• الرئيسية
  • مواد مميزة
  • أهمها التوبة والتزام الشرع.. عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية يعدد سبل علاج الأزمة الاقتصادية

أهمها التوبة والتزام الشرع.. عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية يعدد سبل علاج الأزمة الاقتصادية

  • 123
فضيلة الشيخ شريف الهواري - عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية

قال الشيخ شريف الهواري، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، إنه مما لا يخفى على أحدٍ أن الأزمة الاقتصادية اليوم تعصف بالعالم شرقًا وغربًا، وهذه الأزمة الشديدة انشغل بمعرفة أسبابها وسبل مواجهتها الجميع؛ بداية من الشعوب، مرورًا بالسَّاسة وأصحاب القرار، وأرباب الفكر والاقتصاد، ولكن هذه الأزمة تستوجب منا وقفاتٍ لبيان بعض الجوانب الشرعية المهمة المتعلِّقة بها، ومن منطلق الشعور بالمسؤولية، وحرصًا منا على البلاد والعباد، كانت هذه الكلمات؛ حتى يُصحح المسار، ونصل إلى برِّ الأمان جميعًا.

وأوضح عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية في مقال له نشرته جريدة الفتح الورقية (المقال كاملا)، سبل علاج الأزمة الاقتصادية وهي كالآتي:

سبل علاج الأزمة الاقتصادية:

١- التوبة الصادقة والنصوح: قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً ‌نَصُوحًا) (التحريم: 8)، وقال -سبحانه-: (‌وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور: 31)، وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "‌ما ‌نزل ‌بلاءٌ ‌إلّا ‌بذنب، ولا رُفِع بلاءٌ إلّا بتوبة".

٢- تحقيق التقوى: والتقوى التي نعنيها أن تكون رهن الإشارة وطوع الأوامر، وأن توجد حيث أُمِرتَ، وتُفتقَد حيث نُهيتَ، بذلك يُحُبُك الله -تبارك وتعالى-؛ حيث قال: (إِنَّ اللَّهَ ‌يُحِبُّ ‌الْمُتَّقِينَ) (التوبة: 4)، ويكون معك: (إِنَّ اللَّهَ ‌مَعَ ‌الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل: 128) ويتولاك، (وَاللَّهُ ‌وَلِيُّ ‌الْمُتَّقِينَ) (الجاثية: 19)، وبعد ذلك يأتي الفرج.

أولًا: بتيسير الأمور: قال -تعالى-: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ ‌يُسْرًا) (الطلاق: 4).

ثانيًا: يجعل لك المخرج، ويرزقك من حيث لا تحتسب، قال -تعالى-: (‌وَمَنْ ‌يَتَّقِ ‌اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) (الطلاق: 2-3).

ثالثًا: يطرح لك البركة، قال -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ ‌بَرَكَاتٍ ‌مِنَ ‌السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (الأعراف: 96).

3- الاستقامة: قال -تعالى-: (وَأَلَّوِ ‌اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) (الجن: 16)، والاستقامة المقصودة هنا هي: ألا تلتفت لغير الله، وكما قال عمر -رضي الله عنه-: "استقاموا لله بطاعته، ولم يروغوا ‌روغان ‌الثعالب" (الزهد والرقائق لابن المبارك)، ومعنى الآية: لو أن عبادنا استقاموا على أمرنا؛ لوسَّعنا عليهم في معيشتهم، ولعاشوا في رغدٍ مِن العيش وسعادة.

4- حُسن التوكل على الله: ويكفينا في ذلك قوله -تعالى-: (‌وَمَنْ ‌يَتَوَكَّلْ ‌عَلَى ‌اللَّهِ ‌فَهُوَ ‌حَسْبُهُ) (الطلاق: 3)، وكذلك قوله -تعالى-: (اللَّهُ ‌خَالِقُ ‌كُلِّ ‌شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (الزمر: 62)، وفي الحديث: (‌لَوْ ‌أَنَّكُمْ ‌تَتَوَكَّلُونَ ‌عَلَى ‌اللهِ ‌حَقَّ ‌تَوَكُّلِهِ، ‌لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).

5- الشكر لما أعطانا من النعم: قال -تعالى-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ ‌لَئِنْ ‌شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) (إبراهيم: 7)، وفي الحديث: "وَعَلَيْكَ ‌بِالشُّكْرِ؛ ‌فَإِنَّ ‌الشُّكْرَ ‌زِيَادَةٌ" (أخرجه ابن أبي الدنيا في الشكر، وضعفه الألباني).

6- الاستغفار: قال -تعالى-: (‌فَقُلْتُ ‌اسْتَغْفِرُوا ‌رَبَّكُمْ ‌إِنَّهُ ‌كَانَ ‌غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) (نوح: 10-12)، وفي الحديث: (‌مَنْ ‌لَزِمَ ‌الِاسْتِغْفَارَ ‌جَعَلَ ‌اللَّهُ ‌لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) (أخرجه أبو داود، وقال الشيخ أحمد شاكر: "إسناده صحيح").

7- الإنفاق ولو في الأزمة: قال -تعالى-: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا ‌تُنْفِقُوا ‌مِنْ ‌شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (آل عمران: 92)، وفي الحديث القدسي: (يا ابْنَ آدَمَ، أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ) (متفق عليه)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌أَنْفِقْ ‌بِلَالُ، ‌وَلَا ‌تَخْشَ ‌مِنْ ‌ذِي ‌الْعَرْشِ ‌إِقْلَالًا) (رواه الطبراني في المعجم الكبير، وصححه الألباني)، وقال أيضًا -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثةٌ أقسِمُ عليْهنَّ وأحدِّثُكم حديثًا فاحفظوهُ... قَالَ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ... ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

ولذلك نقول: مِن سُبُل العلاج في ظلِّ هذه الأزمة، هو أن تكفل يتيمًا، وتساعد فقيرًا أو مسكينًا، وأن تسعى في قضاء حوائج الناس على قَدْر الطاقة والسعة.

8- محاربة الفساد: من طرق العلاج -بالإضافة إلى ما سبق-: محاربة الفساد، ومنع الظلم، وتجريم الإسراف والتبذير، وتشجيع الصناعات الصغيرة، والاستغناء عن جميع المواد المستوردة، واستعمال البدائل المحلية إلا ما لا بد منه، ولا بديل له.

9- الدعاء والتضرع: ومِن أعظم سُبُل العلاج: الدعاء والتضرع إلى الله -تبارك وتعالى-؛ ليُرفع عنا ويُفرِّج عنا ما نحن فيه، ومن هذه المعاني: قوله -تبارك وتعالى- تسلية لعباده: (‌لَا ‌تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (النور: 11)، وقوله: (‌وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (البقرة: 216).

إن مثل هذه الأزمة والشدة التي نتعرَّض لها إنما هي لاستخراج الدعوات منا، قال -تعالى-: (‌فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) (الأنعام: 42)، وقال -سبحانه-: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا) (الأنعام: 43)، وقال -تعالى-: (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ ‌تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ . قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ) (الأنعام: 63-64)، وقال أيضًا: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا ‌يَتَضَرَّعُونَ) (المؤمنون: 76).

ومما يجدر الإشارة إليه هنا: أن الدعاء والتضرع في هذا الموطن مِن الآثار الإيجابية المترتبة على هذه الأزمة، والتي منها أيضًا: ظهور عمل أهل الصلاح والتقى من رعاية الفقراء، والمساكين، والأيتام، وكذلك تصفية الصف لبيان أهل الاستغلال والاحتكار مِن أهل التقى والورع، وغيرها مِن المعاني الإيمانية الأخرى.

10- تفعيل نظام الاقتصاد الإسلامي: من الحلول أيضًا: تقديم نظام الاقتصاد الاسلامي كبديل اقتصادي ناجح، بعد فشل النظام الاشتراكي والرأسمالي في حلِّ هذه الأزمة.

وفي الختام... نوصي بالحذر من الشائعات، وأثرها الوخيم في مثل هذه الأزمات؛ فإن لنا أعداءً يتربصون بنا لنسقط.

وكذلك احذروا مِن التعامل بالعواطف المجردة؛ لأنها تؤدي إلى الاندفاع والتسرع، وقد تُستغل للتهييج والإثارة؛ لإحداث الفوضى والفتنة.


نسأل الله -عز وجل- أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كلِّ شرٍّ وسوءٍ.