عاجل

مصر تستخدم قوتها العسكرية للحفاظ على حقوقها في باب المندب الحوثيون يحكمون اليمن.. وإيران تنشر وحداتها البحرية في خليج عدن

  • 92
الحوثيين- أرشيفية

هل تستخدم مصر قوتها العسكرية للحفاظ على حقوقها في باب المندب؟
الحوثيون يحكمون اليمن.. وإيران تنشر وحداتها البحرية في خليج عدن والبحر الأحمر
طهران تخطط لهلال بحري يحاصر السعودية ويخنق مصر ويمد نفوذها إلى شواطىء لبنان
القاهرة تترقب التحركات الإيرانية والإسرائيلية وتحدث ترسانتها البحرية


كما كان متوقعا استولى الحوثيون على مقاليد الحكم في صنعاء بعد اقتحامهم القصر الرئاسي واستقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح، ما يؤكد أن اليمن ذاهب في طريق الصوملة ليتم نشر "الفوضى الخلاقة" عند مضيق باب المندب وخليج عدن.

ورغم العداء "المعلن" بين أمريكا وإسرائيل ومعهما الاتحاد الأوروبي من جانب وإيران من جانب آخر، إلا أننا إزاء واقع ينذر بمواجهة عسكرية حتمية بين البحرية المصرية ونظيرتها الإيرانية التي تسعى في ظل "صمت" مريب من الحلف الصهيو أمريكي إلى السيطرة على هذه البقعة الحيوية بالنسبة للاقتصاد العالمي والغربي على وجه الخصوص.

وهذا يلفت نظرنا إلى سيطرة طهران على الخليج العربي وتعجرف السياسة الإيرانية في العراق والبحرين وقضية الجزر الإماراتية، وأخيرا في اليمن التي تحرك فيها جماعة الحوثي لتحقيق عدة أهداف منها محاصرة المملكة العربية السعودية بهلال شيعي "مصغر" يمتد من العراق في الشمال مرورا بالخليج في الشرق واليمن في الجنوب وغربا عن طريق بحريتها المنتشرة في البحر الأحمر عبر قواعد تمتلكها في ميناء "عصب" الأريتري و"بورسودان" السوداني؛ سعيا إلى مد نفوذها إلى البحر المتوسط عبر بؤرتها الشيعية الممثلة في "حزب الله" اللبناني.

والسيطرة على البحر الأحمر كنتيجة طبيعية لهذه التحركات يضع الاقتصاد العالمي تحت رحمة القوة الإيرانية فالتحكم في باب المندب يجعل اقتصادات أوروبا وأمريكا وروسيا والصين وقبل كل ذلك دول الخليج في القبضة الإيرانية وسيقلل من أهمية قناة السويس ما يعني العمل على خنق مصر اقتصاديا ومن ثم إسقاطها.

ولعل مطلب "إسقاط مصر" يفسر سر الصمت الصهيو أمريكي على التمدد الإيراني "المدروس" في البحر الأحمر ومداخله رغم تهديده الملاحة الصهيونية في ميناء إيلات، وهو نفس الهدف الذي حدا بأمريكا إلى الصمت على الاستفزازات الإيرانية لها قبل عام مضى عندما أعلنت إيران نشر بحريتها في المحيط الأطلنطي وقبالة السواحل الأمريكية "تحديدا"، كما أن دخول إيران واقعيا النادي النووي تحت إشراف أمريكي أوروبي وفر لها مظلة حماية ضد أي عقوبات اقتصادية مؤثرة؛ كان آخرها تهديد أوباما باستخدام حق النقض "الفيتو" ضد أي عقوبات يصدرها الكونجرس.

ولكن المعادلات السياسة لا تستسلم لإرادة طرف دون آخر؛ فإذا كان الهدف الرئيس لإيران ورجالها وأمريكا وحلفاءها هو إسقاط مصر ومن ثم السعودية كأكبر قوتين عربيتين مؤثرتين في المنطقة؛ فإن ثمة إرادات أخرى لديها أدوات فاعلة يمكنها أن تتصدى لهذه المرامي الخبيثة الساعية إلى تقسيم المنطقة - تفتيتها على وجه الدقة – منها روسيا والصين وبعض دول أوروبا التي لديها مخاوف من الفوضى التي تنشرها أمريكا جنوب المتوسط.

كما أن هناك إرادة مصرية ومقدرات وقدرات تعجز أمريكا أو إيران أو أي قوى معادية عن النفاذ منها أو الفت في عضدها كما سيأتي تفصيلا.

روسيا والصين
تحاول روسيا الحفاظ على ما تبقى لها من مصالح ونفوذ في المنطقة العربية والمياه الدافئة في البحر المتوسط، وهي لا تنسى أنها تم طردها من ليبيا رغم عراقة علاقاتها الاقتصادية والاستراتيجية معها وقيام أمريكا وبريطانيا وفرنسا بالاستيلاء على حصتها النفطية في الحقول الليبية بعد الإطاحة بنظام القذافي؛ من أجل هذا تستميت موسكو في الحفاظ على النظام السوري الذي يمثل لها آخر نقاط التواجد في المنطقة عن طريق قاعدتها البحرية في ميناء طرطوس السوري، وهي تعتبر التقارب مع مصر "قائد المنطقة" بمثابة أكبر تعويض لخسائرها وضربة موجعة للسياسة الأمريكية التي فقدت نفوذها في مصر رسميا بعد 30 يونيو 2013.

ولدى موسكو طموحات كبيرة في استعادة مكانتها الاقتصادية والاستراتيجية في إفريقيا وبالتالي فهي ترى أن مصر بما لها من ثقل هي الباب الملكي للعبور إلى القارة البكر، ومن ثم عودة المجد الذي فقد بانهيار الاتحاد السوفيتي نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وهي –روسيا– إن كانت تساند البرنامج النووي الإيراني وتشارك طهران دعمها لبشار الأسد إلا أنها لن تسلم لها بتنفيذ السياسة الأمريكية واقتسام النفوذ على المنطقة معها.

الصين أيضا ترى أن مصر هي بوابتها الرسمية إلى إفريقيا وتسعى إلى عودة نفوذها داخل القارة بعد طردها أيضا على يد أمريكا وفرنسا من منطقة غرب إفريقيا وانتزاع امتيازاتها البترولية؛ ومن ثم إفقادها مصدرا مهما للطاقة يدعم مسيرتها الاقتصادية الواعدة.

من أجل ذلك يأتي حرص روسيا والصين على التقارب مع مصر عبر تبادل الزيارات بين كبار مسئولي هذه البلدان مع رأس الدولة المصرية، وبالطبع لن تقف هذه الدول ومعها أوروبا مكتوفة الأيدي إزاء سيطرة إيران أو أية قوة أخرى على مضيق باب المندب، الذي لم يغلق إلا مرة واحدة خلال حرب أكتوبر في العام 1973؛ لمحاصرة المجهود الحربي الصهيوني في هذه الحرب، وهو إجراء وافق بنود القانون الدولي.

ترقب مصري
من جانبها تملك مصر أدواتها التي تمكنها من الحفاظ على حقوقها وأمنها القومي، فهي أكبر قوة بحرية في الشرق الأوسط، وأي محاولة لاختبارها ستكون خاسرة بكل تأكيد، ولكن القاهرة تتحفظ على فكرة استخدام القوة حاليا خشية استدراجها لاستنزاف قواها الصاعدة كما حدث في عدوان 1967؛ لذلك تتحسب خطواتها جيدا قبل اتخاذ أية إجراءات، وكشفت مصادر مصرية أنه تم بالفعل رصد تواجد قطعتين بحريتين تابعتين لإيران في منطقة عدن، بالقرب من باب المندب، لكنها استبعدت أن تشكل هاتان الوحدتان نواة لقاعدة عسكرية إيرانية باليمن في الوقت الراهن.

وعمدت مصر مؤخرا إلى تعظيم قدراتها البحرية للحفاظ على مكانتها كأكبر قوة بحرية في منطقة الشرق الأوسط، بإدخال عدد من القطع العسكرية البحرية إلى الخدمة في أسطولها، من بينها غواصتان من طراز دولفين الألماني، وهي في طريقها لاستلام غواصتين من نفس الطراز.

وتعاقدت القاهرة مع فرنسا على بناء 5 فرقاطات، سوف يتم بناء إحداهما في فرنسا ذاتها، فيما يتم بناء الـ4 الباقية في الترسانة البحرية المصرية بالإسكندرية.
المصادر المصرية أوضحت أن ما يجري عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر جس نبض من إيران، لقياس رد الفعل المصري والسعودي، واختبار مدى صلابة موقف بعض القوى الدولية، التي في أحد أوجه حساباتها قد تكون "قابلة" بالمضايقات الإيرانية؛ لخلق بؤرة توتر جديدة في خاصرة مصر، يمكن أن تشغلها عن مد بصرها إلى كل من العراق وسوريا والخليج العربي.
كما أن التحديث الأخير الذي أجرته مصر على سلاحها البحري إلى جانب مواجهة البحرية الإيرانية، جاء أيضا لمواجهة تحركات مريبة للبحرية الصهيونية مسلحة بـ4 غواصات ألمانية مزودة بأسلحة نووية.

وأكد اللواء علي حفظي، الخبير الأمني والاستراتيجي، أن المخابرات العامة والمخابرات الحربية والجيش المصري يدرسون التحركات الإقليمية للقوى الفاعلة في المجال الحيوي والأمن القومي، موضحا أن سياسة مصر الاستراتيجية مبنية على ثلاث ركائز ومحدّدات متمثلة في "التوازن والتقارب والتواجد"، وتعمل حاليا على تحقيق هذه الركائز في سياساتها الخارجية، والتي يحددها الأمن القومي المصري.
ويبقى السؤال: هل تتدخل مصر عسكريا ضد المحاولات الإيرانية للسيطرة على باب المندب؟

الإجابة: نعم إذا شعرت بتهديد حقيقي لأمنها القومي مستندة إلى محددين هامين؛ أولهما: قوة موقفها القانوني، خاصة وأنها تعرضت لعدوان غير شرعي من قبل ثلاث دول في العام 1956 بزعم الخوف من عدم قدرتها على إدارة قناة السويس بعد تأميمها.

الثاني: هو امتلاكها القدرة العسكرية والبحرية الكافية لردع "أي قوة" عن المساس بالحقوق المصرية.