مجلس النواب القادم

  • 198

لا شك أن مجلس النواب القادم سيكون من أهم المجالس في تاريخ الحياة النيابية المصرية، لما يُعقد عليه من آمال، وما ينتظره من مهام، ولأنه يأتي بعد أحداث جسام تم فيها حل أول برلمان بعد ثورة 25 يناير 2011 بغرفتيه الشعب والشورى، وعزل أول رئيس مدني مُنتخب، وتعديلات أُجريت علي دستور 2012.

وإذا كان البرلمان هو ثلث السلطة، ويعين ويُراقب ثُلثاً آخر "الحكومة"، فلا يمكن أن يؤدي دوره المنوط به على الوجه الأكمل إلا إذا توافرت عدة عوامل أهمها :
- انتخابات حرة ونزيهة.
- الاستقرار.
- التوازن.
- الكفاءة.
- التعاون.

فأما الانتخابات الحرة والنزيهة فلا يُكتفى لتحقيقها مجرد الإشراف القضائي، بل لابد أن يكون قانون الانتخابات عادل، وكذلك تقسيم الدوائر الانتخابية، والنظام الانتخابي نفسه الذي يجمع بين نظام القوائم والنظام الفردي بما لا يسمح بسيطرة رجال المال والعصبيات والقبلية وأعمال البلطجة، وأن يتم فرز النتائج باللجان الفرعية.

وأما استقرار البرلمان فلا ينبغي أن يكون مهدداً بين سندان الرئيس ومطرقة المحكمة الدستورية العليا، فلا يُسيء الرئيس استعمال المادة 137 من الدستور [لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة، وبقرار مسبب، وبعد استفتاء الشعب، ولا يجوز حل المجلس لذات السبب الذي حل من أجله المجلس السابق]، والتي كان ينبغي ضبطها بوجوب استقالة الرئيس عند رفض الشعب حل المجلس في الاستفتاء، وكذلك وضع المادة الخاصة بتحصين المجلس من الحل بتعديلات قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979، والتي كانت تحمل رقم 189 مكرر 2 بالمسودة ونصها: [في حالة قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون المنظم للانتخابات النيابية أو المحلية لأي سببٍ كان، يُعدَّل القانون وفقاً لمقتضى حكمها، ولا يترتب علية أثر بالنسبة للمجلس القائم وقت صدور الحكم]، فهذه المادة تحترم الإرادة الشعبية، وتُسهِم في الاستقرار السياسي والتشريعي، وتُحافظ على المال العام، وتَدعم الفصل بين السلطات، وتُخفف حدة الاتهام بتسييس العدالة، خاصة وأن القضاء الإداري مختص بالعملية الانتخابية منذ بدايتها، ومحكمة النقض تحقق صحة العضوية، مع ما يكلفه البرلمان للوطن من مال ووقت وجهد.

وأما توازن البرلمان فالمقصود به التوازن الداخلي بين مُكوناته من القوي السياسية، والتوازن الخارجي بينه وبين السلطتين التنفيذية والتشريعية، فلا تستبد أغلبية بأقلية، ولا تعرقل الأقلية الصالح العام للوطن، كما لا يُسيء البرلمان استخدام سلطاته في تكليف الوزارة مادة 146 أو إعفاءها أو إعفاء أحد الوزراء مادة 147 أو في سحب الثقة من الوزارة أو أحد الوزراء مادة 131 أو في اتهام الرئيس مادة 159 أو سحب الثقة منه مادة 161، كما لا يُسيء استخدام سلطاته في تغيير قوانين السلطة القضائية.

وأما كفاءة البرلمان فتتحقق بحُسن اختيار أعضائه بمعيار "القوي الأمين"، وحُسن استخدام الرئيس لسلطة التعيين الواسعة بعد إلغاء مجلس الشوري، والمقررة بالفقرة الأخيرة من المادة 102 [كما يجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء في مجلس النواب لا يزيد على 5%، ويحدد القانون كيفية ترشيحهم] فلا يكون غرضه ترجيح أغلبية تساعده في تكليف الحكومة التي يراها، أو تمرير ما يريده من قرارات.

وأما التعاون فالمقصود به تعاون الأغلبية والمعارضة، وتعاون السلطات الثلاث "التشريعية والتنفيذية والقضائية" لمصلحة الوطن في هذه المرحلة الدقيقة.

حفظ الله مصر وشعبها .