"الفاتورة الإلكترونية" تصطدم بالنقابات المهنية

  • 114
الفتح - الفاتورة الإلكترونية

"المحامين" تتمسك بعدم التسجيل في المنظومة نهائيًا.. "الأطباء" ترفضها بالعيادات الخاصة.. و "البيطريين" تطلب آلية قابلة للتنفيذ

كتب – علي منصور

تصاعدت ردود الفعل الرافضة لمنظومة الفاتورة الإلكترونية التي ألزمت مصلحة الضرائب أصحاب المهن الحرة بالتسجيل فيها، ومنهم: المحامون، والأطباء بمختلف تخصصاتهم، والمهندسون، والمحاسبون القانونيون والاستشاريون؛ إذ عليهم إرسال فواتيرهم حال التعامل مع منشآت مسجلة بمصلحة الضرائب على منظومة الفاتورة الإلكترونية، وحال تعاملهم مع المستهلك النهائي فهم ملزمون بمنظومة الإيصال الإلكتروني، وفقًا لمراحل الإلزام الخاصة بهم، أعلن عدد من النقابات المهنية رفضها لتسجيل المنتسبين إليها في المنظومة الجديدة في الموعد الذي حددته مصلحة الضرائب وهو 15 ديسمبر 2022، وعلى رأسها نقابة المحامين، والنقابة العامة للأطباء، وهما الأكثر اعتراضًا على تطبيق تلك المنظومة.

وأكد أبو بكر الضوة، الأمين العام المساعد لنقابة المحامين، تمسكهم بعدم التسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية، ومساندة كل الأعضاء في مطلبهم المشروع بالاعتراض على التسجيل ورفضه بشكل نهائي، مؤكدًا أن المحاماة رسالة وليست تجارة؛ فالمحامون يؤدون خدمة بمساندة السلطة القضائية في تحقيق العدالة وهذا ما نص عليه الدستور.

وأشار الأمين العام المساعد لنقابة المحامين –في تصريحات خاصة لـ "الفتح"– إلى أن القانون لابد أن يخاطب من يقوم بعمل سجل تجاري من أصحاب المحال التجارية أو أصحاب الصناعات، موضحًا أن المحامي يأخذ أتعابه على فترات خلال سير القضية، متسائلًا "كيف سيطالب القانون المحامي بحصته من أتعاب القضية؟ وإذا طلب الموكل من المحامي ترك القضية واسترداد باقي الأتعاب فكيف سيتعامل القانون وقتها؟".

وعن سبب رفض المحامين للتسجيل في الفاتورة الإلكترونية، أوضح الهيثم سعد، المحامي بالنقض، أن قرار وزير المالية رقم 531 لسنة 2005، الخاص بتحديد المهن غير التجارية في تطبيق حكم المادة 70 من قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005 تتحدث المادة الأولى منه عن المهن غير التجارية ونص في أول مهنة على المحاماة؛ إذن المحاماة ليست عملًا تجاريًا، والمحامي ليس تاجرًا، مؤكدًا أن المحامين لا يعترضون على دفع الضرائب في حد ذاتها، إذ إنهم يخصم منهم ضريبة عند رفع الدعوى من المنبع؛ فهم يدفعون ضرائب على كل الدعاوى التي يتم رفعها، كما يدفعون ضريبة القيمة المضافة، على الرغم من التحفظ عليها؛ لوجود شبهة عدم دستورية فيها، وهناك كثير من الطعون عليها منظورة أمام المحكمة الدستورية العليا. 

وأضاف –في تصريحات خاصة لـ "الفتح"– أن الأكثر من ذلك وما يؤكد أن المحامين يدفعون الضرائب هو تجديد كارنيه نقابة المحامين، وعند التحويل من جدول إلى جدول يكون من ضمن الأوراق المطلوبة البطاقة الضريبة، مشددًا على أن فكرة الفاتورة الإلكترونية لا تتماشى مطلقًا مع طبيعة مهنة المحاماة، بالإضافة إلى أن من لوازم الفاتورة الإلكترونية أن يكون هناك توقيع إلكتروني ورسوم تسجيل وأمور أخرى تصل بقيمة الرسوم إلى 10 آلاف جنيه سنويًا وهو رقم كبير جدا.

وفيما يتعلق بنقابة الأطباء، قال الدكتور خالد أمين، عضو النقابة العامة: إن الفاتورة الإلكترونية نظام جيد للمنشآت الطبية، مثل: المستشفيات والمراكز الطبية، لكنه لا يناسب العيادات الخاصة، وبالتالي لا يمكن تطبيقه عليها، وسيؤدي -إن تم الإصرار على تطبيقه- إما إلى غلق تلك العيادات، أو تهرب العيادات من الترخيص وفتح ملفات ضريبية، مشيرًا إلى أن أسباب رفض تطبيق الفاتورة الإلكترونية على العيادات الخاصة، أولا: أن القانون لا يراعي كونها لا تقوم بعمل سجل تجاري؛ لأنها ليست أماكن تجارية ويمكن ترخيصها داخل المنازل، وثانيا: أنها لا يتم عمل عمليات فيها، بل تكون فيها فقط كشوفات بقيمة بسيطة نسبيًا.

وأضاف عضو نقابة الأطباء - في تصريحات خاصة لـ "الفتح"– أن السبب الثالث هو أن العيادات الخاصة فيها جزء مجتمعي؛ فالطبيب مهما كان ماديًا فلا يأخذ مقابل الكشف لا من أصدقائه ولا أقاربه ولا زملائه من الأطباء، متسائلًا "فكيف سيتم توثيق تلك الحالات؟"، والسبب الرابع هو أنه لن يتم حساب المستهلكات والحسابات الخاصة بتجهيز العيادات أو شراء الأجهزة الطبية؛ فالفاتورة الإلكترونية ستحاسب الطبيب على دخل العيادة بغض النظر عما صرفه عليها، وبالتالي ستساوي بين الطبيب الذي لا يجهز عيادته بتجهيزات كبيرة؛ نظرا لطبيعة تخصصه بالطبيب الذي يحضر أجهزة غالية الثمن مثل السونار مثلا الذي قد يبلغ سعره نصف مليون جنيه وغيره من الأجهزة الطبية، مطالبًا الأطباء بعدم التسجيل في الفاتورة الإلكترونية حتى تفهم النقابة كيف سيتم تطبيقها، ويتم مناقشة وزارة المالية ومصلحة الضرائب في الاعتراضات التي لدى النقابة، ومطالبًا وزارة المالية بتطبيق الفاتورة الإلكترونية على المستشفيات والمراكز الطبية والعيادات التخصصية واستثناء العيادات الخاصة من تطبيقها.

وبدوره، يرى الدكتور خالد سليم، نقيب الأطباء البيطرين، أن تطبيق الفاتورة الإلكترونية على أعضاء نقابته أمر مجحف وسوف يتم عقد اجتماع بين النقابة ووزارة المالية سيحضره نائب وزير المالية وقيادات مصلحة الضرائب؛ لمناقشة الموضوع، مشيرًا إلى أن مهنة الطب البيطري مهنة ذات طبيعة خاصة؛ إذ تتعامل مع حيوانات ومالكي تلك الحيوانات، متسائلًا "فكيف سيتم عمل فواتير خلال هذا التعاملات؟".

وطالب نقيب الأطباء البيطرين - في تصريحات خاصة لـ "الفتح" – وزارة المالية، بعمل دراسة متأنية لآلية التطبيق تراعي طبيعة كل مهنة بشكل منفصل؛ إذ لا يمكن جمع كل المهن في قانون واحد؛ لوجود اختلافات جوهرية بين كل مهنة وأخرى، مؤكدًا أن هناك أعباء على مقدم الخدمة لابد من وضعها في الاعتبار، متسائلًا "هل ستراعي الفواتير التزامات الأطباء البيطريين المختلفة أم أنها ستحدد فقط دخل الطبيب ثم تطالبه بدفع قيمة الفاتورة دون النظر للالتزامات؟!".

وعن رأي المحاسبين، قال مصطفى محمود مغربي، المحاسب القانوني ومراقب الشركات المساهمة: إننا من حيث المبدأ مع التحول الإلكتروني، لكن المهم أن يكون هناك تدرج في هذا التحول وتكون هناك توعية في البداية بمفهوم الفاتورة الإلكترونية والإيصال الإلكتروني وما البديل لهما، لا أن يكون هناك إرهاق للمطالبين بالتسجيل في الفاتورة الإلكترونية سواء في كثرة الإجراءات أو الالتزامات المادية الكبيرة؛ فلابد أن يكون هناك تبسيط للتسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية في البداية.

وأشار المحاسب القانوني –في تصريحات خاصة لـ "الفتح"– إلى أنه من المفترض أن يطالب بهذه الفاتورة الشركات الكبيرة، وليس المحال الصغيرة والورش الصغيرة، متسائلًا "كيف سيتعامل أصحاب المحال والورش الصغيرة مع الفاتورة الإلكترونية ومعظم العاملين فيها تنتشر بينهم الأمية؟ وكيف يمكنهم التعامل مع الأجهزة التكنولوجية المطالب بالتسجيل من خلالها؟"، مطالبًا أن تكون هناك مهلة أكبر للتسجيل.