التعاون الإسلامي فى مكافحة تاريخية مع "إيبولا"

  • 154

في خطوة تهدف إلى إطلاق حملة لمكافحة وباء "ايبولا" الذي ضرب بعض الدول في افريقيا تعقد منظمة "التعاون الاسلامي" في مقرها في جدة يوم الأربعاء المقبل بالتعاون مع "البنك الإسلامي للتنمية" اجتماعا يهدف إلى "تعبئة الموارد اللازمة للمشاركة في جهود مكافحة فيروس إيبولا"، وسيرأس الاجتماع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي السيد "إياد أمين مدني" ورئيس البنك الاسلامي للتنمية السيد "أحمد محمد علي".

فيما صرح مصدر في المنظمة بإن "الدعوة وجهت لوزراء الصحة في الدول الأعضاء ومنظمة الصحة العالمية و"أطباء بلا حدود" وعدد كبير من المنظمات غير الحكومية و"أفراد فاعلي خير" للمشاركة في هذا المؤتمر وهو الأول من نوعه في المنطقة.

وقال الأمين العام المساعد لشؤون العلوم والتكنولوجيا بمنظمة التعاون الاسلامي السفير "نعيم خان" إن الاجتماع "هو شهادة على التزام منظمة التعاون الإسلامي بقضية الصحة العالمية والجهود الدولية الجارية لمكافحة وباء ايبولا"، مشددا على أن "المنظمة تشاطر دول العالم القلق الدولي إزاء الخسائر في الأرواح والمعاناة الناجمة عن فيروس إيبولا"، لافتا الى دلالات "القلق الدولي في هذا الشأن حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية" عالمية.

وفيما قال "نحن أيضا ندرك حجم التأثير الاجتماعي والاقتصادي السلبي للأزمة الراهنة في البلدان المتضررة، أشار إلى أن اثنين من أكثر البلدان التي تضررت وهما غينيا وسيراليون، والبلدان عضوان في منظمة التعاون الإسلامي"، وتوقع خان أن يؤدي هذا الاجتماع الى الاعلان عن حزمة ملموسة من الدعم لمواجهة الأبعاد المختلفة للتحدي الذي يشكله تفشي مرض إيبولا المستمر".

يشار الى أن فيروس ايبولا يسبب وفقا لتقرير دولي حديث مرضاً حاداً وخطيراً يودي بحياة الفرد في أغلب الأحيان إن لم يُعالج ويبلغ معدل الوفيات بين حالات الإصابة بالفيروس نسبة 50 في المئة تقريباً في المتوسط، ولكن هذا المعدل تراوح بين 25 و90 في المئة في مرات التفشي التي حدثت في الماضي.

وقال اختصاصيون إن الفيروس ينتقل إلى الإنسان من الحيوانات البرية ثم ينتشر من خلال سريان عدواه من إنسان إلى آخر عبر الملامسة المباشرة (عن طريق الجروح أو الأغشية المخاطية) لدم الفرد المصاب بالعدوى أو إفرازاته أو أعضائه أو سوائل جسمه الأخرى، وبملامسة المواد الأخرى الملوثة بتلك السوائل (كالمفروشات والملابس).

وأكد التقرير أن عاملي الرعاية الصحية كثيراً ما يُصابون بالعدوى عند تقديمهم العلاج للمرضى المصابين بحالات يُشتبه فيها أو مؤكدة، وحدث ذلك من خلال ملامسة المرضى مباشرة من دون تطبيق صارم للتحوطات المتعلقة بمكافحة عدوى المرض، ويمكن "أن تلعب أيضاً مراسم الدفن التي يلامس فيها المشيعون مباشرة جثة المتوفى دوراً في انتقال الفيروس".

وجاء في تقرير أن دول منظمة التعاون الإسلامي تدرك تماما مسؤوليتها الإنسانية في دعم الدول المتضررة من مرض فيروس ايبولا، وأضاف أنه منذ بداية تفشي المرض في وقت سابق من العام الجاري تم تنسيق جهود منظمة التعاون الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية, واعتمد البنك كاستجابة فورية منحة مساعدة طارئة بقيمة 600 ألف دولار لدعم جهود غينيا وسيراليون والمجتمع الدولي لاحتواء المرض، كما قدم البنك تمويلا بقيمة 34 مليون دولار لغينيا لتعزيز نظامها الصحي خصص منها 6 ملايين دولار لجهود مكافحة ايبولا".

وتشدد منظمة التعاون الإسلامي على أنها والبنك الإسلامي للتنمية يدركان الحاجة الملحة لبذل جهود أوسع نطاقا وأكثر استمرارية لمساعدة البلدان المتضررة للتصدي للمرض وتعزيز أنظمتها الصحية لتمكينها من مجابهة الفيروس والاستمرار في تقديم خدمات الرعاية الصحية الأساسية.
وجاء في تقرير لمنظمة التعاون الإسلامي أن المنظمة في إطار جهودها لحشد الدعم للدول المتضررة من إيبولا عقدت اجتماعا للدول الأعضاء في المنظمة بجنيف في 29 سبتمبر 2014 برئاسة وزير الصحة الاندونيسي ومشاركة المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية الدكتورة مارغريت تشان، وستنظم منظمة التعاون الإسلامي بالاشتراك مع البنك الإسلامي للتنمية "مؤتمر المتابعة" المقبل في جدة في الخامس من نوفمبر الحالي.

وترى منظمة التعاون الإسلامي في إطار حرصها على مكافحة إيبولا أن "على عاتقنا مسؤولية تاريخية للتحرك، وأن جميع الدول الأعضاء في المنظمة والمنظمات الخيرية والمنظمات غير الحكومية والأفراد مدعوون إلى أن يحذو حذو أولئك الذين التزموا بالانضمام إلى الحرب على فيروس "ايبولا" من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة على أرض الواقع".
كما تشدد المنظمة على أنه من الضروري إشراك المجتمع المحلي في جهود مكافحة حالات تفشي المرض لتكلل بالنجاح، لأن جودة المكافحة تتوقف على تنفيذ مجموعة من الخطوات، وهي التعامل مع الحالات علاجياً ورصد مخالطي الحالات وتتبعهم وتقديم خدمة مختبرية جيدة والاضطلاع بمراسم الدفن الآمن والتعبئة الاجتماعية، كما تؤدي سرعة احتضان الفرد بالرعاية وعلاج أعراض المرض إلى تعزيز فرص بقائه على قيد الحياة".

وأكد خبراء أنه لا يوجد حتى الآن علاج مرخص ومجرب لتحييد الفيروس وأشاروا إلى أنه يجري حاليا التحضير لأنواع من علاج الدم وجهاز المناعة والأدوية لكنهم قالوا إنه لا توجد حالياً لقاحات مرخصة ضد ايبولا، بيد أن هناك لقاحين اثنين يُحتمل أن يكونا مرشحين لمكافحة المرض ويخضعان حالياً للتقويم.

وبلغ عدد حالات الاصابة المؤكدة والمحتملة والمشتبه فيها حتى 15 أكتوبر 2014، 8997 حالة وفقا لمنظمة الصحة العالمية، وبلغ عدد الوفيات 4493 حالة، وقال التقرير الدولي إن هذه الأرقام هي في نهاية المطاف تقديرات لأن الكثير من الحالات ربما لم يبلغ عنها.
وفي افريقيا التي تضم عددا من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي يتواصل ارتفاع عدد حالات الإصابة والوفاة في غرب أفريقيا، ويزداد الوضع صعوبة في مراكز العزلة، ويتعرض عمال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية للإصابة بالمرض والموت جراءه، ومنهم من فر من الخوف تاركا الناس دون رعاية حتى من الأمراض الشائعة، كما انهارت نظم صحية بأكملها وفقا للتقرير، وباتت العديد من المرافق الصحية مغلقة أو خاوية، كما لا يطلب المصابون بأمراض عادية العلاج خوفا من تعرضهم للإصابة، وعلم أن معدلات الوفيات من الأمراض والحالات الأخرى آخذة في الارتفاع في ظل توقف الأنظمة الصحية عن العمل، وهو ما قد يصبح من الآثار الكارثية التي يسجلها التاريخ لهذا الوباء بحسب التقرير الدولي.
اقتصاديا بدا واضحا تأثير تفشي المرض سلبا على اقتصادات الدول المتضررة، وهو يهدد أنماط توفير الغذاء والعمل، وهجر بعض المزارعين حقولهم لأنهم يخشون الإصابة عن طريق المياه في قنوات الري وهو اعتقاد خاطئ، وهناك تقارير عن حالات شراء سلع بكميات كبيرة في بعض المدن (الافريقية) جراء الذعر، وحذر البنك الدولي من أن إنتاج المطاط في ليبيريا وهو أحد روافد التصدير الرئيسية قد ينخفض انخفاضا كبيرا.

وقالت منظمة التعاون الاسلامي إن سيراليون وغينيا هما من البلدان المتضررة تضررا بالغا، والدولتان تتمتعان بعضوية المنظمة، ووفقا لـ"بعثة الأمم المتحدة للاستجابة الطارئة للإيبولا" ومن المتوقع بالنظر إلى ارتفاع حالات الإصابة بالمعدل الحالي (في 15 أكتوبر 2014) أن يزيد حجم الحالات إلى ما يقرب من 10 آلاف حالة في الأسبوع بحلول أول ديسمبر 2014.

وترى منظمة "أطباء بلا حدود" أن الأزمة الحالية هي "أزمة عابرة للحدود وذات تداعيات اجتماعية واقتصادية وأمنية"، وكانت تشكلت من أجل التصدي لوباء مرض فيروس ايبولا بعثة "الأمم المتحدة للاستجابة الطارئة للإيبولا" للمرة الأولى في تاريخ المنظمة الدولية، ومن أولوياتها الاستراتيجية وقف انتشار المرض، وعلاج المصابين، وضمان توفير الخدمات الأساسية، والحفاظ على الاستقرار ومنع انتشاره إلى البلدان غير المتضررة من المرض.

وقالت منظمة الصحة العالمية إنه في سبيل التغلب على الأزمة الحالية سيتم توفير الإمكانات لعزل ما لا يقل عن 70 في المئة من حالات الإصابة والدفن الآمن لما لا يقل عن 70 في المئة من وفيات مرض إيبولا بحلول الأول من ديسمبر 2014 والهدف النهائي هو توفير الإمكانات لعزل 100 في المئة من حالات الإصابة والدفن الآمن لـ100 في المئة من الوفيات بحلول الأول من يناير 2015، ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى انخفاض معدل سريان العدوى بما يقدر بـ85 بالمئة في المناطق المتضررة.

يشار إلى منظمة الصحة العالمية وضعت خارطة طريق تهدف إلى توجيه وتنسيق الاستجابة الدولية لمكافحة مرض فيروس إيبولا في غرب أفريقيا، ويتمثل الهدف في وقف انتقال فيروس إيبولا في البلدان المتضررة خلال فترة تمتد من 6 إلى 9 أشهر ومنع انتشاره على الصعيد الدولي.