أمة الإسلام تمرض ولكنها لا تموت

  • 260

تعرض الإسلام والأمة الإسلامية عبر تاريخها إلى نكبات ومحن عظيمة لو تعرض لها دين آخر أو أمة أخرى لانمحت من الوجود ولكن لأنه دين الله والله حافظه قال تعالى[إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ] {الحجر:9}


أعظم هذه النكبات وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت مصيبة عظيمة لو توقف الإسلام على أحد أو منصب لكان منصب النبوة، لقد استمر الإسلام برغم وفاته صلى الله عليه وسلم وحصلت الردة في معظم شبه الجزيرة العربية ولم تكن تصلى الجمعة إلا في ثلاثة مساجد ومنع القوم الزكاة وادعى قوم النبوة مثل مسيلمة الكذاب والأسودالعنسي وسجاح.

 واستطاع أبو بكر الصديق رضي الله عنه بثباته على الحق أن يصمد أمام هذه المحن العظيمة وأن يحفظ الله به الدين وأن يثبت الصحابة وفي خلال سنتين عاد الناس إلى دفع الزكاة وإلىالإسلام مرة أخرى وبدأت الفتوحات الإسلامية في العراق ثم تُوفي أبو بكر واستمر الإسلامفي عهد عمر رضي الله عنه، وانتشرت الفتوحات الإسلامية عشر سنوات ثم قتل عمر شهيدا واستمر الإسلام ثم عثمان اثنتى عشرة سنة ثم قتل مظلومًا شهيدًا واستمر الإسلام، ثم الفتن العظيمة التي حدثت بين الصحابة في عهد على رضي الله عنه ومعركة الجمل وصفين والخوارج والشيعة السبئية ثم قتل على رضى الله عنه واستمر الإسلام.

قامت الدولة الأموية ثم قامت على إثرها الدولة العباسية ووصل الإسلام إلى حدود الصين شرقا والمحيط الأطلسى غربًا وفتحت بلاد الأندلس ثم كانت فتنة عظيمة وهو ادعاء أن القرآن مخلوق فى عهد الخليفة المأمون وعهد الإمام أحمد رحمه الله وثبت الإمام أحمد في هذه المحنة وحفظ الله به الدين برغم ما تعرض له من الجلد والسجن،.

ثم كانت فتنة الدولة الباطنية الفاطمية الشيعية في شمال أفريقيا وسيطرت على بلاد الحجاز والشام لمدة ثلاثة قرون انتشر فيها علم الكلام وسب الصحابة والصوفية الفلسفية والبدع والتعصب المذهبي، حتى قيض الله للأمة قائدًا ربانيًا  هو صلاح الدين الأيوبي، فقضى على هذه الدولة الخبيثة وتعرضت الدولة الإسلامية لحملات صليبية شرسة وسقط بيت المقدس في أيدي الصليبيين في أيام قُتل فيها أربعون ألفا بالسيوف لا أقول بالصواريخ ولا القنابل ولا تصلي الجمعة والجماعة في المسجد الأقصى ولا يرفع فيه الأذان طيلة 92 عامًا وحُول المسجد الأقصى إلى حانات للخمور وإسطبل للخيل.

ثم انتصر الإسلام في معركة حطين على يد صلاح الدين الأيوبي وحرر المسجد الأقصى ثم تعرضت الأمةالإسلامية لخطر أعظم وهو تسلط التتار ( المغول ) على البلدان الإسلامية من مدينة بخارى حتى خراسان ثم سقطت حاضرة الخلافة العباسية الإسلامية بغداد وقُتِل ألف ومائتان من الوجهاء والقضاة والعلماء وقُتِل من المسلمين ألف ألف ( مليون ) وثمانمائة ألف،  ثم مذبحة لم يعرف التاريخ مثلها ثم استولوا على مكتبة بغداد وجعلوا تراث وكتب المسلمين جسرًا يعبرون عليه بخيولهم على نهر دجلة والفرات إلى بلاد الشام لاستكمال هجمتهم الشرسة وسقطت معظم بلاد الشام حتى قيض الله للإسلام سيف الله قطز الذي انتصر على التتار في معركة عين جالوت وغلب الإسلام التتار ودخلوا في الإسلام.

 وسقطت الخلافة الإسلامية في الأندلس في المغرب بعد ثمانية قرون وقامت الخلافة العثمانية في المشرق وفتحت القسطنطينية واستمرت لمدة أربعة قرون ثم ضعفت بسبب انتشار الفكر الصوفي والخرافات وسقطت الخلافة الإسلامية على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1924 وتفككت الأمة العربية والإسلامية إلى دويلات وانتشرت العلمانية والشهوات حتى قامت الصحوة الإسلامية في البلاد الإسلامية مرة أخرى.

 

نذكر ذلك المرور السريع على التاريخ حتى لا ُنصاب بإحباط أو يأس أو قنوط أو شك في أن المستقبل للإسلام فالمشروع الإسلامي لا يتوقف على شخص أو منصب أو كرسى وإن حدث ارتفاع للباطل في لحطة فدولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.

[إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ] {آلعمران:140}فلابد أن يكون عندنا يقين وثقة بنصر الله وأن نبذل كل ما عندنا من وقت ومال وجهد من أجل أن ننال شرف إبلاغ الدين إلى الناس قال تعالى[فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ] {الأنعام:89}[ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ] {محمد:38}.