متى؟!

  • 221

لكل زمان سمات وأوصاف، ونحن أصبحنا نعيش في زمان التواصل الاجتماعي، وتدفق المعلومات بطريقة هائلة، وفي عصر المواطن العالمي.
وازداد الأمر تفخيماً، عندما انتشرت العلوم التي تهتم بطريقة وكيفية التواصل مع الناس، وإدارة الأعمال، وطبيعة نفسية الإنسان، وعلوم الاجتماع، وغيرها، التي ازداد اهتمام الناس بها، وتزاحموا عليها معرفة، وتعلماً، وأخذوها بكل حذافيرها حلوها، ومرها، وهي علوم نشأت في بيئة غير بيئتنا، وثقافة غير ثقافتنا، وإن كنا لا نرفضها جملة، ولكن نقبل منها ما يوافق شرعنا، ويتماشى مع هويتنا، فالذي نرفضه أن نأخذها كأنها مسلمات بلا أدنى تفكير، فهل من المعقول أن نأخذ كل ما يأتينا بدون تدقيق، ونظر، وإمعان، وتفريق بين الغث والثمين؟ فالمجتمعات تختلف، والعادات تتابين، حتى في البلد الواحد، وهذا أمر ملاحظ وبديهي.

فطريقة أن نأخذ كل ما عند الغرب، حتى ما في أمعاءهم، هي طريقة المهزوم والمنكسر أمام ثقافة غير ثقافتنا، فنحن أمة لها طريقة في العيش والحياة، وعندنا هدي هو خير الهدي، وأساليب علمنا إياها صلى الله عليه وسلم، هي الأكمل والأفضل، ولنا رسالة قد حابانا بها المولى سبحانه وتعالى، وهي الأصل الحاكم على كل شيء في هذا الكون، فيها ننظر ونقيم، وعلى أساسها نقبل أو نرفض.

ويتساءل المرء متى تسود هويتنا، وتعود ثقافتنا، إن كنا نفكر ونعيش بهذه الطريقة؟! ومتى نقوم برسالتنا، التي من أجلها خلقنا الله، وأخرجنا للناس؟! فنحن قوم ابتعثنا الله؛ لنخرج العباد من عبادة العباد، إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان، إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، كما قال ذاك الأعرابي المؤمن، المعتز بهويته وثقافته، عندما وقف أمام أقوام زعموا أنهم سادة العالم، وأنهم الحق بقيادة البشرية، فقال لهم في أنفة وعزة، بلسان حاله قبل أن يسمعهم ما أذهل عقولهم، وزلزل عروشهم، وأفقدهم صوابهم:

لنا نظرة في الحياة غير نظرتكم، وطريقة غير طريقتكم، ولم ينظر رضي الله عنه إلى مظاهرهم، بل كان ينظر إلى نفسه، ورسالته، وعقيدته، وهو يتكلم.
أيها الجيل، يقول القائل:


وأصبـــح لا يرى في الركـــــب قـــومي *** وقد عاشـــوا أئـمتـــــه سنينـا
وآلــــمني وآلـــــــــــــــم كـل حـــرٍ *** سؤال الدهر أين المسلمونــــا

أيها الجيل، نحن نوقن أن الطريق طويل وشاق، والمهمة ثقيلة جداً، لكن لا سبيل لنا إلا أن نبدأ ونستأنف العمل، حتى نعود وتعود ثقافتنا، وليست القضية كثرة التحديات، ولكن العقبة أن ننتصر نحن في أذهاننا، ونثق فيما عندنا، ونحوله إلى واقع، حتى نصبح نحن واقع، أما طريقة التفكير أن ننتظر التحول مرة واحدة بين عشية وضحاها، هذه طريقة تخالف السنن الإلهية، بل وهي وهم وأحلام يقظة، ونوع من أنواع الهذيان، فهيا من أجل أن نضمد جراح أمتنا،

ولنا أمل...

لا تيأسوا أن تستردوا مجدكم ***فلَرُبَّ مغلوب هوى ثم ارتقى