بعد حادث قطار سوهاج.. تطوير منظومة السكة الحديد ضرورة
أستاذ نقل: هناك خطة شاملة للتطوير.. وخير الله: إصلاح الإنسان أهم
كتب – أحمد سعيد
على مدار أسبوع أو أكثر عاشت مصر لحظات صعبة من الألم؛ حيث لم تهدأ الأحداث المفجعة يومًا واحدًا، ابتداء من حادث جنوح السفينة البنمية في قناة السويس، مرورًا بحادث قطاري سوهاج، وصولًا لحادث انهيار عقار جسر السويس، هذا بخلاف عدد من الحرائق التي اشتعلت ببعض المحافظات، منها الحريق الذي نشب بجوار محطة الزقازيق بالشرقية، وحريق أحد فنادق الإسكندرية، وحريق مصنع كرتون بالبحيرة، وحريق إحدى عمارات كورنيش المعادي بالقاهرة.
ووسط تلك الأحداث، خرجت أصوات تنادي بضرورة رصد المشكلات ووضع حلول لها، وفي المقدمة أزمة السكة الحديد باعتبارها مرفقًا حيويًا لا غنى عنه، فيما عكس التفاعل الشعبي وتعاطي المواطنين مع أزمات الأسبوع الماضي انطباعًا رائعًا عن معدن المصريين وتماسكهم وقت الأزمة؛ حيث مثل تعامل أبناء الصعيد مع أزمة قطاري سوهاج نموذجًا عظيمًا ومشرفًا، ابتداء من الإسراع في إنقاذ المصابين وتقديم يد العون لهم، والتسابق للتبرع بالدم، وانتهاء بتقديم المساعدات الغذائية والإنسانية لأهالي المصابين، بما في تلك الخدمات من توفير أماكن مبيت وكذلك وسائل انتقال بشكل مجاني تمامًا.
وعن أزمة السكة الحديد، يرى أحمد خليل خير الله، رئيس برلمانية حزب النور، أن تكرار حوادث القطارات طوال السنوات الماضية يحتاج منا إلى إعادة النظر في عملية الإصلاح، مؤكدًا أن أي إصلاح داخل أي مرفق داخل الدولة بعيدًا عن إصلاح الإنسان يعد هباء، مشيرًا إلى أن الكل تحدث عن تغيرات حدثت داخل السكة الحديد ووزارة النقل -نحن ننبهر بها ونشكرها- ولكن أين برامج إصلاح هذا الإنسان الذي ستنبني عليه كل هذه المنظومة؟ موضحًا أن كل تغيير أو إصلاح يتم بعيدًا عن الإنسان أو العنصر البشري يعد ابتعادًا وليس اقترابًا.
وأشاد خير الله –في كلمة برلمانية له– بقرار مؤسسة الرئاسة حول تشكيل لجنة تقصي حقائق فنية لمعرفة الأسباب التي أدت إلى وقوع حادث قطاري سوهاج، موضحًا أن نواب البرلمان يقدرون ويثمنون ذلك التوجيه، وأنهم في انتظار النتائج التي سوف تسفر عنها التحقيقات، مجددًا تأكيده أن تغيير الإنسان هو بداية الإصلاح.
وتابع خير الله: "ننتظر تقرير مقدم للرئيس الذي كان واضحًا أمام نفسه وأمام شعبه وطالب بلجنة تقصي حقائق فنيه تقدم هذا التقرير، ونواب الشعب في انتظار النتائج، نقدر ونثمن ذلك".
بدوره، يرى عماد نبيل، أستاذ النقل والطرق بكلية الهندسة جامعة عين شمس، أن التحقيقات حول حادث قطاري سوهاج قد تكشف أن الحادث يتعلق بالعنصر البشري، فإما أن يكون بسبب إهمال أحد سائقي القطارين أو أن يكون مدبرًا، مبررًا رأيه أن المنطقة التي شهدت وقوع الحادث هي منطقة خطوط مستقيمة ليس بها توالي وليست بها إشارات؛ أي أنها غير معقدة فنيًا، كما أن هذه المنطقة صفر حوادث ولم تشهد وقوع أي حوادث من أي نوع بها، لكنه عاد وأكد أهمية عدم استباق الأحداث وترك الأمور لتحقيقات النيابة.
وقال نبيل إن التطورات التي شهدها مرفق السكة الحديد إيجابية، بل يمكن وصفها أنها الأهم والأعظم في تاريخ السكة الحديد ككل، مؤكدًا أن الدولة خصصت 360 مليار جنيه لتدشين القطار السريع، وخصصت 225 مليار لتطوير السكك الحديدية الحالية، بصورة تضمن حدوث تطوير شامل للإشارات ووضع نظم التحكم ونظام atc، علاوة على تطوير شامل للمحطات والقطارات والعربات، مشيرًا إلى أن وزارة النقل استوردت 500 عربة سكة حديد من روسيا بالإضافة إلى شراء 250 جرارًا.
وأوضح نبيل أن عملية التطوير لم تتوقف عند هذا الحد، مشيرًا إلى أن الدولة خصصت 73 مليار جنيه لإتمام عملية ازدواج الطرق، حيث توجد خطة ازدواج للخطوط المفردة التي لا يوجد بها غير طريق واحد، مؤكدًا أن عملية الازدواج سوف تقلل من وقوع أي حوادث على هذه الخطوط.
وأكد أستاذ النقل والطرق، وجود فكر شامل لتطوير السكة الحديد، بما في ذلك التعاون مع الدول الرائدة في هذا المجال مثل المجر وألمانيا، كما أكد وجود تطوير ونظام مختلف عن النظام الذي كان موجودًا من قبل، وأن هناك خطة إحلال وتجديد تحدث، لكن ذلك قد يستغرق وقتًا لأنه يعالج إرث وتداعيات السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن خطة التطوير هذه هي التي حسّنت من معدل انتظام عمل الخطوط، وحدوث تطور في مستوى الأمان والسلامة المرورية على مستوى السكة الحديد، لدرجة أنه لم توجد حادثة قطارات منذ حادثة فبراير2019م بعدما كنا نسمع عن حوادث القطارات بصورة شهرية، حسب رأيه.
وعن التفاعل الشعبي مع حادث القطارين، أشاد اللواء طارق الفقي، محافظ سوهاج، بمجهودات أبناء المحافظة وحسن معاملتهم مع أهالي الضحايا والمصابين الذين كانوا من المحافظات الأخرى، مؤكدًا أن أبناء سوهاج ضربوا مثالًا رائعًا في المواقف الإنسانية والشهامة، موضحًا أن تسابق أبناء المحافظة على التبرع بالدم لإنقاذ المصابين، وكذلك استضافتهم للمغتربين من أهالي الضحايا يؤكد أصالة الشعب ومعدنه الجيد.
وهو ما أيده أحمد محسن، عضو مجلس الشيوخ، مؤكدًا أن تعامل أهل الصعيد وأبناء محافظة سوهاج مع حادثة تصادم القطارين يعد مثالًا حيًّا في العطاء وفي حب الوطن، موضحًا أن مشاهد الإقبال الشديد على المستشفيات من أجل التبرع بالدم، وكذلك التبرع بالسيارات الخاصة ووسائل النقل لتوصيل ونقل أهالي المصابين أو المصابين أنفسهم أو المتبرعين بالدم لهم، جميعها مشاهد تؤكد أن المعدن الأصيل للمصريين يظهر وقت الشدائد.
وأضاف حسن أن تقديم الدعم لأهالي المصابين ومساندتهم في محنتهم يؤكد أن المواطنين لديهم لحمة وطنية، ولديهم وعي كافٍ جعلهم يقبلون على تقديم المساعدة للدولة أولًا قبل أن تكون مساعدة لمصابين في حادث أليم، مشيرًا إلى أن شهامة و "جدعنة الصعايدة" في هذا الموقف، وشهامة المصريين عمومًا، تعد ردًا بالغًا يقطع الرد على المغرضين الذي يحاولون استغلال المواقف لبث الفرقة بين أبناء الشعب.