حزب النور بين رئيسين.. صالون ثقافي للتاريخ

العدد الورقي

  • 191
الفتح - حزب النور بين رئيسين سابق وحالي

مخيون: هدفنا الأساسي من العمل السياسي الحفاظ على الهوية والشريعة الإسلامية

منصور: الدستور لا يخالف الشريعة.. وموقفنا ثابت من الحفاظ على كيان الدولة

نظمت اللجنة الثقافية لحزب النور، صالونًا ثقافيًا بحضور الدكتور يونس مخيون رئيس مجلس شيوخ حزب النور والرئيس السابق للحزب، والدكتور محمد إبراهيم منصور رئيس حزب النور الحالي، حاورهما المهندس أحمد الشحات، مساعد رئيس الحزب للشئون السياسية، تحت عنوان "حزب النور بين رئيسين سابق وحاليّ".

 وأوضح" الشحات" أن الحوار هدف إلى التعرف على شخصية هاتين القيادتين عن قرب، وفتح ملفات مهمة وحساسة خاصة وأن كل واحد منهما يعد شاهدًا على العصر، حيث إنهما رمزان معروفان لهما باع كبير في العمل السياسي، سواء بالعمل السياسي داخل حزب من خلال تولي المناصب السياسية القيادية المختلفة، بالإضافة للمشاركة في العمل السياسي في المجال العام عن طريق المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المختلفة سواء في البرلمان أو في كتابة الدستور وغيرهما من الاستحقاقات التي مرت على مصر خلال السنوات العشر الماضية، كما أن لهم أيضا جهدًا دعويًا كبيرًا سواء قبل الثورة أو بعدها، ومشاركة في الأمور الخدمية والاجتماعية العامة، وشارك كل منهما بنفسه في فعاليات، وجلسات ومفاوضات، فجاء هذا اللقاء لمعرفة ما دار من كواليس وخلفية القرارات خلال الفترة السابقة مما شارك فيه حزب النور أو مما يخص المجال السياسي العام.

وحول تساؤل البعض مشاركة رموز الدعوة السلفية في السياسة، مع أنهم لم يشاركوا في الاستحقاقات الانتخابية قبل ثورة 25 يناير، أكد الدكتور يونس مخيون، أن الدعوة السلفية كانت لديها وجهة نظر أن المشاركة حينذاك تترتب عليها مفاسد أكثر من المصالح، لأن الحزب الوطني هو الحزب الوحيد المسيطر وقتئذ، ورئيس الدولة هو رئيس الحزب، ومشاركتنا كانت تستلزم تنازلنا عن ثوابت وأمور شرعية لا يمكن التنازل عنها، لذلك وجدت الدعوة أنه لا فائدة من المشاركة، وكذلك كانت مفاسدها أكثر من المصالح، ودخولنا في المجال السياسي كان يترتب عليه فقداننا للمساحات الدعوية التي كنا نعمل فيها بقوة على الأرض.

وأوضح "مخيون" أنه بعد الثورة تغير الوضع تمامًا، وأصبحت هناك حالة من السيولة في البلد ونوع من الحرية، والإقبال على كتابة دستور جديد وكانت معنية بذلك اللجنة التأسيسية المكونة من 100 شخص، وكان المنوط بتشكيل هذه الجمعية هو مجلسي الشعب والشوري، مشيرًا إلى أن الدعوة السلفية كانت مهتمة بذلك لأن الدستور هو الأساس، وخاصة المواد الخاصة بالشريعة والهوية، وما دفعنا إلى ذلك أكثر هو خروج تصريحات من العلمانيين واللبراليين تنادي بإلغاء المادة الثانية من الدستور أو إلغاء الألف واللام، حتى وصل بأحدهم قوله إن الثورة لم تقم إلا من أجل إلغاء المادة الثانية من الدستور، فاستشعرنا الخطر على الهوية الإسلامية والشريعة الإسلامية، لذا كان القرار بأنه لابد وأن تكون لنا مشاركة فعالة كي يكون لنا دور في وضع الدستور والحفاظ على الشريعة والهوية، وهذا كان هدفنا الأساسي.

وأضاف "مخيون" أنه بالإضافة إلى كل ما سبق، كان طرح رؤيتنا الإصلاحية المتكاملة للمجتمع، ووجدنا المجال مفتوحًا وهناك حرية، وانتخابات حرة، وإمكانية أن يكون لنا تواجد داخل المجالس النيابية، والتي من خلالها نستطيع تقديم رؤيتنا الإصلاحية للمجتمع والتي هي نابعة من المنهج السلفي المنضبط.

وأكد "مخيون" أن حزب النور دخل المجال السياسي بالأخلاق والمبادئ الإسلامية، ونحتسب هذا كدعوة إلى الله بالأساس، والأخلاق لا تتجزأ، ولم نتنازل عن أي شيء بالشريعة قيد أنملة بل على العكس، الواقع يشهد على أننا لم نتلوث ونتغير ولم نتنازل عن أي مبدأ من المبادئ، وليس لدينا مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، ولم نترك المساجد، موضحًا أنه شخصيًا لم ينقطع عن النشاط الدعوي أو الدروس العلمية، مؤكدًا أنه في ظل ممارسته للسياسة حرص على نشاطه الدعوي.

وشدد على أن الدخول في العمل السياسي لم يؤثر على المنتسبين للكيان لا دعويًا ولا أخلاقيًا، بل على العكس الحزب اتخذ مبدأ "السياسة الشرعية المنضبطة النظيفة" أما القول إن السياسة نجاسة ومن يدحل في السياسة لابد وأن يتلون ويتغير ليس عندنا على الإطلاق.

وقال "مخيون" إن الظروف التي تحمل فيها مسئولية قيادة الحزب خلفًا للدكتور عماد عبدالغفور أول رئيس للحزب، كانت صعبة جدًا، حيث فوجئنا باتجاه اتخذه "عبدالغفور" يخالف اتجاه المبادئ الذي أنشئ الحزب عليه، وملخص ذلك أنه كانت لديه فكرة أقرب إلى الفكرة الأردوغانية نسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بمعنى القبول بكثير من المعطيات الغربية والديمقراطية بفلسفتها المطلقة، كما هي بغير سقف الشريعة، وبما في ذلك من التفريط أو التنازل عن بعض الثوابت التي تربينا عليها ولا يمكن أن نفرط فيها، مشيرًا إلى أنه كان هناك توجه لفصل حزب النور عن المرجعية الفكرية للدعوة السلفية.

وأشار "مخيون" إلى أنه كانت هناك نزعات انفرادية، فلم نعلم ببعض تحركات الحزب إلا من خلال الإعلام، وكانت تحركات خطيرة وفي أمور حساسة دون الرجوع للكيان أو استشارته في مواقف صعبة جدًا ربما تكون في عكس اتجاه الحزب، دون الرجوع للحزب، وعدم وجود نوع من المشورة أو أخذ رأي قيادات الحزب، مؤكدًا أن الحزب وجد خطورة شديدة، ومن أمثلة ذلك الموافقة على وثيقة "السلمي" وتفاجأنا بذلك. وكذلك زيارة خارجية تمت لم نعلم بها ولقاء مع "كارتر" سمعنا عنه من الجرائد، وهذا شيء لا يمكن أن يصدق، فكيف لكيان كبير مثل حزب النور أن يتخذ رئيس الحزب هذه المواقف ويجري هذه اللقاءات بعيدًا عن قيادات الحزب، وأدت هذه الأمور إلى قلق داخل الحزب وكان لابد من اتخاذ خطوات لإعادة الحزب لوضعه ومبادئه التي قام عليها ونفس النهج الذي قام عليها الحزب، لذلك كان لزامًا علينا أن نتحرك وتم التغيير بطريقة سلسة، دون خسائر كما يحدث في الأحزاب الأخرى، وهذا فضل الله ورحمته بنا، وانتقل الأمر إليّ في يناير 2013، ونتمنى التوفيق للجميع.

من جهته، قال الدكتور محمد إبراهيم منصور، رئيس حزب النور، إن ثورة ٢٠١١ قامت بأسباب فساد عم وطم وتكاثرت أشكاله، ومظالم حقيقية وواقعية حدثت، لكن كان الشعور عند بداية الثورة وقيامها هو التخوف على هذا البلد من أن تدخل في النفق المظلم، وتتحول المظاهرات السلمية إلى صدام، ثم تدخل في الفوضى التي لا نهاية لها، موضحًا أن الشعور لديه وغيره من قيادات الدعوة والعقلاء وقتها، هو التخوف من حدوث تحول لهذه المظاهرات السلمية إلى أن تصير صراعًا أهليًا وفوضى، لذلك عندما انسحبت الشرطة بدأت بعض معالم الفوضى المجتمعية المترتبة على غياب الأمن، وبدأت بعض صور النهب واعتداء البلطجية على الناس في بعض الأماكن والأحياء، سارعت الدعوة السلفية لاتخاذ قرار بتكوين ما سُمي وقتها باللجان الشعبية لحماية أرواح الناس وممتلكاتهم من السلب والنهب والبلطجة، تم اتخاذ قرار بتشكيل اللجان الشعبية، وتم التفعيل في ساعات معدودة على مستوى مصر جميعها، للقيام بدورنا الذي نراه إصلاحيًا ونتبناه، لمنع انفراط عقد المجتمع والحفاظ على الدولة، مشيرًا إلى أن انفراط عقد المجتمع يدخله في فوضى السلب والنهب والصراعات الداخلية، وتحويل المسار يحدث فوضى تؤدي إلى دمار على مستوى المجتمع وكيان الدولة، والتي هي في الحقيقة من قوة العالم العربي والإسلامي.

وأوضح رئيس حزب النور خلال كلمته بالصالون الثقافي الذي نظمته اللجنة الثقافية لحزب النور، أنه حتى وإن كان مُضيقًا علينا قبل الثورة لم يدعُنا هذا أبدا أن نكون أداة من أدوات الهدم، بل نحن دائما لبنة من لبنات البناء في بلادنا، مشيرًا إلى أن التخوف السائد وقتها هو تخوفنا من الانهيار المجتمعي لمصر كمصر -دولة- وليس كنظام.

وحول موقف الحزب من ثورة 25 يناير بعد مرور 10 سنوات تقريبًا.. أكد "منصور" أنه سيظل الموقف واحدًا ما دامت المعطيات واحدة، فلن نكون أبدًا أداة من أدوات الهدم لبلادنا، فلا يمكن أن نتخذ موقفًا يضر بمستقبل بلد به 100 مليون، فنحن حريصون كل الحرص على الاستقرار والتعامل الإصلاحي ولن نسلك مسلك الصدام ولا مسلكًا يؤدي إلى صدام، أو حتى يحتمل أن يؤدي إلى صدام.

وحول حرص الحزب على المشاركة في لجنة الخمسين للدستور، لفت "منصور" إلى أن الاستحقاق الدستوري هو أخطر استحقاق في المشهد السياسي عموما، لأن الدستور في النظم الحديثة هو أبو القوانين التي تنشأ، وعلى أساسه تحدد العلاقات كمؤسسات واختصاصات والأفراد، ويحدد إطار علاقة الدولة بالخارج. موضحًا أن الدستور أمره في غاية الأهمية لدى كل إنسان يفكر ولديه أهداف مرجعية أيا كانت مرجعيته، خاصة عندما تكون مرجعيته الشريعة الإسلامية، فيكون الاهتمام غاية الاهتمام بالدستور. مؤكدًا أن الحزب كان مهتمًا بشأن الدستور وحضر لجنة الـ100 قبل ذلك كما ذكر الدكتور يونس مخيون، من أجل الحفاظ على الهوية ومرجعية الشريعة الإسلامية، وبعد ذلك شاركنا وظلت المشاركة إلى أن حدث ما يعلمه الجميع من إشكالات في المشهد السياسي مرورا بـ 30 يونيو، و 3 يوليو. وكان لابد من استمرار المشاركة للحفاظ على المكتسبات في مجال الهوية وتجويدها إن استطعنا، وفي نفس الوقت المشاركة في الحفاظ على استقرار البلد، فنحن لبنات في هذا الوطن. وأيضا للعمل على بث رؤيتنا الإصلاحية قدر الطاقة والاستطاعة في كل المجالات خاصة في مجال الدستور، موضحًا أنه من أجل ذلك كانت المشاركة.

وأشار إلى أن مشاركة الحزب السياسية عموما والدستورية خصوصا لها ثلاثة أهداف كبرى، أولها المرجعية العليا للشريعة الإسلامية، والحفاظ على استقرار الدولة، فعندما نكون جزءًا من الدستور فبلا شك أن هناك قطاعا واسعا جدا من الناس يحتاج إلى أن يرى دستورًا يعبر عنهم ونحن نعبر عن قطاع كبير في المجتمع ليس صغيرًا، ثالثا: عندما يعبر عن كل الأطياف داخل الاستحقاق الدستوري سيؤدي ذلك إلى نوع من الاستقرار الذي نراه، بعد ما تم الانتهاء من الاستفتاء وبدأنا في التطبيق. مؤكدًا أنه لم يكن معبرا عن شخصه في الاستحقاق الدستوري، وقال: لقد كنت واحدًا ذاهبًا للتعبير عن المجموع الكلي.

وأكد "منصور" على أن حزب النور يمثل حالة في العمل السياسي وليس أفرادًا، يصنعها الذين يؤدون عنه وهو يصنعها معهم، متابعًا: "فأي أحد يعبر عن الحالة، سواء كنت أنا أو غيري والفضل لله وحده". موضحًا أنه كان يعبر عن حالة في هذا المجتمع؛ وهو أن تكون مرجعية الشريعة الإسلامية والهوية واضحة واستقرار الدولة وحمل هموم الناس والعمل على إيجاد مسارات لحلها.

وفيما يخص المادة 219 والاتهامات بعدم الحفاظ على المكتسبات، رد "منصور" بأنه يكفي الحزب شهادة من يتهمونه، حيث شهد أحد كبار من يتهموننا بأننا ضيعنا، مثلا (إبراهيم منير) قال إنهم في دستور ٢٠١٢ اضطرهم السلفيون الذين يمثلهم حزب النور في الأداء السياسي، اضطرونا -على حد قوله- إلى وضع الشريعة الإسلامية في الدستور، بل أشار إلى أن وجود السلفيين في المشهد بعد 2013 أدى إلى أنه في دستور ٢٠١٤ تم النص على الشريعة بشكل أكثر حرفية وأكثر تحديدًا من ٢٠١٢، وقد ذكر القيادي الإخواني إبراهيم منير ذلك في مجلس العموم البريطاني، ودلل بأنه بسبب غيابهم عن دستور ٢٠١٤ فإن حرفية الشريعة كانت أكثر وضوحًا فيه من دستور ٢٠١٢.

وأشار رئيس حزب النور إلى أن الإشكالية أثناء إعداد دستور ٢٠١٤ كانت سقف التشريع والمرجعية العليا للشريعة، وضبطها وانضباط الحريات بالقيم والنظام العام، موضحًا أنه إذا ضبطت هذه الأمور في أي دستور فإن هذا الدستور أخذ الطريق الصحيح، مضيفًا أن هذان الجزءان تم ضبطهما في دستور ٢٠١٢ وتم التعامل معهما أيضا في ٢٠١٤ بنفس الطريقة لكن اختلفت الصياغة.

ومن ذلك أن دستور ٢٠١٤ جعل مرجعية تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية إلى مجموع أحكام المحكمة الدستورية ومنها حكم سنة ٨٥ والذي جاء فيه:

 (هو بذلك يلزم المشرع بالالتجاء إلى أحكام الشريعة الإسلامية وعدم الالتجاء إلى غيرها، فإذا لم يجد حكمًا صريحًا فإن وسائل الاجتهاد في الشريعة الإسلامية تمكنه من الوصول إلى الحكم اللازم).

وهذا يعني عدم جواز إصدار قوانين تخالف أحكام الشريعة الإسلامية كما يعني ضرورة مراجعة القوانين القائمة لتتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.

وجاء في هذا الحكم أيضا: (إن الانتقال من منظومة قانونية ظلت مائة عام إلى منظومة قانونية إسلامية يحتاج إلى روية وتدقيق واقعي وعملي حتى نصل إلى منظومة قانونية إسلامية متكاملة في إطار القرآن والسنة وأحكام المجتهدين من العلماء والأئمة).