المظاهرات

  • 160
الشيخ سعيد الروبي

المظاهرات لم تنقطع ولم تتوقف طيلة الشهور الماضيه فهي قائمه بصوره يوميه وفى العديد من المحافظات ويمكن ان تستمر لشهور عديده . ولكن هل حققت المظاهرات اهدفها ؟ هل ترتب عليها مصالح اكثر ام مفاسد اكثر ؟ هل اعداد المتظاهرين تتزايد ام تتناقص ام هى ثابته ؟ ماهى الاهداف من المظاهرات اصلاً؟
سأسجل انطباعاتى عن التظاهرات وخواطرى وافكارى وربما يوافقنى القارئ فى بعضها او كلها وربما لا .

اولآ: المظاهرات تستنزف مجهوداً شديداً من المتظاهرين ووقتاً طويلاً ما بين المشى والهتافات . والتجميع والتنسيق وغير ذالك مع ما فيها من اخطار مثل هجوم البلطجيه والاعتقالات والجروح وربما القتل . فهى تؤدى الى انهاك المتظاهرين والى انهاك قوات الشرطة والجيش الذين يتابعون هذه المظاهرات ويحاولون فضها فى اماكن كثيره . فهي فى الحقيقه انهاك لكل الاطراف . والمحصله من ورائها ضعيفه وأحيانا صفر . فلا المطالب تحققت ولا المتظاهرين رجعوا سالمين ولا الشرطه والجيش حققوا اهدافهم فى منع المتظاهرين . فكل فريق لاغالب ولامغلوب .

ثانياً : المتظاهرون الذين يشاركون في المظاهرات هم هم لا يتغيرون ولايزيدون الا زيادات طفيفة واحيانا يتناقصون . والاهالى لا يعبئون بالمظاهرات كثيراً فالحياه تسير بصوره معتاده وطبيعيه . والناس فى واد والمظاهرات فى واد اخر . لذلك نسمع فى بعض المظاهرات هذه العباره (يااهالينا انضموا لينا الحرية ليكو ولينا )
وهذا يدل على ان المتظاهرين يشعرون ان الاهالى بعيدين عنهم ولايتفاعلون معهم
الا تفاعلاً ضعيفا . ومن بعيد بل ان كثيراً من الاهالى هم ضد المتظاهرين اصلاً.
او ضد المظاهرات اذاً مكاسب المظاهرات التى تتعلق بالاهالى ضعيفه .

ثالثاً : المطالب التى يطلبها المتظاهرون من عودة الدكتور محمد مرسى وعودة الدستور وعودة مجلس الشورى .هى مطالب بعيدة التحقيق واقول للمتظاهرين هذه المطالب تطلبونها من مَن ؟ هل تتصورون ان السلطة ا لقائمه الان تقول لكم حاضر.
سمعا وطاعه سنستجيب لمطالبكم ونعيد الدكتور محمدمرسى لرئسة الجمهورية
ونعيد الدستور ومجلس الشعب . هل يتصور المتظاهرون هذا ؟ هل ينتظرون هذا؟
ان كانوايتوقعون هذا فهم واهمون حالمون غير واقعيين وان كانوا لا يتوقعون هذا . ويقولون ان المظاهرات هى للضغط على النظام لتحقيق اهداف اخرى . فقولوا للناس
ان المظاهرات هى لأهداف اخرى غير عودة الشرعية والدستور والشورى .

رابعاً : هل عادت حقوق القتلى ؟ هل اخذتم لهم بالثأر ؟ !
هل المظاهرات اقتربت من تحقيق اهدافها ؟
وهل اوشك النظام على السقوط ؟
الواقع يقول لا . وانما هى تصريحات للقائمين على المظاهرات يعطون بها الامل للمتظاهرين حتى يحفزونهم على الاستمرار ولا يملون .. جرعات من الامل يبثها البعض بين المتظاهرين حتى لا يتركوا المظاهرات . وانما الواقع والحقيقه ان المظاهرات لم تقترب من تحقيق اهدافها . ولا النظام اوشك على السقوط ولا الجيش اوشك على الانقسام ولا شئ . انما هو خداع النفس وخداع الاخرين .

خامساً : المظاهرات تدمر البلد اقتصادياً وعسكرياً واجتماعياً وسياسياً بل وحتى اخلاقياً . والبلد ينهار والاقتصاد ينهار والخدمات تنهار . الاسعار ترتفع والمعاناه
تتزايد والجميع خاسر ميزانية الدوله تتأثر بشده . فالمظاهرات تكلف ميزانية الدوله الكثير وكل النشاطات متوقفه والنظام لا يدفع من جيبه الشخصيى . وبالتالي سيدفع من ميزانية الدوله . ولايعنيه الامر .بل هناك دول تدفع للنظام . وتعوض النظام عن هذه الخسائر فالمتظاهرون الذين يراهنون على سقوط الدوله مخطئون . اخطؤا لانهم
سيتسببون فى انهيار الدوله . واخطئوا لأن هناك من يدفع لعدم سقوط الدوله .اذاً فمن الخاسر . الخاسر هو المواطن العادى بقية الشعب المصرى.

سادساً: نتيجة المظاهرات هى الخسائر المستمرة . اعتقالات . جراحات . اختناقات . عداوات ... حرائق.تهشيم . تكسير. تعطيل .. لاانجازات . فقط هتافات وشعارات
هذه هى الحقيقة وهذا هو الواقع . و المحصلة النهائية مزيد من الافراد المعتقلين و مزيد من الافراد المصابين و مزيد من المطاردين و المطلوبين . مزيد من العداوه و الكراهية بين المتظاهرين و الجيش و الشرطة وكلهم ابناء شعب واحد و وطن واحد بل ربما يكونون اقارب أو اصهار .

سابعاً : أحياناً اشعر ان اطرافا خفية هى التى تطيل المظاهرات وتعمل على استمراريتها للقضاء نهائيا على الاخوان او على اكبر قدر من الاخوان وايداعهم خلف الاسوار وهذه الاطراف تريد حبس الصف الثانى و الثالث و الرابع من الاخوان واستمرار المظاهرات يؤدى فعلاً إلى الامساك بالصفوف التالية صف بعد صف إلى ان يتم تصفية كل الاجيال .وبالتالى فهذه الاطراف الخفيه سوف تدفع فى اتجاه بقاء واستمرار المظاهرات بأسباب مختلفه وتلصق كل سبب بالاخوان. أو ربما تدفع غير الاخوان للتظاهر حتى لا تنتعش مصر ولا تستقر ابدا فلننتبه إلى هذا الاحتمال .

ثامناً : أكتب هذه السطور ليس عداوة للأخوان أو هجوما عليهم و انما للصالح العام . لمصلحة مصر ولمصلحتهم ولمصلحتنا ولمصلحة الجميع . أحب لبلادنا الاستقرار والامن و الامان و السلام الاجتماعى . واجب على ابناء التيار الاسلامى العوده الى مجالات الدعوه واصلاح النفوس و الافراد : والتقرب الى الله سبحانه وتعالى و الله يولى علينا من يصلح و إذا انصلحت احوالنا فالله يولى علينا خيار الناس فالملك بيده و الامر إليه سبحانه .

تاسعاً : لا اريد ان يتصور احد انى منحاز ضد طرف او منحاز فى صالح طرف . بل يدفعنى حب الخير للجميع . وتفكير عميق فى الاحداث و الانشغال بها اوصلنى الي هذه الروئية و هذه التصورات . فإن أخطأت فليعذرنى القارئ وليسامحنى فهذا اجتهادى ولا احجر على غيرى واتمنى ان اكون مخطئا وغيرى هو الصواب . فأنا احب ان اخطأ نفسى و اغلط نفسى ولا اخطأ الاخرين ولا اغلطهم ولكن اشعر من خلال متابعاتى وقرائاتى أننى ربما اكون على صواب .و الله اعلم

عاشراً : إذا توقفت المظاهرات اتوقع لمصر تحسن الاحوال وإذا استمرت اتوقع لمصر تدهور الاحوال واتوقع ان تعمل الأطراف الخفيه على عدم اتمام المصالحه بين النظام و الاخوان لتبقى الاوضاع على ماهى عليه لتبقى مصر ضعيفه وتحت السيطره لتحقيق حلم القوى العالميه فى شرق اوسط جديد وتقسيم مصر و اقامة اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات .

الحادى عشر : إذا كنت اطالب الاخوان بإيقاف المظاهرات فأطالب السلطه الحاكمة بعدم التعرض للمظاهرات وعدم التصدى لها إلى ان تهدأ . فأطالب بعدم اطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وعدم إطلاق الخرطوش وعدم اعتقال احد من المتظاهرين لا فى اثناء المظاهرات ولا بالليل من المنزل واطالب بإطلاق صراح المعتقلين وعدم استخدام العنف ضد ابناء الشعب المصرى و اطالب بحسن المعامله و الرفق و الرحمه والاحترام و فتح الابواب للحوار و المصالحه و التفاهم و التقارب كفى ما فات و اطالب بتوقف الحملات الاعلامية التى تحض على العداوه والكراهية واطالب القنوات الفضائية بإيقاف الهجوم على ابناء التيار الاسلامى من كل الفصائل و القوى و اللجوء للحوار و النقاش بالحجة والبرهان والدليل و البيان بإنصاف وتجرد .

ثانى عشر : أوصى الجميع بإخلاص النوايا و العمل لوجه الله فإذا خلصت النوايا نجحت المساعى وإذا سائت النوايا فشلت المساعى . والشياطين لن تهدأ ولن ترضى فاحذروشياطين الجن و احذروا شياطين الانس .

ثالث عشر : ملف القتلى من اهم الملفات الحساسه التى ينبغى ان تفتح عاجلاً بخطوات سريعه ومرضيه للأهالى والاسر وبدون فتح هذاالملف سوف تبقى الاحوال مشتعلة وملتهبة ولن تهدأ الاحوال إلا بحلول مشرفه مرضيه شافيه كافيه . وإذا هدأ اهالى القتلى سيهدأ الشارع المصرى إلى حد كبير وفى ظنى ان البدء بهذا الملف سيمثل بادرة حسن نوايا . وستنطفئ نيران القلوب وسيعود الاعتبار للقتلى وذويهم .وهذا الملف تتولاه جهات وشخصيات محايده تحب الاصلاح وتسعى إليه

رابع عشر : إذا توقفت المظاهرات الحالية هل نتوقع مظاهرات أخرى للجائعين والباحثين عن عمل ولأصحاب البطالة و المتضررين من غلاء الاسعار ؟! هذا ما يراه البعض ويريد أن يدفع باتجاهه ليحدث ولا اتوقع هذا ولا استبعده . فالدعوة للمظاهرات اصبحت سمة الوقت وظاهرة العصر فهذا زماننا وهذا نصيبنا . أحداث هائجة تموج كموج البحر هادرة لا تهدأ ولا تسكن ولا تسكت ولا تتوقف . إلى ان يأتى امر الله .

خامس عشر : هذا السطور و الكلمات تمثل وجهة نظرى الشخصية ورؤيتى وأتجاهى وانطباعى ولا تمثل الى شخصى وتفكيرى ولا تمثل احداً .
عبرت بها عما يجول بخاطرى وعما يجول بداخلى . أتحمل مسئوليتها فإن كان ما فيها هو خير لى ولأخوانى فالحمد لله . وإن كان ما فيها شر فأسأل الله ان يصرفه عنى و عن إخوانى .

سادس عشر : كما انتقد المظاهرات والتظاهرات فإنى انتقد العنف غير المبرر تجاه المظاهرات واستخدام القوه المفرطه تجاه المتظاهرين . وأنتقد أداء الحكومة و السلطة فى إدارة شئون البلاد والعجز و الفشل فى كل المجالات و التخبط و الاتجاه إلى التضييق وتكميم الافواه وكافة الممارسات السيئة .

سابع عشر : عندما انتقد المظاهرات فأنا اتفهم مشاعر المتظاهرين و احساسهم بالظلم و سياسة الكيل بمكيالين والاقصاء والعداء تجاههم . أتفهم كل هذا . وأعرف سبب غضب المتظاهرين واتفهم المطالب التى يطلبونها . ولكن يجب ان نغلب العقل على العاطفة .

ثامن عشر : عندما انتقد المظاهرات فلست بالضرورة انى انتقد المتظاهرين كأشخاص و اعيان واسماء بالذات وإنما الكلام عام . والشخصيات مكانتها محفوظة ولها تقدير واحترام ولكن لا بد من تناصح وتذكير للمصلحة العامة .

يا رب ارفع عنا الشحناء و البغضاء و الهموم والاحزان وأهدنا إلى سواء الصراط واحفظنا من كيد أعدائنا وأخرجنا من هذه المحنه فائزين غانمين رابحين سالمين


الابلاغ عن خطأ