حكم الدكتور مرسي والإخوان المسلمين

  • 230

كان وصول الإخوان المسلمين إلى حكم مصر، حلما تحقق بعد سنين طويلة، وهذا الحدث، قد أثر على كل قوي الشعب المصري تأثيرا قويا شديدا، رج المجتمع وهزه هزا عنيفا.

فالقوي الإسلامية، فرحت فرحا شديدا، واعتبرت أن هذا الحكم، هو بداية التمكين، هو بداية عودة الخلافة الإسلامية الأخيرة. وراحت تتصرف تصرف المتمكن المتحكم، واستبعدت تماما فقدان الحكم، وراحت تستدعي أحكام الخلافة، والخليفة، وظنت أن الأمور ستستقر لها تماما، وتستتب لها نهائيا بالتدريج شيئا، فشيئا.

ومن ناحية أخرى فبقية القوي في المجتمع؛ القوي الليبرالية، والعلمانية، والقومية، والناصرية، والاشتراكية، والنصرانية، وغيرهم من مؤسسات الدولة، حزنت حزنا شديدا، وعملت على إسقاط هذا الحكم بكل ممكن، ومستطاع، وتعاونت، ونسقت، ورتبت فيما بينها، ووزعوا الأدوار، والمهام، ومارسوا الضغوط، ووجهوا الإعلام، وبقية أجهزة الدولة؛ لإزاحة الإخوان، والإسلاميين عموما عن المشهد، قبل أن ينجح الإسلاميون، ويتمكنوا، ويحرزوا إنجازات، وتقدما يجمع الناس حولهم.

واستمر حكم الإخوان لمدة عام واحد فقط، حاولوا أن ينجزوا، وأن يحققوا شيئا ولكن العراقيل كانت كثيرة، والحرب ضدهم كانت شديدة، والمؤامرة كانت قوية، والنتيجة كانت الإزاحة، والإبعاد بعد إخراج مكشوف، ومفضوح وكان ما كان.
وهذه السنة من الحكم تحتاج الآن إلى تفكير عميق، ودراسة عميقة، نحتاج إلى استحضار شريط الذكريات، والأحداث واستعراضه؛ لنستخلص الدروس والعبر والعظات ....

 بل حتى الأحداث التي سبقت هذه السنة؛ من أيام الدستور، مرورا بانتخابات مجلس الشعب، ثم انتخابات مجلس الشورى، ثم اللجنة الأولى لكتابة الدستور، ثم اللجنة الثانية لكتابة الدستور، والاستفتاء على دستور 2012، كلها أحداث تاريخية عميقة وضخمة.

ونحتاج أيضا إلى استحضار أسماء الشخصيات التي شاركت في الأحداث للوقوف مع مواقفها وتحليلها ...كل الشخصيات والأسماء.

هذه الوقفات مفيدة وهامة وضرورية، ونتائج تحليل الأحداث، والمواقف والشخصيات يجب أن تدون، وتكتب وتسجل في كتب أو رسائل، أو على المواقع الإلكترونية، أو على صفحات الجرائد، والمجلات أو في الندوات، والمحاضرات، والدروس، واللقاءات.

لماذا أعطى الله الحكم للإسلاميين؟ ولماذا سلبه منهم؟

هل كانت هناك أخطاء تستحق أن يسلبوا الحكم؟ أم أن سلب الحكم منهم له حكم أخرى ؟! بعيدة عن الأخطاء.

هل كل القوى الإسلامية أخطأت أم لا؟ وما هي الأخطاء لكل جماعة، إن وجدت؟

هل كان في الإمكان تجنب السقوط، أم كان حتميا لازما؟

هل ما نحن فيه الآن خير، أم شر؟ هل استفدنا، أم لا؟ هل خسرنا، أم لا؟!

كيف نتصرف مستقبلا، وماذا نفعل؟ هل نحن نادمون على شيء، أم لا؟

هل تحتاج مواقفنا إلى مراجعه، بالنسبة لنظرتنا، وعلاقتنا ببقية القوى في المجتمع، أم أن مواقفنا سليمة؟

هل علاقات القوى الإسلامية ببعض تحتاج إلى تغيير، أم لا؟ وما هي صورة هذا التغيير؟

لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا، ماذا كنا نفعل؟

هل دخولنا المجالس الشعبية، والنيابية كان صوابا، أم خطأ؟

هل ترشح أحد الإسلاميين كان صوابا، أم خطأ؟ وماذا كان البديل؟

هل عرفنا الحقائق كما هي؟ أم ما زال عندنا غموض، ونقص في المعلومات؟

هل عرفنا حجمنا وقوتنا، ومواطن الضعف، ومواطن القوة؟

وهل عرفنا حجم غيرنا، ومواطن ضعفه، ومواطن قوته؟

ماذا ينقصنا، وما الذي نحتاج إليه؟ لماذا جري كل ما جري؟ ما هو السبب؟

هل وجود الإخوان في السجون، والمعتقلات اصطفاء لهم، أم عقاب أم ابتلاء لهم، ولغيرهم؟

هل وجود السلفيين خارج السجون والمعتقلات اصطفاء، أم عقاب، أم ابتلاء لهم، ولغيرهم؟

هل ما حدث من هجوم بعض السلفيين على بعض، وهجومهم على الإخوان، وهجوم الإخوان عليهم أمر طبيعي، عادي صحي، أم هذا أمر مرضي خطير؟؟

هل تعامل الإسلاميين مع غيرهم متراخيا جدا، أم كان مناسبا؟

هل الانشقاقات داخل الصف الإسلامي فيه منافع، أم فيه مفاسد؟

هل كان يمكن تلافي الانشقاقات أم لا؟ وكيف؟

كيف تري مستقبل العمل الإسلامي؟ ماذا تتوقع؟

نحن الآن أمام واقع جديد .... لن يتغير بالمظاهرات، والاعتصامات، وإنما بجولة جديدة مثل الجولات السابقة، ولكن باتحاد كل القوي الإسلامية، وتوحدها وتعاونها .... هذه هي الحقيقة، وهذا هو الواقع الذي لابد أن نعترف به، ثم نحاول تغييره، ولا داعي للبكاء على ما فات.
 

يا رب فهمنا، وعلمنا، وبصرنا، واهدنا، وسددنا، وأرشدنا، وصوبنا، ونجحنا، وغنمنا، وسلمنا، ونجنا، وعافنا، واحفظنا، واحمنا، وفرج عنا، وأغثنا، وأنقذنا، وكن معنا، ولا تسلمنا، ولا تخذلنا، ولا تحرمنا.