الجيش في الثالث والعشرين من شهر اكتوبر الماضي ، أن قوة من مديرية المخابرات نفذت عملية أمنية دقيقة في منطقة الضنية شمال البلاد، بعد رصد مكان وجود "الإرهابي" أحمد سليم ميقاتي، فتمت مداهمة الشقة التي كان يقيم فيها مع مجموعة من "الإرهابيين" ، وتم توقيفه، فيما أصيب أحد العسكريين بجروح طفيفة، وقتل ثلاثة من المسلحين.

وما ضاعف من وتيرة القلق، اعترافات الموقوفين من الذين القت القوى الأمنية القبض عليهم الأيام القليلة الماضية لعل أخطرها ما كشفت عنه مصادر قضائية لبنانية في السابع والعشرين من شهر أكتوبر الماضي إلى اعتراف الموقوف " أحمد الميقاتي" أنه كان يسعى إلى احتلال قرى بخعون، عاصون، سير الضنية، بقاعصفرين الواقعة شمال لبنان، كونها غير ممسوكة أمنيا بما فيه الكفاية، تمهيدا لإعلانها منطقة آمنة ورفع رايات "داعش" فوقها، ومبايعة أبو بكر البغدادي، ما سيجعلها ملاذا آمنا للمقاتلين والثائرين على الظلم، وللعسكريين الذين سينشقون من الجيش.
وبحسب المصادر القضائية، إعترف الميقاتي أن هذه الخطوة كانت ستترافق مع أعمال أمنية في مدينة طرابلس ومحيطها ما سيسهل تنفيذها.
وعليه ستكون المرحلة الأولى من المخطط الأكبر القاضي بربط القلمون السورية بالساحل اللبناني.

كما أوقفت قوى الجيش أمس المطلوب" غالي حدارة "في منطقة الشمال، لقيامه بتشكيل خلية إرهابية نسقت مع الموقوف أحمد سليم ميقاتي وآخرين، لتنفيذ المخطط الذي كان يعدّ لمنطقة الشمال بقيام إمارة تابعة لداعش.
ويرى المراقبون أن استمرار الحرب في بلد الجوار الإقليمي "سوريا" تضاعف من مخاطر استمرار تصدير الإرهاب إلى لبنان ، وفي هذا السياق رفض وزير الخارجية والمغتربين اللبناني جبران باسيل في تصريح له أمس أن تتحول بلاده إلى منطقة إرهابية .. مشددا على عدم السماح بإقامة ممرات أمنية بين لبنان وسوريا.

وقال " يجب أن نقطع رأس الإرهاب أينما طل كما فعلنا بعرسال شرق لبنان والشمال، نستشعر الخطر في كل لبنان" .
وأضاف " نسمع عن مشاريع في بعض المناطق تتحدث عن ممرات آمنة وعازلة.
نحن نريد لبنان منطقة هادئة لأهله، ولن نسمح بمثل هذه المشاريع أن تنفذ. لن نسمح بممرات أمنية لا من سوريا الى لبنان ولا من لبنان إلى سوريا، لن نسمح بأن يتحول لبنان إلى منطقة إرهابية".
وأعرب عن قدرة لبنان على مواجهة الإرهاب ..معبرا في الوقت عينه عن مخاوفه من عامل الوقت الذي أرخى بثقله على الوضع الاقتصادي والأمني والسياسي في لبنان.

وما أثار الهلع في لبنان أن أحداث الشمال جاءت بعد أشهر قليلة من اخماد النار في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا الواقعة شرق لبنان، والتي شهدت في الثاني من شهر اغسطس الماضي اشتباكات بين الجيش وعناصر مسلحة من جنسيات مختلفة من تنظيم داعش ،وجبهة النصرة بعد إلقاء القبض على السوري عماد أحمد جمعة الذي ينتمي إلى جبهة النصرة بحسب بيان للجيش اللبناني .
وبلغت حصيلة هذه الاشتباكات التي استمرت أسبوعا 14 قتيلا من عناصر الجيش ، و 86 جريحا بجانب 22 عسكريا مفقودا ، بالإضافة الى مصرع 100مسلح ، والتي ما زالت تداعياتها مستمرة على ضوء استمرار خطف العسكريين اللبنانيين لدى الجماعات المسلحة في سوريا .
هذا وقد واصل الجيش اللبناني تكثيف اجراءاته الامنية بحثا عن المطلوبين من المشاركين في الاحداث التي شهدتها بلدة عرسال ،حيث نفذ الجيش أمس عمليات دهم على مخيمات النازحين السوريين في منطقة عين الشعب بين بلدتي عرسال واللبوة شرق البلاد ،بحثا عن مطلوبين ومشاركين بالاعتداء عليه .

ويتخوف اللبنانيون من عودة مسلسل الانفجارات ،حيث عثر الجيش اللبناني على ثلاث سيارات مفخخة في منطقة بحنين شمال لبنان في 26 من شهر اكتوبر الماضي ، ومخزن يحتوي على كميات من الأسلحة والذخائر والأعتدة العسكرية، إضافة الى 50 عبوة ناسفة مجهزة للتفجير، وذلك بالتزامن مع مواجهة بين الجيش ومسلحين في تلك المنطقة آنذاك.

وفي سياق متصل، أعلن وزير العدل اللبناني اللواء اشرف ريفي في تصريح له عن وجود الآلاف من مستودعات الأسلحة في طرابلس شمال البلاد وفي الضاحية الجنوبية لبيروت ...داعيا جيش بلاده الى تطبيق الخطة الامنية بالتساوي على كل المناطق اللبنانية .
وقال ريفي "كلنا يعلم أن في الضاحية آلاف مستودعات الاسلحة، وعلى الجيش أن يطبق الخطة الامنية بالتساوي على كل المناطق اللبنانية وعلى كل المواطنين، فعمليات الدهم لا يجب أن تقتصر على باب التبانة- طرابلس، وكلنا يعلم أن هناك آلاف مستودعات الأسلحة في جبل محسن- طرابلس والضاحية.

وكان الجيش اللبناني أعلن امس عن ضبط مخزن سلاح في محلة باب التبانة طرابلس شارع حربا، يحتوي على بنادق حربية وكمية من الذخائر المتنوعة والقنابل اليدوية والصواعق والأعتدة العسكرية، كما أوقفت خلال عملية الدهم أحد الأشخاص المشتبه بهم، كما ضبط الجيش أمس الأول مخازن في محلة أبي سمرا- طرابلس ، تحتوي على كميات من البنادق الفردية والرشاشات والقذائف الصاروخية والقنابل اليدوية والذخائر، بالإضافة الى كميات من المتفجرات والأعتدة العسكرية المتنوعة.

وقد أثارت ظاهرة استشراء الإرهاب جدلا بين القوى السياسية اللبنانية على الرغم من توافقهم على أن اسبابها تعود الى استمرار الحرب في سوريا ، ففي حين تحمل بعض القوى السياسة من قوى الرابع عشر من اذار مشاركة حزب الله بالحرب الدائرة في سوريا قدوم الإرهاب الى البلاد ، تعتبر قوى الثامن من اذار وعلى رأسها "حزب الله " أن قتال الحزب منع قدوم "الإرهاب التكفيري " الى لبنان وذلك على الرغم من اعلان الجيش اللبناني عن توقيف عشرات المطلوبين امنيا على الاراضي اللبنانية، بينهم لبنانيون على ارتباط بتنظيم "داعش" وشاركوا في الاعتداء على القوى الأمنية أو يخططون لأعمال تخريبية داخل الأراضي اللبنانية.

وسط هذه الأجواء، أعلن الجيش اللبناني استمراره في تفكيك الشبكات الإرهابية وملاحقة عناصرها في الوقت الذي تواصل قواته مطاردة المسلحين ، وقد اكد قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي استمرار ملاحقة الارهابيين الذين يعتدون على جيش بلاده...رافضا المهادنة مع قتلة العسكريين اللبنانيين.
وقال قهوجي"لا مساومة ولا مهادنة مع قتلة العسكريين ولا اتفاقات سرية على" دم الشهداء" ، وان كل من اعتدى على عناصر الجيش هو إرهابي، وسيلاحق أينما وجد حتى توقيفه وتسليمه للقضاء مهما طال الزمن".
وفي هذا السياق، شدد تمام سلام رئيس الوزراء اللبناني على أن "الحكومة تقف صفا واحدا وراء القوى العسكرية والأمنية الشرعية في المعركة التي تخوضها لضرب الإرهابيين وإعادة الأمن والأمان ".

ويبقى السؤال ،هل ينجح لبنان في القضاء على الارهاب في ظل استمرار الحرب السورية ، في الوقت الذي يعاني فيه البلد فراغا في منصب الرئاسة منذ شهر مايو الماضي وبالتزامن مع الجدل الذي يثيره التمديد للمجلس النيابي لصعوبة اجراء الانتخابات لدواعي أمنية؟ .