حول قرار الحكومة بوصف الجماعة بالإرهاب

  • 204

هناك فرق بين تكوين رؤية شخصية عن جماعة من خلال قناعاتك الشخصية المستمدة من تحليل الوقائع المختلفة وقراءة التاريخ الذي يرشدنا بكل وضوح إلى وجود ما يسمى بالنظام الخاص وهو تنظيم لا يتورع عن ممارسة القتل والتصفية لمخالفيه ولو كانوا من داخل الجماعة كما حدث في تصفية (سيد فايز) فضلا عن المناوئين للتنظيم من خارجها كالحكومة والجيش، وأنا هنا أتحدث عن وقائع دوّنها أصحابها وكتبوها بأنفسهم (يمكن مراجعة كتب النظام الخاص كنقط فوق الحروف والتنظيم السري لجماعة الإخوان وغيرها)، والمهم أن جماعة الإخوان لم تبد أي مراجعات في هذا الجانب، بل وجدنا سيطرة لأبناء النظام الخاص وتنظيم 65 على مقاليد الأمور في السنوات الأخيرة، وهو ما جعل فصول المعركة التي نعيشها مطابقة تماما لفصول أحداث الخمسينات والستينات، مما يوحي أننا أمام جماعة تكرارية لا تتعلم من أخطائها.

فرق بين الرؤية التي ذكرتها والقرار الرسمي بتوصيف جماعة الإخوان أنها جماعة إرهابية وهو ما يستدعي بعض الملاحظات:

1- من الناحية القانونية الدستورية: فإن توصيف جماعة ما بأنها إرهابية ليس عمل السلطة التنفيذية، والقضاء هو المخول بإسقاط نصوص القانون على الواقع وإلا كان من حق أي فصيل أن يتهم فصيلا آخر بالإرهاب وأنه من نفذ العمليات الإجرامية.

2- من الناحية السياسية فتبدو هناك أسئلة صعبة الإجابة من قبيل: كيف سيتم توصيف الشخص أنه من جماعة الإخوان؟ وهل سيكون الاعتماد على التقارير الأمنية فقط؟ وهو ما سيفتح الباب واسعا أمام الوشايات واستهداف أبرياء.

وإذا تحدثنا عن ما يقارب أربعمائة ألف إخواني تقريبا فهل سيتم إيداعهم جميعا السجون؟ وهل عند الدولة طاقة لذلك؟ وما هو أثر ذلك على صورة الدولة داخليا وخارجيا؟ وما هو أثر ذلك على الدائرة المحيطة بالمتهم من الأهل والأقارب والجيران وهم يرون شبابا زج بهم في السجون دون أدنى جريرة؟!!

ثم ما هو رد الفعل لدى كل هؤلاء الشباب بعد شعورهم باليأس والإحباط؟ وإذا تحدثنا عن ما يقارب 5000 تكفيري يحدثون هذا الإزعاج، فكيف إذا تحول هذا الكم الهائل إلى هذا الفكر الذي قد ظهرت بوادره بقوة في صفوفهم؟

ليس عندي شك أن هذه القيادات شريكة في هذه النتيجة وأن الموقف متأزم والخيارات صعبة، ولكن بوسع الحكومة أن تتعامل مع مستخدمي العنف ومروجيه دون أن تغلق الأبواب التي يمكن أن ترجع منها إذا ما أرادت إلى ذلك سبيلا.