التكامل الزراعي بين مصر والسودان

  • 122

منذ أيام سمعنا تصريحًا لوزير الزراعة واستصلاح الأراضي وهو، أن «مصر والسودان اتفقتا على إعادة إحياء الشركة «المصرية - السودانية» للتكامل الزراعي، التي أنشئت عام 1976»، مشيرا إلى أن «الشركة كانت مصدرًا للتنمية في بعض الوقت ولكنها تعثرت بعد ذلك».
 
وأضاف هلال خلال مداخلة هاتفية مع إحدى القنوات: «هناك اهتمام من جانب المسئولين في مصر والسودان لإعطاء دفعة قوية للتكامل بين الدولتين في مجالات الزراعة والإنتاج الحيواني والاستزراع السمكي».
 
نقول: هذا جهد مشكور لكن ينبغي أن نقف مع عدة أمور:
 
الأمر الأول: أن هذا التكامل تأخر جدا جدا عشرات السنين مع أهميته الكبرى التي تتمثل في:
 
 أ- أن المنتجات الزراعية التي تستوردها مصر بالعملة الصعبة تمثل رقما كبيرا وعبئا ضخما على الاحتياطي المصري من العملة الصعبة وكان بالإمكان توفير قدر كبير منها لو فعل هذا التكامل مبكرا.
 
 ب- قلة الموارد المائية المصرية تحتم تفعيل هذا التكامل الذي تستفيد منه البلدان الشقيقان؛ حيث إن السودان تتمتع بخصوبة التربة ووفرة الموارد المائية.
 
 ج- هذا التكامل يعزز العلاقات بين البلدين الشقيقين ويقويها وقوة هذه العلاقات وتعدد روافدها من صميم الأمن القومي المصري.
 
 د- أن مصر لديها من الخبرات في مجالات الزراعة والإنتاج الحيواني والاستزراع السمكي لو فعلت واستثمرت من خلال هذا التكامل بين مصر والسودان لكان لها مردود اقتصادي لا يستهان به.
 
الأمر الثانى: لابد من عمل تصور كامل مدروس دراسة وافية تظهر فيه خريطة واضحة لهذا التكامل تعطى فيها الأولوية للمنتجات ذات المردود الاقتصادي الأعلى لكل من البلدين بتوفير السلع التي لا تتوفر إلا بالعملة الصعبة بل إنتاج السلع التنافسية في السوق العالمية للتصدير لإدخال العملة الصعبة، الأمر الثالث: تفعيل دور هذا التكامل في إحداث شراكة حقيقية على المستوى الشعبي وذلك بوضوح الخريطة الاستثمارية التي تشجع الاستثمار المحلي والأيدي العاملة على المشاركة الفاعلة والجادة فيه، وهذا الأمر له بعد أمن قومي لا يقل أهمية عن البعد الاقتصادي، فالسودان الشقيقة تمثل العمق الاستراتيجى الخطر الأهم لمصر.
 
الأمر الرابع: لا يختلف أحد على أن السودان الشقيقة تعتبر أكثر دول الجوار بل والمنطقة كلها ارتباطًا بمصر مصيريا على كل الأصعدة، فينبغي أن يظهر هذا على صورة تكامل حقيقي ليس في مجال الزراعة وحده وإنما في جميع المجالات، فإذا كانت الآمال والآلام واحدة للشعبين والتاريخ العريق لهما شاهد على ذلك، فينبغي أن نرى ذلك مترجمًا في صورة تكامل في جميع المجالات المجال الزراعي والتعليمي والصحي والصناعي والاستيراد والتصدير وسائر المجالات.
 
الأمر الخامس: لابد أن يكون هذا التكامل وأهميته من الوضوح بمكان في وجدان الشعبين المصري والسوداني بحيث يصبح أمرا لا يراهن عليه ولا تتلاعب به الأهواء السياسية مهما تغيرت رؤى الأنظمة الحاكمة أو تفاوتت فلا تمس هذا الثابت الاستراتيجى الهام والخطير، وهنا يأتى دور الإعلام الذي لا يقل أهمية عن دور الحكومات في هذا المجال، فدور الإعلام خطير فى تسليط الضوء على هذه القضايا المنسية في وجدان الكثير من أبناء الشعبين الشقيقين مع خطورتها وأهميتها لكلا البلدين.