فئات ضلت وأضلت.. غرباء يروجون للدياثة والشذوذ في بلاد المسلمين

  • 12607
مكافحة الشذوذ

 لم يأتِ في مخيلتي يومًا أنِّي سأجلس أكتبُ مقالًا عن ممثلات أو ممثلين، وفيلم سينيمائي يتحدث عن الشذوذ والعُري والدياثة والمحرمات، بزعم الحرية والإبداع وتقبل الآخر!! كما أنَّ عقلي لم يكن ليشرد يومًا ويفكر في أنَّ ممثلين مسلمين أو عربًا يقومون بتلك الأدوار والأعمال المُخلة، التي إن عُرضت على قرنائهم من غير المسلمين، ليناقشوا قضايا تخالف معتقداتهم وآرائهم التي يؤمنون بها، لرفضوا رفضًا قاطعًا، بل ولحاربوا تلك الأفكار والقائمين عليها والراغبين في نشرها ومن يُمولها ويقف خلفها.

عندما كنت صغيرًا، أعود من مدرستي وأجلسُ خفية لأختلس بضع دقائق من وراء أمي، لأشاهد فيلمًا قديمًا، أو مقطعًا من مسلسلٍ، على تلك الشاشات الصغيرة، قبل أن يسطع عالم التكنولوجيا المخيف، كان إذا ظهر لِثوانٍ معدودة شيء عارٍ، أو لفظ خادش، كانت تنهرني  أمي بشدة، ويعنفني أبي، عندما يروني قابعا أمام التلفزيون، وتتقاطع أصواتهم الغاضبة،"أغلق التلفاز"، ورغم عدم إدراكي لما يحدث على الشاشة، إلا أنني كنت أشعر بكارثة قد حلَّت، وأمر عظيم قد حدث، ورغم غلق التلفاز مرات عديدة، لم أشعر يومًا أني حزين، وكأن فطرتي كانت توافق على أن ما كان يعرض على الشاشة لا يصح وغير مفيد.

وها أنا اليوم كبُرت، وصِرتُ أبًا ولديَّ طفلة في السادسة من عمرها، أعاني كثيرًا وأنا بين جدران بيتي، من أصواتٍ تصدع بالأغاني والشتائم والمخالفات، وأواجه مأساة وأنا أسير في الطرقات وهي تمسك بأناملها الصغيرة أطراف يدي؛ من سلوك مؤسف، وأخلاقٍ غير سوية، وجهر بالمعاصي والآثام، وعندما أعود ثانيةً إلى البيت، أسأل نفسي وأخطط لتكوين إجابات، ماذا سأفعلُ في التلفاز والهواتف المحمولة والإنترنت الذين ينتظرون تلك الصغيرة ليتلاعبوا بها؟! فكيف سأواجههم، وإلى متى سأظل أمنعها وأعدد لها الحجج وأسباب رفض تلك الكوارث الثلاث؟ ويعود عقلي سنوات إلى الماضي، وأتذكر والديَّ، وأعي لماذا كانا دائمًا يمتعضان إذا اقتربت من التلفاز.

نعلمُ جميعًا أن السنوات كلما مرت بات الواقع أسوأ، والحروب التي تواجه أبناءنا كثيرة، لكن هل كان أحدنا يظن يومًا أن يصل الأمر إلى هذا الحد؟ وهل هو أمر عادي أن نسمح للحديث عن الشذوذ داخل بيوتنا؟ ومنذ متى كان أجدادنا وآباؤنا يقبلون أن تُقبَل زوجاتهم من الغرباء والمحرمين عليهم؟ وهل أضحى سبُ الدين حدثًا عارضًا نصمت عليه؟ وكيف أضحت الإيحاءات والكلمات التي تنُم عن شهوة أو جنس أو إباحية تمر مرور الكرام، هل نحن داخل مجتمعاتنا المسلمة، أم نحن عالقون في زمَنٍ آخر نرفضه، أم هو حلم لم نستيقظ منه بعد؟

تلك المؤدية المصرية التي لم تعبأ لديننا، وأساءت لبلادنا وقيمنا، تَزعُم أنها تنقل الواقع، وتتشدق بالحرية، والحقيقة أن الواقع يكاد يذرف دمًا من فرط كذبها، فمتى كان واقعنا المسلم ينتشر فيه الشذوذ؟ وأين المكان الذي يتبادل فيه النساء القبلات مع غير أزواجهن في مدننا؟ وهل نبدأ حديثنا اليومي داخل مجتمعنا المحافظ عن الملابس الداخلية؟ أيُّ واقعٍ تتحدث عنه تلك الممثلة، التي تكاد تأخذني الشفقةٌ عليها من شدة الإثم الذي وقعت فيه، هل هو واقعنا نحن، أم واقعهم هم؟ وأي حرية التي تشير إليها؟ وهل للحرية معنى يقول أن ندع بناتنا تمارس الجنس حرامًا في غير زواج يُحل تلك العلاقة؟!! وهل الحرية في أن نعلم أطفالنا المنكر؟

لا أريد أن أتطرق في حديثي هذا إلى اسم الفيلم المنبوذ، والعمل الكريه الذي قدمه هؤلاء، الـ....." اعذروني فلا أجدُ اسمًا يليق بهم"، غير تلك النقاط التي لا تعني شيئًا، ولكن أريد أن أسأُل من يقرأ هذه الكلمات، ألسنا أمَّةٌ لها تاريخٌ ودين وقرآنٌ وعقيدة وأمجادٌ وعظماء يذكرهم العالم بحقدٍ، ونتغنى نحن بهم بكل فخر، فهل يتضمن تاريخنا أشخاصًا كهؤلاء الذين أشاعوا الرذيلةَ بيننا؟ وهل يَحلُ ديننا هذا الخزي الذي تحدث عنه العمل المشين؟ ألم يُجرم قرآننا ما أقدَم عليه قوم لوطٍ عليه السلام؟ وحكى لنا كيف خسف الله بهم الأرض، ونهانا كتابنا الكريم أن نفعل هذا، وتتنصل عقيدتنا ممن يبيح تلك الفواحش، فلماذا الصمت على هؤلاء؟

كما حَزِنت لتلك الكارثة التي يكذبون علينا، ويدّعون أنها فكر أو رأي، أفرحُ كثيرًا بردود الأفعال التي ترفض هذا الهزل والسقوط، ويُسَر فؤادي كلما وجدتُ شبابًا وصغارًا من جيل اليوم، يهاجمون ذلك العمل وينتقدون من قاموا به، حتى أنَّ من يقرصنون تلك الأفلام والأعمال، رفضوا تلك الآفات، بل أن مواقع ومنصاتٍ شهيرة حذفتها وأدانت من فعلوها، والسعادة في أن الفطرة السليمة والثوابت والقيم لازالت تحكم مجتمعنا، وتقدر على مواجهة المكر، وتأبى كل ما هو خبيث ورديء.

لم تكن بلادنا يومًا تحب الدياثة أو توافق عليها، ولم ولن يكن واقعنا يومًا أمريكيًا أو أوروبيًا أو صهيونيًا، بل إن تاريخ أمتنا يشهد بأننا نرفض الخزي ولا نقبل المحرمات، ولطالما واجهت عقيدتنا وتقاليدنا وقيمنا كل ما هو منحرف وضار، ولا يتفق مع فطرتنا وما تربينا عليه، وسيظل الخير فينا يقاوم شر الضعفاء ومن تقودهم الرغبات والشهوات وحب المال وجمع الثروات، وستبقى فينا النخوة والغيرة على بيوتنا وأبنائنا قوية ودائمة.

مهرجانات عارية وأفلام تحض على الفسق وتنشر الشذوذ والبذاءات، وأفعال تضر أجيالنا وتفسد أخلاق شبابنا بزعم الحرية والإبداع، والحقيقة أنهم جميعًا إلا من رحم الله، فئات ضلت وأضلت عافانا الله منهم.