• الرئيسية
  • مكاتب الهجرة تعصف بأحلام الشباب.. "القوى العاملة" تؤكد مخالفتها للقانون

مكاتب الهجرة تعصف بأحلام الشباب.. "القوى العاملة" تؤكد مخالفتها للقانون

  • 112

يكاد لا يخلو عدد ورقى من الصحف القومية والشهيرة من إعلان لأحد الشركات والتى تشير إلى أنها وسيط للحصول على الجنسية من إحدى الدول الأوربية وخاصة كندا، التى ترفق بالإعلان بعض من الشروط المطلوبة للحصول على الجنسية.

العديد من حاولوا الحصول على الجنسية أو الإقامة الدائمة أكدوا تعرضهم لعمليات نصب من شركات شهيرة، كما أن العملية تتخذ وقتاً طويلاً وشروطاً غير مبررة.

"الفتح" تحاول فى هذه التحقيق الوقوف على خلفية هذه الشركات وكيف تتعامل مع راغبى الهجرة ورأى وزارة القوى العاملة فيها وموقفها منها.

"نصب واحتيال"

فى البداية قال الدكتور أحمد الديب – طبيب مقيم حالياً فى كندا - كل اللى أقدر أقوله إن كلهم "شوية نصابين" مشيراً إلى أنه من المفترض أن من يريد الهجرة أنه يقرأ الإنجليزية على الأقل وبقليل من الجهد عبر موقع علي موقع الهجرة الرسمى مع شوية مساعدة الأمور تمشى بسلاسة وما يكونش فيه عقد وما تفعله شركات النصب.

وتابع: مسئول أحد الشركات بعد تقديم الطلب للهجرة أكد أن ميعاد المقابلة لم يتم تحديده وأقنعنا أنه لا بد من التقديم على "كيبيك" وفيها ستكون المقابلة باللغة الفرنسية مع العلم أنه يعلم أنى ليست لدى أى خلفية عنه ولكنه وعدنى أيام تقديم الملفات أنه سيقوم بتحفيظى الأسئلة قبل المقابلة وهو ما اكتشفته لاحقاً أنه "جر رجل".

وأضاف : بعدها راسلتهم بالبريد الإلكترونى لكى أعرف المطلوب منى تماماً لكنهم لم يردوا نهائياً ، وبعدها بعام تواصل معى وأخبرنى أنه غير مسئول عن اللغة ولازم أكون 100%فى الفرنساوي، وبعدها بعام آخر قال ممكن تقدم باللغة الإنجليزية لكن لابد أن تدفع تكاليف وقمت بإكمال الإجراءات بنفسي وتمت بنجاح.

من جانبه، قال محمد زيدان – أحد مقدمي طلبات الهجرة – أنه ذهب لأحد المكاتب إلا أنه تعامل به بشكل سئ موضحاً أنه دفع لصاحب هذا المكتب ما يقارب 2500 دولار للتعاقد معه بعدما اطلعوا على مؤهلاتي وأكدوا لي أنه يمكن التقديم من خلالها.

ويتابع: عندما تحدثت له فى المبلغ المطلوب دفعه لاتمام الحصول على الإقامة طلب 40 ألف جنيه فقمت بالتواصل مع مكتب ثان للحصول عليها.
وأضاف : مقدموا طلبات الهجرة يلجأون للتعاقد مع هذه الشركات على الرغم من أنهم يعلمون أنهم لا يستطيعون أن يحصلوا لهم على الموافقة إلا أن خبرتهم فى كيفية تدريب الشخص على إقناع مسئولى الهجرة بالدول المطلوبة هو السبب الرئيسي، فالبعض يتخوف من الإجابة على أسئلة المفوضين خطأ فينتهى به الأمر بالرفض وخسارة المبالغ التى دفعها لدخول هذه الاختبارات.

"بدون ترخيص"

من جانبه، أكد علاء الدين عوض وكيل وزارة القوى العاملة والهجرة أن هذه الشركات مخالفة للقانون وليست لديها أية تصاريح للعمل فى هذا المجال مشيراً إلى ان الوزارة لا تستطيع فى الوقت الحالى الرقابة عليها لعدم خضوعها للقانون.

وأوضح عوض فى تصريحات خاصة لـ "الفتح" أن الوزارة تعكف حالياً على إعداد مشروع جديد لقانون الهجرة سيتضمن الرقابة على مثل هذه الشركات لحماية المصريين.

وعن إمكانية أن تكون هذه الشركات فخاً للنصب على راغبي السفر، أوضح عوض أن الوزراة لم تتلقى أية شكاوى ضد هذه الشركات حتى الآن وبالمثل وزارة الداخلية الأمر الذى يعوق الوزارة عن الرقابة عليها أو إجراء تفتيش دورى خاصة انها لا تتبعها.

وأضاف عوض أن هذه الشركات يتم تأسيسها فقط لاستقبال وكلاء الهجرة من الدول التى تطلب مهاجرين إليها موضحاً أن الوزارة لا تعرف بدقة المبالغ التى تتحصل عليها هذه الشركات أوكيف تتعامل مع عملائها.

وأشار عوض إلى أن الوزارة وفقًا للقانون الحالى طالبت وسائل الإعلام بالرجوع إليها قبل إعلانات هذه الشركات إلا أن الوسائل الإعلامية لا تستجيب لها بسبب القيمة الإعلانية.

"أسباب الهجرة"

ومن جانبه قال الدكتور على طلبة إبراهيم، مدرس علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة جنوب الوادي، أنه رغم تعدد الأسباب التي تؤدى إلى هذه الظاهرة , إلا أن الدوافع الاقتصادية تأتى في مقدمة هذه الأسباب؛ فالتباين في المستوى الاقتصادي بين الدول المصدرة للمهاجرين التي غالبا ما تشهد افتقارا إلى عمليات التنمية وقلة فرص العمل وانخفاض الأجور ومستويات المعيشة , وما يقابله من ارتفاع مستوى المعيشة والحاجة للأيدي العاملة في الدول المستقبلة للمهاجرين , بجانب عوامل اجتماعية وثقافية ونفسية وتاريخية وقفت وراء هجرة العديد من الشباب المصري لدول أوروبا خاصة إيطاليا ؛ أملا في وضع اجتماعي أفضل .

وأشار إلى أن الهجرة ينبغي التعامل معها باعتبارها ظاهرة اجتماعية ناجمة عن خلل وجب إصلاحه وفق استراتيجية اجتماعية واقتصادية وتربوية متكاملة، موضحا أن انخفاض الدخل والبطالة يمثلان أهم العوامل التي تدفع الشباب للتفكير في الهجرة, وفى سبيل تخفيض معدلات البطالة يجب على الجهات المسئولة توفير فرص عمل جديدة في السوق المحلى , مع ضرورة مراجعة السياسات الاقتصادية غير المدروسة التي خلفت الكثير من المعاناة لغالبية سكان المجتمع ، لافتا إلى أن الجهات الأهلية والحكومية لم يكن لها الدور الفاعل في توعية الشباب بمخاطر تلك الظاهرة؛ لذا نوصى بضرورة قيام الجمعيات والمؤسسات المعنية بالشباب بدورها من خلال لقاءات مباشرة مع الشباب وتبصيرهم بأخطار تلك الظاهرة , مع ضرورة توافر البديل في موطنهم الأصلي .

وأكد "إبراهيم" أن وسائل الإعلام لم تقم بدور فاعل للحد من تلك الظاهرة؛ لذا نوصى بضرورة إنتاج وبث برامج إعلامية متنوعة تتعلق بتوعية الشباب بمخاطر هذه الهجرة، وتنظيم حملات إعلامية يشارك فيها كل أعضاء المجتمع للحد من أخطارها, وإطلاع الشباب الراغب في الهجرة باحتياجات سوق العمل بالخارج والقوانين المنظمة للهجرة بالتزامن مع التحرك والتعاون الجاد بين الدول الأوروبية ومصر؛ من أجل تنمية فاعلة ومستدامة لخلق المزيد من فرص العمل, ولرفع مستوى المعيشة وعقد اتفاقيات مع هذه الدول التي يقصدها الشباب, مع خلق مناخ من الثقة قوامها المصالح المشتركة .

أما الدكتور أميرة عمارة أستاذ الاقتصاد والتجارة الخارجية بجامعة حلوان فأوضحت أن احتمالات الحصول على أجور مرتفعة من خلال الهجرة تحفز الأفراد على الاستثمار في رأس المال البشري.

وأضافت فى تصريحات لـ "الفتح": الهجرة الأكثرة شهرة هى هجرة العلماء الموهوبين وذلك بسبب أنهم فى البلدان الأوربية سيكونون أكثر قــدرة على الإبداع والابتكار حيث يتوافر مناخ أفضل للبحث العلمي.

وأكدت أن هناك العديد من العوامل التي أدت دورا أساسيا في تشجيع الهجرة من مصر مثل محدودية فرص العمل، وانخفاض مستويات الأجور، وزيادة أعداد السكان مع ارتفاع معدلات البطالة إلى جانب تزايد أعــداد خريجي الجامعات. ومـن بين العوامل الأخــرى الدافعة للهجرة هناك البيروقراطية، وعــدم توافر موارد كافية للبحث العلمي وعدم ملاءمة مستويات الدخول للباحثين والأكاديميين.

وتابعت: لكي تتم الاستفادة من هذه الكفاءات المهاجرة في عملية التنمية لا بد من توافر المناخ المناسب من موارد ومؤسسات وغير ذلك مما يسمح بتطبيق المهارات المكتسبة، ومن ثم تحقيق مكاسب من هجرة العقول في مجال التنمية الاقتصادية فهجرة العقول قد تحرم البلد مهارات أساسية تحتاج إليها، إلا أنها في الوقت عينه قد تفتح مجالات للعمل أمـام الأفــراد الذين لم يهاجروا، ما يقلل الضغط على سوق العمل، هذا بافتراض أن المهاجرين كانوا يشغلون وظائف قبل هجرتهم.

وأوضحت "عمارة" أن مصر تعد من أكثر البلدان العربية تضررا من هجرة عقولها إلى الخارج. وأنها لم تنجح حتى الآن في كبح جماح التيار المتزايد لهجرة تلك العقول أو حتى الإفادة منها.

"الأمن القومى"

من جانبه، أكد اللواء محمود زاهر الخبير الأمنى والاستراتيجى إنه لا يوجد ما يسمى بمكاتب تسهيل الهجرة أو وسطاء للحصول على للجنسية لافتاً إلى أن الحصول على الجنسيات مقنن من حكمومات الدول المستقبلة للمهاجرين.

وقال زاهر فى تصريحات لـ "الفتح"، إن هذه المكاتب يكون أغلب أصحابها على علاقات بمحامين فى الدولة المقصودة يقومون فقط بتقديم الأوراق والملفات ليس أكثر كنوع من العمل.

وعن التخوف من ان تكون هذه المكاتب على علاقة بأجهزة مخابرات وتؤثر على الأمن القومى، نفى الخبير الاستراتيجى والأمنى ان يكونلها علاقة على الأمن القومى سواء فى الدول المصدرة للمهاجرين أو المستقبلة لهم، موضحاً ان أجهزة المخابرات هى أجهزة معلوماتية فى الأساس ويتم البحث والتنقيب عن الأشخاص القادمين إلى الدول لمعرفة ما إذا كان عليهم علامات استفهام قد تؤثر على الأمن القومى من غيره.

وتابع: الدول المستقبلة تحدد الموافقة على طلبات الهجرة وفقاً لعدة اعتبارات أغلبها احتياجها للتخصص الذى حصل عليه طالب الهجرة والسن وأحيانا الحالة الصحية حتى لا يكون عبئًا عليها.

وفى حالة رجال الأعمال، أكد زاهر أن الحكومات تشترط الاستثمار بمبالغ معينة لكل القادمين دون تفرقة شرط أن يسبق ذلك تقديم خطة الاستثمار فى الدولة.