"العفو الدولية" توثق جرائم تعذيب اللاجئين السوريين في السجون اللبنانية

  • 140


صرخات سوريين داخل المعتقلات اللبنانية: "كم تمنيت أن أموت"

"العفو الدولية" توثق جرائم تعذيب اللاجئين السوريين في السجون اللبنانية

ربوع: ما اكتشفته المنظمة غيض من فيض.. والانتهاكات وصلت للقتل العمد

كتب- عمرو حسن

قهر وتنكيل وعنصرية وتمييز، كلمات لا تكفي لتصف حجم المعاناة بحق أسرى اللاجئين السوريين في السجون اللبنانية؛ فنحن لا نتحدث عن جريمة حبسهم المجحفة دون وجه حق، ولكننا شاهدنا أشقاء سوريين مسلمين وعربًا هربوا من القتل في بلادهم المستعمرة من بشار الأسد وحلفائه ذوي الأطماع، بحثًا عن المأوى والأمان في بلد ووطن مسلم وعربي مجاور لبلدهم -لبنان– إلا أن المخابرات اللبنانية كان لها رأي آخر، حيث لم يروهم أشقاء أو مستضعفين، فصبوا عليهم جام غضبهم، وأذاقوهم ويلات التعسف والتعذيب والمعاناة، وألصقوا بهم تهم زائفة كالإرهاب بسبب إعلانهم معارضتهم لبقاء بشار الأسد؛ ليتحول اللاجئ السوري من باحث عن مأوى ولقمة وشربة ماء، إلى إرهابي يواجه انتهاكات من الوارد أنه لم يكن ليتعرض لها لو بقي تحت حطام بيته في سوريا؛ ليصل الأمر بهم أن يوجِّهوا من داخل معتقلاتهم رسالة واحدة: "كم تمنيت أن أموت".

ووثق تقرير منظمة العفو الدولية بعنوان "كم تمنيت أن أموت" لاجئين سوريين احتجزوا تعسفيًا بتهم تتعلق بالإرهاب وتعرضوا للتعذيب في لبنان، "سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبتها بشكل أساسي مخابرات الجيش اللبناني ضد 26 محتجزًا، من ضمنها انتهاكات المحاكمة العادلة، والتعذيب الذي يتضمن ضربًا بالعصي المعدنية، والكابلات الكهربائية، والأنابيب البلاستيكية. كما وصف المحتجزون عمليات تعليقهم رأسًا على عقب، أو إرغامهم على اتخاذ أوضاع جسدية مُجهدة لفترات مطولة من الوقت.

وفي ذلك السياق، وصف عبد الرحمن ربوع، المحلل السياسي السوري، الانتهاكات اللبنانية بحق اللاجئين السوريين أنها واحدة من أقسى ما يعانيه السوريون في لبنان بسبب العنصرية والتعصب الديني والفوضى السياسية والأمنية، مشيرًا إلى أن هذه المعاناة بدأت منذ اللحظة الأولى التي وضع فيها اللاجئون السوريون أقدامهم داخل لبنان؛ حيث رفضت الدولة منحهم صفة لاجئ كي لا تكون ملزمة تجاههم بأداء أي حق من حقوقهم القانونية سواء بحسب الدستور والقانون اللبنانيين أو القوانين والشرائع الدولية.

وأكد ربوع في تصريح خاص أن اللاجئين السوريين هرب معظمهم بحياته وبأطفاله من جحيم الحرب في سوريا وجرائم التطهير الديني الوحشية التي ارتكبها متطرفو حزب الله اللبناني، وعصابات الحرس الثوري الإيراني وميليشيا فاطميون وزينبيون والحشد الشعبي العراقي وكتائب البعث بأوامر مباشرة من المرشد علي خامنئي  لإخماد الثورة السورية، والقضاء على المناطق الثائرة وتسويتها بالأرض وإبادة وتشريد أهلها؛ ليجدوا أنفسهم في جحيم جديد، وأن من كان منهم يُقتل في سوريا فقط لأنه مسلم معارض أصبح في لبنان هدفًا للتصفية المباشرة بدعوى محاربة الإرهاب، أو هدفًا للاعتقال والتعذيب حتى الموت أيضا بتهم الإرهاب المعلبة والمفصلة على مقاس أي شخص دون الحاجة إلى محكمة طبيعية بإجراءات قانونية وضوابط دستورية والتزامات حقوقية.

وقال إن التقارير التي وثقت ما يعانيه بعض السوريين في السجون والمعتقلات اللبنانية هي غيض من فيض، حيث هناك الكثير من الوقائع والحالات التي لم يتم التحقق فيها بسبب نقص المعلومات المؤكدة والصرامة التي تنتهجها المنظمات الحقوقية الدولية في التوثيق، ومئات الحالات التي مورست فيها أبشع الانتهاكات المنظمة سواء من جهات مسؤولة في الدولة أو من "حزب الله" أو العصابات الأخرى المنتشرة في مدن لبنان، التي وصلت إلى حد القتل العمد للاجئين السوريين وهم في خيامهم أو وهم يسعون لأجل قوت عيالهم.

ولفت المحلل السياسي السوري إلى أن السوريين لا يتوقعون تحسن أوضاعهم في لبنان رغم كل ما يقدمونه، حيث يضخون في الاقتصاد اللبناني 100 مليون دولار شهريًا على الأقل عن طريق الحوالات المالية المباشرة لهم من أقاربهم وذويهم الموجودين خارج لبنان، ويصل لبنان ما يزيد  على 5 مليارات دولار سنويًا كمساعدات دولية وأممية يذهب أكثر من نصفها لدعم البنية التحتية وكرتون وضرائب ومرتبات.

ورأى ربوع أن الخلاص الوحيد هو عودة السوريين لوطنهم ومدنهم سواء من لبنان أو غيرها، أو حتى ملايين النازحين داخل سوريا، الذين هم ضحية جرائم التغيير الديموغرافي التي ارتكبها النظام بمساعدة وتواطؤ إيران وروسيا؛ بتهجير ملايين السوريين من دمشق وحمص وحلب إلى إدلب ودول الجوار وإحلال مستوطنين شيعة أجانب مكانهم، موضحًا أنه للأسف حتى الآن لا تبدو هذه العودة ممكنة في ظل الاحتلال والوجود الإيراني والشيعي في المناطق التي يفترض أن يعود إليها أهلها وأصحابها السوريون اللاجئون في لبنان وغيرها من دول النزوح.