عن مشاركة حزب النور في انتخابات مجلس الشيوخ ( 1 )

  • 1188

فقد وافق 23 مليون ناخب على التعديلات الدستورية التى جرى الاستفتاء الشعبى عليها فى أبريل 2019م ، والتى كان من بين موادها عودة ( مجلس الشيوخ ) إلى الحياة النيابية مرة أخرى ، وبِناء على تلك النتيجة فقد تمّ إضافة باب جديد إلى الدستور المصرى تحت مسمى ( مجلس الشيوخ ) ، ضم 7 مواد تُبين احتصاصات المجلس ، وطريقة الترشح والانتخاب .


ومجلس الشيوخ هو نسخة جديدة من مجلس الشورى الذى قامت لجنة الخمسين بإلغاءه عام  2013م ، ليعود المجلس بنفس الجدل الذى صاحبه منذ تأسيسه حول مدى أهميته ، أو جدوى وجوده أصلاً فى الحياة السياسية ، والحقيقة أن الواقع قد تجاوز ذلك الأخذ والرد بمراحل ، فنحن الآن بصدد كيان سياسى جديد جارى تأسيسه بالفعل ، وغرفة نيابية ثانية ينص الدستور عليها ، وهيئة استشارية ستؤثر بصورة أو بأخرى فى الواقع السياسى المصرى .


ومن الجدير بالذكر أن مجلس الشورى طوال السنوات الماضية لم يَنل اهتمام المواطن المصرى سواء قبل 25 يناير أو بعدها ، وغالباً ما تكون نسب الإقبال على انتخابات مجلس الشورى أضعف بكثير من الإقبال على انتخابات مجلس الشعب أو النواب ، ويرجّح أغلب المتابعين أن انتخابات مجلس الشيوخ القادمة لن تكون أحسن حالاً من سابقتها ، وهو ما يمثل عامل جذب لكل من يستطيع حشد أنصاره بصورة منظمة ، والخروج من المشهد الانتخابى بأكبر استفادة ممكنة . 


وقد تقرر عقد انتخابات مجلس الشيوخ بنظام القائمة المغلقة ، ونظام الفردى ، وسيشارك حزب النور بإذن الله على عدد من المقاعد الفردية فى بعض المحافظات ، وقام الحزب بتجهيز حملته الانتخابية من أجل المشاركة بقوة على المقاعد التى يخوض المنافسة عليها ، وهو ما يلقى بالمسؤولية على عاتق جميع أبناءه ومحبيه رجالاً ونساء لدعم الحملة ، والقيام بجميع التكليفات على أحسن وجه ، وتحقيق أهدافها بإذن الله ، وبذل كامل الجهد فى نجاح المرشحين .


وتأتى مشاركة حزب النور فى ذلك الاستحقاق الانتخابى للعديد من الأسباب ، منها :


( 1 ) مجلس الشيوخ مسار سياسى جديد نقدّم فيه رؤيتنا الإصلاحية .


يحرص حزب النور - منذ تأسيسه - على التفاعل مع جميع المسارات السياسية ، والمشاركة فى جميع الاستحقاقات الانتخابية ، والتواجد قدر استطاعته فى أى لجنة أو هيئة ذات طابع استشارى أو نيابى ، للتعبير دائماً عن مرجعيته ، والدفاع عنها ، وعرض برنامجه الإصلاحى ، واستغلال جميع الفرص المتاحة أياً كانت للتعريف بوجهة نظره فى كل ما يتعلق بشؤون الدولة والمجتمع .


وبصورة طبيعية مجلس الشيوخ القادم هو أحد هذه المسارات التى سيحاول حزب النور من خلالها تقديم هذه الرؤية الإصلاحية الشاملة ، والتعبير عنها فى الأطر الرسمية . 


وطالما كانت المشاركة السياسية من حيث المبدأ لا تتنافى مع المرجعية العليا للحزب ، ولا تخالف منهجه وبرنامجه ، ولا تتطلب منه تنازلاً عن أحد مبادئه ، ولا توجد موانع حقيقية على أرض الواقع تمنعه من المشاركة ، فلا حرج عندئذ من خوض ذلك المسار ، ومحاولة التواجد بقوة فى ذلك الاستحقاق ، والسعى فى وصول أكبر عدد ممكن من رجالات الحزب لهذه المحافل . 


 ( 2 ) طبيعة اختصاصات المجلس تجعلنا حريصين على التواجد فيه . 


بشكل عام مجلس الشيوخ مجلس استشارى فى المقام الأول ، يُبدى رأيه فى الموضوعات التى تُحال إليه من مجلس النواب أو من رئيس الجمهورية ، بجانب معاونته لمجلس النواب فى العديد من النواحى القانونية والتشريعية ، وبالرغم من هذا الدور الذى يغلب عليه الطابع الاستشارى فإن التزام الدولة بالانحياز لرأيه فى بعض الحالات يُكسب هذا الدور مزيداً من الأهمية .


أضف إلى ذلك حساسية الموضوعات التى يمكن أن يَقترحها مجلس الشيوخ ، أو يدرسها ، أو يُستشار فيها ، فمنها على سبيل المثال موضوعات تتعلق ( بقيم المجتمع ) كالسِلم الاجتماعى ، ومقومات الأسرة المصرية ، ومفاهيم الحريات والحقوق والواجبات ، ومنها ما يتعلق ( بالدستور نفسه ) كتعديل بعض المواد ، أو مناقشة بعض مشروعات القوانين ، ومنها ما يتعلق ( بسياسة الدولة ) كمعاهدات الصلح والتحالف ، والخطة العامة ، وهى موضوعات تتقاطع أغلبها بصورة كبيرة مع مرجعية الحزب ، وتحتاج إلى من يمثّله فيها . 

 

( 3 ) فاعلية حزب النور فى جميع تجاربه السياسية .


ربما ظن الكثيرون أن شهادة وفاة حزب النور أصبحت مسألة وقت مع الخسائر الفادحة التى مُنى بها التيار الإسلامى بين عامى 2012م و 2014م ، ولكن بفضل الله وحده خالف حزب النور هذه التوقعات ، فكان نموذجاً فى تقديم مصلحة الوطن ، وعاملاً حاسماً فى استقراره ، ومتسقاً مع مرجعيته فى جميع معاركه السياسية ، ومحافظاً على قيم المجتمع الأصيلة ، وتقاليد الأسرة المصرية . 


ولا أدل على ذلك من مواقفه الثابتة فى ( لجنة الخمسين ) فى مناقشة المادة الثانية ، وتفسير كلمة المبادئ ، والنص على قانونية الديباجة وغيرها من المكاسب الهائلة على الأقل من الناحية القانونية والدستورية فى ظل الظروف السياسية التى شهدتها مصر فى ذلك الوقت .


هذا إلى جانب معركته العام الماضى فى تفسير كلمة ( ومدنيتها ) فى المادة ( 200 ) أثناء تعديل الدستور ، وتمسكه برفض التعديلات حتى صبيحة يوم تصويت أعضاء البرلمان ، ولم يغير الحزب موقفه إلا بعد تفسير تلك الكلمة المطاطية باللاءات الثلاثة بصورة رسمية . 


أضف إلى هذا مئات المواقف تحت قبة البرلمان لخمس سنوات متتالية ، والتى تجاوز الحزب فى كثير منها مجرد تسجيل موقف ، أو بيان وجهة نظر إلى التأثير المباشر فى القرار نفسه ، كموقفه من قانون الخدمة المدنية ، أو قانون بناء الكنائس ، أو قانون الطفل ، أو قانون القيمة المضافة ، أو قانون تجريم الختان ، أو قانون تنظيم السجون ، أو قانون الجمعيات الأهلية وغيرها .  


بجانب مواقفه القوية فى العديد من الأزمات الحساسة ، كموقفه من أزمة منع النقاب ، أو أزمة الخمور فى المنشآت السياحية ، أو أزمة التسعيرة الجمركية ، أو أزمة المواقع الإباحية ، أو أزمة تيران وصنافير ، أو أزمة قرض صندوق النقد الدولى ، أو أزمة أسعار الدواء وغيرها . 


هذا غير استجابة العديد من الوزارات والهيئات المعنية لعشرات الطلبات والمقترحات التى تقدم بها حزب النور على مدار السنوات الماضية ، والتى لا يتم إنجازها إلا من خلال هذه المسارات  . 


هذه الفاعلية تُطمئن أبناء حزب النور ومحبيه من أن مشاركة الحزب فى أى مسار سياسى لم تكن أبداً لتجميل الصورة ، وتُلزم أبناء الحزب فى الوقت نفسه بالأخذ بأسباب نجاح مرشحهيم بكل قوة ، فالأمر ضرورة حتمية لا غنى فى الدفع وراءها ، وواجب الوقت الذى يفرضه الواقع . 


نكمل بإذن الله فى الجزء الثانى من المقال بقية أسباب المشاركة ، ومناقشة موضوع القوائم المغلقة ..