جلطة الأوردة العميقة.. قد تمر بلا أثر لكنها قد تهلك الرئة

  • 39
الفتح_ أرشيفية

يظل القلب رمانة الميزان فى حركة الدم الدائبة بين الشرايين والأوردة. ينقبض القلب بقوة ليدفع الدم فى شريان الأورطى الذى يتولى دفعه فى كل شرايين الجسم التى تشكل شبكة محكمة الصنع متصلة حتى أطرافها التى تبدأ منها شبكة أخرى من الأوردة يعود فيها الدم إلى القلب مرة أخرى عبر الورديدين الأجوف السفلى والعلوى.

تنبسط عضلة القلب لتستقبل الدم القادم من كل أوردة الجسم لتنقبض مرة أخرى لتدفعه فى اتجاه الرئات التى تتولى عملية تنقيته وتزويده بالأكسجين وإعادته مرة أخرى للقلب ليعود ضخه مرة فى شريان الأورطى.

دورة كاملة مع كل نبضة قلب إيقاع لا يشوبه خلل طالما احتفظ القلب بقدرته على دفع الدم بقوة كافية فى الشرايين وحافظت الأوردة على قدرتها على دفع الدم مرة أخرى فى اتجاه القلب. ماذا يحدث إذا فقد القلب بعضا من قدرته على دفع الدم بقوة وتكاسلت الأوردة؟

جلطة الأوردة العميقة أحد ألغاز الصحة المحيرة. قد تحدث فى صورة محدودة جلطة صغيرة فى أحد الأوردة الصغيرة غير الهامة فتمر بلا أعراض أو أخطار.

لكنها أيضا يمكن أن تحدث لتسد وريدا هاما فى الساق أو الفخذ فتتورم الساق وتبدو عليها علامات الالتهاب من الاحمرار والألم، خاصة إذا توقفت فى منطقة السمانة من الساق. يتوقف خطر جلطة الوريد عند علاجها وانتهاء أمرها، لكن إذا تحركت من مكانها وانطلقت مع تيار الدم المتجه إلى القلب سرعان ما تصل إلى البطين الأيمن الذى يدفعها مع الدم فى الشريان الرئوى فى اتجاه الرئة وتظل فى اندفاعها حتى تنحشر فى أحد فروع الشريان الرئوى عندها يشعر الإنسان بألم حاد مصدره الصدر (الرئة) وضيق شديد فى التنفس وتزايد فى سرعة ضربات القلب. خلل مفاجئ فى إيقاع دورة الحياة قد ينهيها فى لحظات.

أسباب جلطة الأوردة العميقة

عاملان جوهريان هما السبب فى تلك الجلطة التى تبدو كالسهل الممتنع. الأول هو ركود حركة الدم فى الساقين الذى قد يحدث نتيجة عدم الحركة لفترات طويلة كالسفر فى رحلات طويلة بالطائرة أو قضاء فترات طويلة فى الفراش لمرض أو كسر اضطر الإنسان لتثبيته بالجبس. من أهم الأسباب المعروفة الآن الجلوس لفترات طويلة للعمل على مكتب أو أمام شاشة الكمبيوتر.

أما العامل الثانى فيرجع إلى أى سبب ينتقص من قدرة القلب على الانقباض كحالات هبوط القلب الاحتقانى.

هناك أيضا قابلية دم الإنسان لتكوين الجلطات وهى قابلية تختلف من إنسان لآخر تزيد عند المرأة فى أثناء فترة حملها أو تناولها لحبوب منع الحمل كما قد يرث الإنسان قابلية الدم للتخثر بأنواعها المختلفة. تكوين الجلطات أيضا قد يحدث لدى مرضى السرطان وأثناء إجراء العمليات الجراحية أو عند التعرض للحوادث الكارثية كحوادث الطرق والسيارات.

طرق التشخيص

إذا لم تعلن الجلطة عن وجودها فى مكانها بصورة واضحة كالألم والاحمرار فإن مهمة الطبيب قد تبدو صعبة للغاية إلا أن هناك عددا من وسائل الفحص الحديثة تتيح تشخيصا دقيقا يتبعه علاج سريع.

ــ صورة بالموجات فوق الصوتية قد تتيح التشخيص لكنها إذا لم تسفر عن معلومات كاملة يمكن متابعة الأبحاث.

ــ فحص الأوردة بالأشعة بعد حقنها بصبغة ملونة.

ــ فحص الأوردة بالرنين المغناطيسى.

وهى اختبارات تفيد أيضا فى متابعة حالة المريض والتنبؤ بما يمكن أن يحدث من مضاعفات.

ــ أبحاث الدم: تعطى صورة واضحة عن سرعة تجلط الدم وهل هناك قابلية لتجلط الدم لها علاقة بطبيعة الإنسان نفسه أو نتيجة مرض وراثى.

ــ الفحص الإكلينيكى: متابعة المريض وفحصه بانتظام وتقييم حالته العامة وفحص القلب والرئات والانتقال السريع للعناية المركزة فى حالة إذا ما تحركت الجلطة من مكانها كلها عوامل يجب الحرص عليها ووضعها فى الحسبان منذ البداية.

هل هناك علامات تنذر بالخطر؟

قد تمر حياة الإنسان فلا يتعرض لخطر جلطات الأوردة العميقة لكن هناك بعض العوامل التى قد يصاحبها ذلك الخطر يجب التنبه لها مثل:

ــ تعرض الأوردة للضرر الذى قد لا يلحظه أحد كأثناء إجراء الجراحات المختلفة فى البطن أو الحوض أو عمليات تجبير أو كسور الساق والحوض وأثناء فترات النقاهة الطويلة التى يقضيها الإنسان فى الفراش.

ــ تناول الهرمونات مثل التيستوسيرون أو الاستيروجين ومنها حبوب منع الحمل.

ــ الأمراض الوراثية التى تعكس خللا فى العوامل التى تتحكم فى سيولة وتجلط الدم وهى للأسف عوامل لا يتنبه لها الإنسان إلا حينما تسوقه الصدفة فى حادث مفاجئ.

ــ أمراض الأمعاء الالتهابية كتقرحات القولون ومرض كرون غالبا ما يصاحبها مشاكل تجلط الدم لذا يجب التنبه لاحتمالات حدوثها أيضا أمراض الرئة وإصابات السرطان.

ــ وجود تاريخ مرضى عائلى لحالات جلطات الأوردة العميقة.

ــ السمنة والتدخين والحياة التى تنقصها الحركة كلها عوامل قد تنذر بخطر إصابات الأوردة العميقة بالجلطات.

العلاج:

حجر الزاوية فى علاج جلطة الأوردة العميقة هو حماية الرئة من خطر انتقال الجلطة إليها وبالتالى حماية حياة الإنسان. يلى ذلك محاولة تخفيف حدة الأعراض وأهمها الألم الذى قد يمنعه من الحركة وتحسين الدورة الدموية للعضو المصاب بالجلطة (غالبا الساق).

الراحة فى الفراش أمر واجب.